صدر مؤخرا للاعلامي حسن اليوسفي المغاري كتاب تحت عنوان "جدلية السياسي والاعلامي في المغرب..علاقة الجريدة بالحزب (1930-1996)". ويرصد الكتاب الصادر عن مطبعة أنفو برنت بفاس أبعاد العلاقة الوثيقة بين تشكل الأحزاب السياسية الوطنية منذ عهد الحماية وظهور منابر إعلامية تعكس واقع التعددية السياسية وتباين مواقف الفاعلين السياسيين تجاه مجمل القضايا الوطنية. ويخلص الكاتب، الذي يشغل منصب مدير اذاعة فاس يايس، الى الاعتراف بريادة صحافة الحزب خلال مراحلها الاولى في التوعية والنهوض بالعقل المغربي من أجل المطالبة بحريته واستقلاله وتربية الحس الوطني في اتجاه الانتقال بالكفاح الوطني من العشوائية الى التنظيم فضلا عن احتضان نوع من "حرية التعبير" السياسي داخل الاطار الاعلامي. أما على المستوى المهني، فيميل المغاري الى الاعتقاد بان جرائد الاحزاب لم تقدم قيمة اضافية في هذا الاطار حيث ظلت " اولا واخيرا بابا مشرعا ومتنفسا للحزب يتيح له فرض وجوده بالمجتمع عبر تمرير خطاباته السياسية". ورأى ان الطابع الحزبي تجاوز الافتتاحيات والخطابات المباشرة ليشمل مختلف ابواب الصحيفة الحزبية في حلتها الثقافية والاجتماعية وحتى الدينية. ومن متابعة تاريخية لعلاقة السياسي بالاعلامي عبر منعطفات هامة في مسار المغرب، يعتبر الكاتب أن الجواب "هو الكفيل اما بالخروج بالصحافة من مأزق التبعية السياسية أو بتكريس واقعها الذي يبدو أنه واقع لا مجال للحياد عنه الا بتوفر أربعة أمور نرى فيها الملاذ الوحيد للفصل بين السياسي والاعلامي". ويتعلق الأمر، حسب المؤلف، "بتوفر الاستقلال التام البعيد عن كل تبعية سياسية، وتوفير جميع الامكانات المادية المساهمة في تطوير المنتج الاعلامي، والزامية توفر حرية التعبير غير المقيدة بأي شرط، وأخيرا ايجاد العقول النيرة التي يكون همها الوحيد الرفع من مستوى مجتمعها فكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا". وقد قدم لهذا الكتاب، ابراهيم اقديم، عميد كلية الاداب والعلوم الانسانية فاس-سايس، الذي اعتبر ان العمل يقدم إضافة علمية هامة من خلال التعريف بالمنابر الصحفية التي لعبت دورا هاما في الاخبار وبلورة الفكر الوطني، وربط التطورات الصحفية مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي عرفها المغرب المعاصر.