أكدت دراسة للمجلس الدستوري حول موضوع "الحقوق الاقتصادية والسياسية من منظور دستوري" على أن تنصيص ديباجة الدستور المغربي على تشبث المملكة بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا وإحداث المجلس الدستوري الذي أوكل إليه الدستور كامل الصلاحية في مراقبة دستورية القوانين "أعطى ضمانات كبرى لحماية الحقوق الاقتصادية والسياسية" في المغرب. واستعرضت الدراسة، التي قدمها رئيس المجلس السيد محمد اشركي ضمن فعاليات الملتقى العلمي السادس لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية المنعقد بطرابلس من 10 إلى 12 يناير الجاري حول نفس الموضوع، الإطار الدستوري للحقوق الاقتصادية والسياسية، والآليات الدستورية لمراقبة احترام هذه الحقوق في المغرب. وأشارت الدراسة في هذا الصدد إلى إقرار الدستور المغربي بالحقوق الاقتصادية كالحق في الشغل وما يترتب عنه من حق في الإضراب والحق في تأسيس النقابات والانخراط في صفوفها ، وتكريس الحق في الملكية وحرية المبادرة الخاصة. كما أشارت إلى إقرار الدستور بالحقوق السياسية كالمساواة بين المواطنين رجالا ونساء في التمتع بالحقوق السياسية والحق في حرية الرأي والتعبير وحرية الاجتماع وتأسيس الجمعيات والانخراط في أي منظمة نقابية وسياسية حسب اختيار المواطنين، وكذا الحق في تأسيس الأحزاب السياسية والانخراط في صفوفها، والحق في الترشيح والانتخاب. وتطرقت الدراسة من جهة أخرى الى الضمانات الدستورية للحقوق الاقتصادية والسياسية والمتمثلة في الفصول المخصصة مباشرة للحقوق والحريات بصفة عامة وفي تنصيص ديباجة الدستور المغربي على التشبث بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا ، وهو ما اعتبرته الدراسة "أساسا دستوريا لكل الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية بما فيها الحقوق الاقتصادية والدستورية". ورأت الدراسة أن اختصاص المشرع وحده بالتشريع في ميدان الحقوق الفردية والجماعية يعد من الضمانات الأساسية للحقوق الاقتصادية والسياسية، معتبرة أن الدستور كرس مبدأ المشروعية "الذي يعتبر ركيزة أساسية لدولة الحق والقانون ولحماية الحقوق والحريات". وأوضحت أن اختصاصات المجلس الدستوري لا تقتصر على الرقابة الدستورية بمفهومها الضيق بل لديه اختصاصات أخرى منها على الخصوص رقابة تطبيق الأحكام الدستورية في توزيع الاختصاص بين السلطتين التشريعية والتنظيمية . وقدمت الدراسة بعض النماذج من أحكام واجتهادات المجلس الدستوري منذ نشأته والى الآن في مجال احترام الحقوق والحريات الاقتصادية والسياسية وحمايتها. وقد اعتبر السيد محمد اشركي في ختام تقديمه للدراسة انه اذا كان القرن التاسع عشر هو قرن دعم البرلمانات والقرن العشرين قرن دعم السلطة التنفيذية فان القرن الواحد والعشرين سيكون هو قرن القضاء الدستوري. وقدم ممثلو الدول أعضاء اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية خلال هذا الملتقى دراسات وبحوث حول الموضوع نفسه انطلاقا من التجربة الدستورية لبلده. ويجدر التذكير بأن الدورة ال13 لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية اختارت في ختام اجتماعاتها رئيس المحكمة الدستورية العليا المصرية المستشار فاروق سلطان رئيسا لها ورئيس مجلس الدستور السيد محمد أشركي نائبا للرئيس كما جددت للامين العام للاتحاد المستشار المصري محمد عبد القادر عبد الله ولاية جديدة.