واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلية إجراءاتها القمعية ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته، كما واصلت عمليات المداهمة والاعتقال بحق الفلسطينيين رغم أجواء التهدئة السائدة في الأراضي الفلسطينية. وأكد تقرير أعده المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تلقى مراسل التجديد نسخة منه ويغطي الفترة بين شهري مايو 2004 ومايو 2005 أن الاحتلال واصل وبشكل ممنهج تدمير الممتلكات المدنية وتجريف الأراضي الزراعية وهدم المنازل السكنية. حصار وإغلاق وذكر التقرير أن قوات الاحتلال تواصل اعتقال المدنيين على الحواجز وفرض الحصار المشدد على قطاع غزة وإغلاق المعابر الحدودية بين الفترة والأخرى، وإغلاق الطرق الرئيسية والفرعية التي كانت قد أغلقتها منذ بدء الانتفاضة، مما خلف واقعا مأساويا وظروفا حياتية صعبة جدا. وأشار إلى أن المناطق التي شهدت عمليات تدمير الممتلكات وهدم المنازل وتجريف الأراضي، بقيت تعيش واقعاً غير آمن، حيث لا تزال آلاف الأسر والعائلات مشتتة، بدون مأوى خاص لها، كما لا يزال أصحاب الأراضي الزراعية غير قادرين على إعادة إصلاح تلك الأراضي سواء بسبب قلة الإمكانيات المادية، أو بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى أراضيهم نتيجة قربها من المواقع العسكرية لجنود الاحتلال، أو لقربها من المناطق الحدودية أو المستوطنات. وأوضح تقرير المركز الفلسطيني أنه في الوقت الذي التزم فيه الفلسطينيون بالتهدئة شهدت الضفة الغربية ازديادا ملحوظا في وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية، خاصة عمليات سلب الأراضي واقتلاع الأشجار وتجريف الأراضي الزراعية وهدم المنازل السكنية، حيث تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلية بناء الجدار الفاصل الذي يلتهم آلاف الدونمات الزراعية التي تعود لمواطنين فلسطينيين. تجريف نحو 9 آلاف دنم ووفقا لتوثيق المركز خلال الفترة التي يغطيها التقرير، فقد جرفت تلك القوات ما مجموعه 8807 دونماً، من الأراضي الزراعية، فيما قامت بهدم وتجريف العشرات من شبكات الري ومضخات المياه التابعة للأراضي الزراعية، كما طالت أعمال الهدم ممتلكات السكان من الثروة الحيوانية كخلايا النحل المنتجة للعسل وحظائر الحيوانات والطيور، وأتت أيضا على عدد كبير من مخازن المزارعين وأسوار المزارع وبعض البيوت المصنوعة من الصفيح. وأكد التقرير أن قوات الاحتلال هدمت 992 منزلاً سكنياً بشكل كلي، فضلاً عن حوالي 707 منزلاً أصيبت بأضرار جزئية مختلفة. كما أسفرت عمليات هدم المنازل السكنية عن تشريد سكانها دون أي نوع من الإخطار المسبق، ودون أن يتمكنوا من نقل ممتلكاتهم من داخل منازلهم. واقع مأساوي وحسب التقرير فقد خلفت تلك العمليات غير القانونية واقعا إنسانيا مأساويا لشاغليها، كونها كانت تتم في ظروف مفاجئة لهم ودون أي إبلاغ أو تحذير مسبق من قبل قوات الاحتلال، وأصبح حوالي 18681 شخصا بدون مأوى، بواقع 2963 عائلة، حيث أصبحوا بحاجة ماسة لتوفير احتياجاتهم الرئيسية من الغذاء والملابس والرعاية الصحية والمأوى المناسب. ويؤكد تقرير المركز أن مساحة ما جرفته قوات الاحتلال من الأراضي الزراعية منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى نهاية شهر مايو 2005 يصل إلى حوالي 31699 دونماً، أي قرابة 20% من مجموع الأراضي الزراعية للقطاع، البالغ مساحتها 156720 دونم. أما مجموع المنازل التي هدمتها قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بشكل كلي حوالي 2704منزلا، فضلا عن 2185منزلاً أصيبت بأضرار مختلفة. وقد خلفت عملية هدم المنازل تشريد وتشتيت حوالي 49979 شخصاً، أصبحوا يعيشون بدون مأوى، وذلك بواقع 6379 عائلة. نموذج صارخ وحسب التقرير فقد شكلت محافظة رفح حالة كارثية ونموذجا صارخا لعمليات هدم وتدمير منازل السكان المدنيين على مستوى الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، حيث دمرت قوات الاحتلال منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى 31/5/2005، حوالي 1467 منزلا تدميرا كليا فيها، وتعرضت مئات المنازل والوحدات السكنية لعمليات تدمير جزئية، أصبح معظمها غير صالح للسكن. وشكلت الفترة التي يغطيها التقرير نموذجاً تصعيدياً في ارتفاع حجم عمليات الهدم والتدمير للمنازل في هذه المحافظة، حيث دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي 435 منزلاً فيها. وقد تركزت هذه العمليات على امتداد الشريط الحدودي مع مصر، وتركزت في أجزاء كبيرة من مخيم رفح. ووصف التقرير منطقة بيت حانون في محافظة الشمال بأنها من أكثر المناطق التي طالتها عمليات تجريف الأراضي الزراعية، وأنها "منطقة منكوبة" بعد تعرضها إلى اجتياحات متكررة كان آخرها في الفترة ما بين 29/6-5/8/2004، وقد نتج عن ذلك تجريف 4005 دونم زراعي. وفي معظم الأحيان كان يصاحب الاجتياحات فرض حصار مشدد علي المنطقة، ومن ثم عمليات تجريف وتدمير للممتلكات والبنية التحتية. فقدان العمل وأوضح تقرير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن الانتهاكات الصارخة التي نفذتها قوات الاحتلال في قطاع غزة تسببت في تدهور غير مسبوق للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لأهالي القطاع، خاصة للمزارعين الذين فقدوا ممتلكاتهم وكذلك أولئك الذين أصبحوا بدون مأوى. وأوضح أن هذه الانتهاكات حرمت آلاف العمال الذين كانوا يعملون في زراعة وفلاحة تلك الأراضي من الاستمرار في شغلهم لأعمالهم، وبالتالي فقد انضم هؤلاء العمال إلى صفوف العاطلين عن العمل، حيث فقدوا مصدر رزقهم الذي يعتاشون منه هم وعائلاتهم، وأصبحوا في عداد العائلات الفلسطينية التي تعيش تحت مستوى خط الفقر. وأشار إلى أن سياسة هدم المنازل وتجريف الأراضي التي قامت بها قوات الاحتلال خلفت أيضا آثارا كارثية على البيئة. حيث تحولت آلاف الدونمات من أراضي طبيعية وزراعية إلى مناطق صفراء وجرداء غير قابلة للاستخدام الزراعي في الوقت الحالي. موضحا أن إعادة استصلاح هذه الأراضي يحتاج إلى أموال طائلة ليس بمقدور أصحابها توفيرها. فضلاً عن حرمان السكان من الفوائد التي تؤديها عشرات الآلاف من الأشجار في تلطيف البيئة والمناخ، وذلك جراء اقتلاعها وتسويتها في الأرض من قبل قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي. انتهاكات جسيمة وأضاف التقرير أن سياسة الاعتداءات المنظمة التي تقوم بها قوات الاحتلال على الأراضي الزراعية الفلسطينية ومنازل السكان المدنيين، شكلت، ولا تزال بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني، انتهاكات جسيمة وخطرة وجزءا من العقوبات الجماعية التي تحظرها قواعد هذا القانون. وقال إن قيام تلك القوات بهذه الأعمال لا يمكن أن يفسر إلا في إطار ما يمكن أن يسمى أعمالاً انتقامية ضد المدنيين وممتلكاتهم من الأعيان المدنية، وهي أعمال غير قانونية، بل ومخالفة للقواعد والأعراف الدولية، وينبغي ملاحقة مقترفيها ومن أعطى الأوامر بارتكابها. فلسطين - عوض الرجوب