أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد الطيب الفاسي الفهري، مساء أمس الخميس بلندن، أن المغرب، القوي باختياراته المبدئية، يواصل مسلسله الإصلاحي في ظل الاستمرارية ودون توقف . وأوضح الوزير، الذي ألقى محاضرة بمقر المعهد الملكي للشؤون الدولية العريق (يوجد مقره بلندن)، بحضور سفيرة المغرب ببريطانيا الشريفة للا جمالة والسفير البريطاني بالمغرب السيد تيم موريس، أن "الإصلاح الذي لم يكن أبدا من المواضيع المحظورة بالمغرب، نابع من رؤية واضحة، قوية وشجاعة في الآن نفسه". وأبرز السيد الفاسي الفهري أمام نخبة من الدبلوماسيين ورجال السياسة والباحثين، الاختيارات الحكيمة التي اعتمدها المغرب منذ استقلاله سنة 1956، مشيرا على الخصوص إلى منع العمل بالحزب الوحيد واعتماد التعددية. وذكر الوزير خلال هذا اللقاء، الذي نظم حول موضوع " مغرب مزدهر في مناخ إقليمي متغير" والذي نشطته السيدة كلير سبنسر مديرة قسم الشرق الأوسط/ شمال إفريقيا بالمعهد الملكي للشؤون الدولية، بأن الدستور المغربي تم تعديله خمس مرات منذ سنة 1962 . وقال أيضا " إننا بلد تندرج اختياراته في إطار الاستمرارية، مع الأخذ بعين الاعتبار بشكل منتظم تطور مجتمعنا وتطلعاته". وأبرز أن الإصلاحات التي أعلن عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه إلى الأمة أول أمس الاربعاء " تعد خطوة جديدة هامة وتاريخية في الآن نفسه " ، موضحا أن هذه الإصلاحات تعتبر ثمرة مسلسل لم ينطلق حديثا . وسجل في هذا الصدد، أن المملكة لديها القدرة اللازمة لتدبير الجهوية المتقدمة كخيار جديد وفوري. وتابع الوزير "غير أنه بعيدا عن هذا المسلسل الواعد للجهوية الملموسة، فان الإصلاح الدستوري سيشمل جميع القطاعات"، مبرزا أن الإعلان عن هذه الإصلاحات لاقى ترحيبا من قبل جميع الأحزاب السياسية والقوى الحية للامة ، فضلا عن شبابها. كما قال إن المسلسل سيتم في إطار الحوار والتشاور مع الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق هنا ب"إصلاحات شجاعة، لكنها هادئة"، ستمكن المواطنين من المساهمة والمشاركة في التطورات الديمقراطية والاقتصادية لبلدهم. وركز السيد الفاسي الفهري، في هذا الصدد، على ضرورة ضمان مشاركة واسعة في هذا المسلسل الإصلاحي للدستور، القائم على الحوار والمشاركة بعيدا عن أي إقصاء، قبل أن يبرز أهمية الترسيخ الدستوري للأمازيغية باعتبارها مكونا أساسيا للهوية المغربية. من ناحية أخرى، قدم السيد الفاسي الفهري تحليلا عميقا للوضع بالمنطقة العربية، مسجلا أن الأحداث التي عرفتها العديد من البلدان ، تقدم الدليل على أن هذا الجزء من العالم دخل في عهد جديد واعد بأمل في التقدم والانفتاح والحداثة. وقال إن "أي تقدم لا يمكن أن يتحقق دون تنمية تشمل المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك وبالضرورة تطورا ديمقراطيا وسياسيا ". وأوضح أن توزيع نتائج النمو الاقتصادي يجب أن يتم بشكل عادل على الصعدين الاجتماعي والترابي، رافضا إجراء أية مقارنة بين التغييرات التي عرفتها أوروبا الشرقية بعد سقوط جدار برلين والأحداث التي عرفتها المنطقة العربية مؤخرا. وأشار إلى أن الحقائق مختلفة، مبرزا أن الوضع يختلف حتى من بلد عربي إلى آخر. وقال الوزير إن هذا ما يفسر أنه لن تكون لهذه الاحداث تداعيات سلبية بالمنطقة كما ذهب إلى ذلك عدد من المحللين، رغم أن بلدان هذا الجزء من العالم تواجه تحديات متشابهة نسبيا على مستوى الفوارق الاجتماعية وتشغيل الشباب والولوج إلى العلاج والسكن اللائق. + تحذير من أنشطة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بالمنطقة + وحذر وزير الشؤون الخارجية والتعاون، من جهة أخرى، من أن وضع اللاستقرار الذي تعرفه بعض بلدان المنطقة قد يتم استغلاله من قبل تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. ويحاول هذا التنظيم، الذي ينشط جنوبالجزائر ومالي والنيجر وبلدان أخرى بمنطقة الساحل، تعزيز تواجده من خلال الفديات التي يطلبها مقابل الإفراج عن الرهائن الغربيين الذين تختطفهم ومن خلال التهريب بمختلف أشكاله، خاصة تهريب الكوكايين. وأكد أن لأوروبا دورا هاما ليس فقط في إطار مكافحة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، ولكن أيضا ضد جميع هذه المافيات التي تنشط بأوروبا والمنطقة.