شكل موضوع "أية جدوى للأحزاب السياسية الجديدة إزاء الديمقراطية" محور ندوة نظمتها المدرسة العليا للتدبير بالرباط، مساء أمس الثلاثاء بالرباط، بمشاركة عدد من قادة الأحزاب السياسية المغربية. وأكد العضو المؤسس لحزب الأصالة والمعاصرة، السيد الحبيب بلكوش، في مداخلة بالمناسبة، أن تأسيس الأحزاب يشكل معطى دستوريا يرسخ التعددية الحزبية التي انخرط فيها المغرب بعد الاستقلال، ويصب بشكل مباشر في صالح الديمقراطية. وأوضح السيد بلكوش أن السؤال الذي يتعين طرحه يتعلق بالدرجة الأولى بقضية العزوف السياسي وانخفاض معدل المشاركة في الانتخابات، مشيرا إلى أن تأسيس "حركة لكل الديمقراطيين" والدينامية التي عرفها المشهد السياسي مؤخرا إثر ذلك، جاءا في إطار السعي إلى خلق وضع جديد يروم إعادة الثقة للمواطنين بخصوص جدوى العمل السياسي. وأكد السيد بلكوش، في هذا السياق، أن المطلوب الآن هو تعزيز انخراط المواطن في العمل السياسي قصد قطع الطريق على من يستغل الانتخابات لأغراض شخصية. من جانبه، اعتبر السيد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن لا مشكلة في بروز أحزاب جديدة في المشهد السياسي، مؤكدا أن التحدي المطروح يتمثل بالأساس في ضرورة تنظيم هذا المشهد واحترام قواعد اللعبة السياسية فيه. وأشار السيد بنعبد الله في هذا الإطار إلى ظاهرة الترحال السياسي التي يتنكر من خلالها المنتخبون للأحزاب التي رشحتهم، وللناخبين الذين صوتوا عليهم. وأكد السيد بنعبد الله، أن تحصين المشهد السياسي والاستمرار في بلورة المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي انخرط فيه المغرب، يتطلب "عودة إلى الأسس والتحالفات التي ساهمت في بروز هذا المشروع" في إشارة إلى تحالف أحزاب الكتلة الديمقراطية. بدوره، انتقد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، السيد عبد الإله بنكيران، ظاهرة الترحال البرلماني التي طغت على المشهد السياسي مؤخرا، معتبرا أن هذا الترحال يشكل "نزوحا جماعيا" يقوم به برلمانيون لا علاقة لهم بالسياسة. وأكد السيد بنكيران أن السبب الرئيسي لظاهرة العزوف عن المشاركة في الانتخابات يتمثل في أن "السياسة أضحت عند الكثيرين وسيلة لتحصيل الثروة". من جهته، أكد السيد الحبيب المالكي عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ضرورة التوفر على آليات جديدة للنضال السياسي، من خلال تعزيز استقلالية الأحزاب، وانخراطها في الحركية المجتمعية. وأبرز السيد المالكي أهمية انفتاح أحزاب الكتلة، التي لم يكن بالإمكان الانخراط في عملية التناوب التوافقي من دونها، على القوى الديمقراطية الأخرى وضرورة مواصلة النضال لتأسيس قطب يساري، قصد تسريع وتيرة الإصلاحات التي تشهدها المملكة. من جانبه، اعتبر القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار السيد محمد أوجار، أنه لا غضاضة في تأسيس أحزاب سياسية جديدة تنضاف إلى الأحزاب القائمة سلفا شرط أن تحتكم جميعها إلى ما تفرزه صناديق الاقتراع في إطار انتخابات شفافة. وأكد السيد أوجار أن المعركة التي يتعين خوضها حاليا، يجب أن تستهدف "لوبيات الفساد" وكذا "من يشتغلون خارج مؤسسات البلاد". وفي معرض حديثه عن الاستحقاقات التشريعية المرتقب تنظيمها سنة 2012، دعا السيد أوجار الأحزاب إلى التحلي بالجرأة الكافية للتكتل في إطار أقطاب قبل إجراء هذه الانتخابات، مؤكدا على ضرورة الانكباب على التباحث بخصوص السبل الكفيلة بجعل هذه المحطة الانتخابية محطة انتقال ديمقراطي حقيقية. من جهتها، انتقدت عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد السيدة نبيلة منيب، عددا من المظاهر ذات الصلة بالمشهد الحزبي بالمغرب، من قبيل ما اعتبرته "تحالفات غير طبيعية" تنشأ بين الأحزاب إثر المحطات الانتخابات، ويحكمها بالدرجة الأولى السباق نحو المقاعد. كما انتقدت السيدة منيب المقتضى القانوني القاضي بمنح التمويل فقط للأحزاب التي تحصل على عتبة 5 بالمائة، مؤكدة أن هناك أحزابا تحمل مشاريع حقيقية لكنها لا تستفيد من التمويل.