أحيى الفلسطينيون، أمس الثلاثاء، الذكرى الرابعة والثلاثين ليوم الأرض، في ظل تصاعد غير مسبوق في سياسة سرقة الأراضي والاستيطان والتهويد وتزوير التاريخ وتغيير الجغرافيا، التي تنتهجها العصابات الصهيونية الإجرامية، وفي ظل إغلاق تامّ فرضته على الضفة الغربيةالمحتلة، وحصار مشدّد على المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدسالمحتلة. ويشكل هذا اليوم معلماً بارزاً في التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني باعتباره اليوم الذي أعلن فيه الفلسطينيون تمسكهم بأرض آبائهم وأجدادهم، وتشبثهم بهويتهم الوطنية والقومية وحقهم في الدفاع عن وجودهم، رغم عمليات القتل والإرهاب والتنكيل، التي كانت وما زالت تمارسها سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، بهدف إبعاده عن أرضه ووطنه. ففي هذا اليوم منذ 34 عاما، أي عام ,1976 اجتاحت دبابات الاحتلال الصهيوني قرى الجليل في محاولة لكسر الإضراب الاحتجاجي على قرار مصادرة الأرض من دون أن تنجح، حيث ارتقى 6 شهداء، وجرح المئات، ومرّت العقود وصارت تلك الذكرى عنواناً لمرحلة لم تنته بعد. وتأتي ذكرى يوم الأرض هذا العام والاحتلال الصهيوني لا يزال مصرا على مواصلة عملياته الإرهابية ضد الفلسطينيين من قتل وقصف وتدمير واعتقال وحصار، واستفحال الاستيطان وتسارع وتيرة البناء في الجدار، وتهويد القدس عبر سياسة ممنهجة في هدم المنازل، لفرض هجرة قسرية على أبناء شعبنا الفلسطيني في المدينة. وكانت لجنة المتابعة العربية في أراضي العام 1948 قد دعت إلى إحياء ذكرى يوم الأرض عبر المشاركة في مهرجان جماهيري في النقب احتجاجاً على ما يعانيه الفلسطينيون هناك من مصادرة أراضٍ وهدم بيوت، وبمسيرة مركزية نظمت ظهر أمس في مدينة سخنين، فيما شدّدت معظم القوى والفصائل الفلسطينية على ضرورة أن تكون هذه المناسبة فرصة لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية. واستبق الكيان الصهيوني ذكرى يوم الأرض، الذي يتزامن هذا العام مع بدء الاحتفالات بعيد الفصح اليهودي، بفرض المزيد من الإجراءات القمعية بحق الفلسطينيين في القدس والضفة، حيث واصلت قوات الاحتلال إغلاق معظم بوابات المسجد الأقصى، حيث منع المصلون من جميع الأعمار من الدخول إلى المسجد، أول أمس، فيما اتخذت إجراءات مشابهة على بوابات البلدة القديمة. كما فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي إغلاقاً تاماً للضفة الغربية حتى السادس من أبريل +لدواع أمنية؛ في مناسبة عيد الفصح اليهودي. وبمناسبة هذه الذكرى، أحيى نشطاء فلسطينيون وأجانب، أول أمس، عبر مسيرة سلمية على تخوم المنطقة الأمنية العازلة التي أقامها الاحتلال في شمال قطاع غزة. وارتدى المشاركون في المسيرة الأسبوعية التي تنظمها المبادرة المحلية احتجاجا على إقامة إسرائيل منطقة أمنية عازلة على طول حدود قطاع غزة الثوب الفلسطيني الشعبي والكوفية السوداء. وغرس المتظاهرون الأعلام الفلسطينية في منطقة الحزام الأمني التي فرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الأعوام الثلاثة الماضية، تعبيرا عن رفضهم لاستمرار مصادرة وتصحير الأراضي الفلسطينية. ورفع المتظاهرون بمشاركة شخصيات سياسية فلسطينية ونشطاء من حركة التضامن الدولية الأعلام الفلسطينية ولافتات تطالب برفع الحصار وإنهاء الاحتلال أمام أنظار الجيش الإسرائيلي. وردد المتظاهرون شعارات من بينها عاش يوم الأرض الخالد، الأرض مش للبيع، حقنا في العودة للأرض كالشمس التي لا تغيب، وتخللت المسيرة فقرات شعبية تراثية لتأكيد التمسك الفلسطيني بالأرض المحتلة. وقال منسق المبادرة صابر الزعانين، خلال كلمة أمام المشاركين في المسيرة إن المظاهرات الشعبية الفلسطينية لن تتوقف من أجل رفض المنطقة العازلة التي يفرضها الجيش الإسرائيلي الذي لم يتوقف يوما عن سلب الأرض وقتل الإنسان الفلسطيني. وأكد أن رسالة الفلسطينيين هي أن معركة الأرض لم تنته في الثلاثين من مارس بل هي مستمرة طالما استمرت سياسة مصادرة الأراضي الفلسطينية واحتلالها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والتي تهدف إلى إبعادهم عن وطنهم. وفي الأراضي المحتلة عام ,48 نظمت لجنة متابعة قضايا التعليم العربي في المدارس العربية، العديد من الفعاليات والنشاطات التربوية والتثقيفية، لتعميق البعد التثقيفي الوطني والقومي لهذه المناسبة. أما الحركة الإسلامية فنظمت للعام الخامس على التوالي، معسكر التواصل مع النقب الذي تضمن إنجاز عشرات المشاريع، بهدف دعم صمود فلسطينيي النقب على أراضيهم التي تتعرض للمصادرة. كما شمل صيانة مدارس ومقابر ومساجد في النقب وزراعة أشجار الزيتون في عدة مناطق هناك. وشارك آلاف الفلسطينيين بينهم نواب عرب في الكنيست الإسرائيلي وقادة محليون في المسيرة الجماهيرية التي نظمت في مدينة الطيبة (وسط فلسطينالمحتلة) التي تهدد سلطات الاحتلال بهدم عشرات المنازل فيها. وأصدرت لجنة المتابعة العليا لشؤون فلسطينيي النقب بيانا دعت فيه إلى أوسع مشاركة جماهيرية في مسيرات سخنين والنقب والطيبة. وأشارت اللجنة في بيانها إلى أن ذكرى يوم الأرض تحل هذه السنة في ظل ظروف تتصاعد فيها الأحداث والتحديات التي تواجه الجماهير العربية الفلسطينية في البلاد. وفي السياق ذاته، أصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تقريراً، أظهر أن أكثر من 85 في المائة من فلسطين التاريخية أصبحت تحت السيطرة الإسرائيلية، وأن 55 في المئة من المستوطنين في الضفة الغربية يسكنون في محافظة القدس. وحسبما ذكرت صحيفة السفير اللبنانية، أشار التقرير إلى أنّ مساحة الأراضي الفلسطينية المعزولة والمحاصرة بين جدار الفصل العنصري والخط الأخضر بلغت نحو 555 ألف دونم، أي ما نسبته حوالى 8,9 في المئة من مساحة الضفة الغربية، في حين بلغت المساحة الواقعة شرقي الجدار، والمحاطة بجدار جزئي أو كامل، حوالى 191 كيلومتر مربع، أي ما نسبته حوالى 4,3 في المئة من مساحة الضفة، فيما أقام الاحتلال منطقة عازلة بعرض 1500 متر، على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، والبالغة نحو 58 كيلومتراً، ما يعني أنها ستقتطع 87 كيلومتراً مربعاً من إجمالي مساحة قطاع غزة (أي 24 في المئة من مساحته). ولفت التقرير إلى أنّ قوات الاحتلال هدمت ما يزيد عن 23 ألف ومئة وحدة سكنية في الأراضي الفلسطينية بين العامين 1967 و,2009 بحجة مقاومة الاحتلال أو البناء من دون ترخيص.