تواصل قوات الإسرائيلية حملتها الشرسة ضد الشعب الفلسطيني ومؤسساته ومنشآته الاقتصادية والمدنية، مخلفة وزراءها الدمار والخراب. وأكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن قوات الاحتلال دمرت منذ بدء اعتداءاتها على الفلسطينيين قبل أكثر من ثلاث سنوات أكثر من 330 منشأة صناعية واقتصادية. وقال المركز في تقرير حصل مراسل "التجديد" على نسخة منه إن الأراضي الفلسطينية المحتلة تتعرض منذ بداية انتفاضة الأقصى، في التاسع والعشرين من أيلول/ سبتمبر 2000، لانتهاكات جسيمة، على أيدي سلطات الاحتلال الإسرائيلي وقواته العسكرية. وأضاف أن هذه الممارسات تستهدف السكان المدنيين الفلسطينيين وأعيانهم وممتلكاتهم المدنية، وتتميز بأنها مصحوبة بأعنف موجة من الانتهاكات المنظمة والممنهجة للحقوق المدنية والسياسية، فضلاً عن انتهاكها للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني. وقال إن قوات الاحتلال ومجموعات مستوطنيه كرست بقرارات سياسية عليا، شكلاً جديداً في التعاطي مع الأحداث اليومية لانتفاضة الأقصى، وعمدت القوات إلى استخدام سياسات عسكرية وخطط ميدانية تعمل على إحداث الأضرار الشاملة والكلية في الأرواح والممتلكات الفلسطينية على حد سواء. الاستخدام المفرط للقوة وأوضح أنه منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي، في حزيران/ يونيو 1967، لم تقدم قواته على الاستخدام المفرط للقوة، وعلى نطاق واسع كالذي نشهده اليوم، في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد شملت العمليات العسكرية الإسرائيلية، لقمع الانتفاضة الفلسطينية، الغارات الجوية عبر طلعات حربية جوية بطائرات ف 16 والكوبرا والأباتشي الهجومية، والقصف البحري من الزوارق الحربية التي تحتل شواطئ قطاع غزة، بالإضافة إلى القصف العنيف بالدبابات والمدرعات الحربية التي تحاصر مداخل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وصواريخ أرض- أرض التي تنطلق من قواعد منصوبة على امتداد الحدود الشرقية لقطاع غزة. كما تعددت الذخائر الحربية المستخدمة ضد السكان وممتلكاتهم، حيث تجاوزت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي الاستخدام التقليدي للذخائر من الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت وراجمات الحجارة والرصاص المعدني المغلف بالمطاط والرصاص الحي والأنواع الأخرى من الرصاص المتفجر(الدمدم) الذي سبق واستخدمته في الانتفاضة الأولى. وتابع تقرير المركز: إضافة إلى العديد من الأسلحة، التي ذكرناها، فقد أقدمت هذه القوات على استخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والقذائف الصاروخية المضادة للأفراد والقذائف المضادة للدروع. كما قصفت هذه القوات مدن وقرى ومخيمات الأراضي الفلسطينية المحتلة بصواريخ أرض- أرض وصواريخ جو-أرض. علاوة على ذلك استخدمت قوات الاحتلال الجرافات الثقيلة لهدم المنازل السكنية وتجريف الأراضي الزراعية وهدم المنشآت الصناعية وكافة مقدرات البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني. استهداف المنشآت المدنية وأكد أن العمليات الحربية المتنوعة سابقة الذكر، التي نفذتها ولا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي، استهدفت وبشكل مكثف المنشآت المدنية والأحياء السكنية للمدنيين الفلسطينيين، إضافة إلى العديد من الأبنية والمنشآت التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية التي تقع جميعها في مناطق مكتظة بالسكان والمباني السكنية. وقد تسببت في تدمير كامل وشامل لمئات بل لآلاف الممتلكات والأعيان المدنية من منازل ومصانع وورش عمل وأراضي زراعية ومزارع طيور وأبقار وأغنام، كما ألحقت أضراراً جزئية في منشآت أخرى لم يستطع مالكيها الوصول إليها لإصلاحها، أو الاستفادة منها، وهو ما كبدهم خسائر فادحة، أثرت وستؤثر لاحقاً على تمتعهم بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن حقوقهم المدنية والسياسية. ويغطي تقرير المركز وهو الثاني الذي يصدره المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان حول تدمير المنشآت الصناعية والتجارية في قطاع غزة الفترة بين 1/10/2002وحتى 30/12/2003. ويقتصر على رصد وتوثيق عمليات التدمير، التي قامت بها قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي للمنشآت الصناعية والتجارية خلال الفترة المذكورة في قطاع غزة. ووفقا لتوثيق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فقد دمرت هذه القوات ( 200 )، مصنعا ومحلا تجاريا، منها (145)، منشأة تم تدميرها بشكل كلي، و(55 ) دمرت بشكل جزئي، الأمر الذي أدى إلى تكبيد أصحابها خسائر مادية فادحة. كما توقف عن العمل حوالي (850) عاملا، من الذين يعملون في هذه المنشآت. وقد ساهم ذلك في زيادة تدهور قطاع الصناعة وبالتالي تدهور الاقتصاد الفلسطيني، لا سيما وأن قطاع الصناعة كان يساهم بنسبة 18% من إجمالي الناتج المحلي حتى عام 1999، وزادت هذه النسبة إلى 21% في العام 2000 استمرار التدمير وقال التقرير إن "عمليات قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي ضد المنشآت الاقتصادية الفلسطينية سابقة الذكر، هي امتداد للعمليات التي نفذتها تلك القوات منذ بداية الانتفاضة في 29/9/2000وحتى 30/9/2002، حيث قامت تلك القوات بتدمير 133، مصنعا ومحلا تجاريا، منها 62، مصنعا تم تدميرها بشكل كلي، وحوالي 71 منشأة دمرت بشكل جزئي، وذلك خلال الفترة المذكورة". وأضاف أن مجموع ما دمرته قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي من المنشآت الاقتصادية الفلسطينية منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير حوالي 333 منشأة صناعية وتجارية، 207 منشأة دمرت تدميراً كلياً، و 136 منشأة دمرت تدميراً جزئياً. ووصف المركز تلك الأعمال بأنها انتهاك جسيم لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والتي تعتبرها جرائم حرب يعاقب مقترفيها أو من يأمر باقترافها. وقال إن "المجتمع الدولي أصبح مطالباً اليوم وأكثر من أي وقت مضى باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير التي تكفل احترام سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي لاتفاقية جنيف الرابعة وتطبيقها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصاً أن الأطراف السامية المتعاقدة على الاتفاقية أعادت تأكيد انطباق الاتفاقية على وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك في مؤتمريها اللذين عقدا في يوليو 1999 وديسمبر 2001". ومع ذلك أشار التقرير إلى أن سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي لا تزال تصر على عدم الاعتراف بانطباق الاتفاقية وأحكامها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأكثر من ذلك فإنها تتمادى في ممارساتها العدوانية ضد كافة المنشآت والأعيان والممتلكات المدنية الفلسطينية، الثابتة أو المنقولة، وسواءً تلك المملوكة لأشخاص مدنيين أو للمنظمات الاجتماعية أو حتى تلك التابعة للسلطة الفلسطينية. غزة-عوض الرجوب