عقد مجلس المستشارين، مساء أمس الثلاثاء، جلسة عمومية خصصت لتدخلات الفرق البرلمانية لمناقشة الجزء الأول من مشروع القانون المالي لسنة 2011. واعتبرت بعض فرق الأغلبية، في تدخلاتها خلال هذه الجلسة، أن مشروع القانون المالي لسنة 2011 يأتي ليعزز الحصيلة الحكومية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، "ويبعث على التفاؤل لكونه يعكس في أهدافه المنحى التصاعدي المسجل على مستوى مختلف المؤشرات والذي تجسده الحصيلة الإيجابية في المنجزات على مستوى مختلف برامج السياسات العمومية المعتمدة ". وأبرزت أن المشروع يجسد في أهدافه مبادئ التضامن والعدالة الاجتماعية والإنصاف، ويستحضر منظورا متجددا للمالية العمومية، مضيفة أن مشروع قانون مالية 2011 يروم الانتقال من سياسة اقتصادية مالية محاسباتية صرفة إلى سياسة تنموية شاملة ومتوازنة تستحضر الأبعاد المختلفة للتنمية رغم أنه تم في ظل ظرفية اقتصادية دولية مضطربة أثرت سلبا على الاقتصاد الوطني. وفيما يخص فرضيات مشروع القانون المالي لسنة 2011، اعتبرت فرق الأغلبية أن هذه الأخيرة تؤكد مناعة الاقتصاد الوطني وقدرته على الصمود أمام الأزمات الاقتصادية والمالية الكبرى، "وتعكس العمل الجاد والمسؤول الذي تضطلع به الحكومة في تدبير الشأن العام من جهة، والواقعية السياسية التي تميز بها الأداء الحكومي، القائمة على تحديد الأهداف، على ضوء تشخيص دقيق للإمكانيات المتاحة من جهة ثانية". وأبرزت في هذا السياق أن تحديد معدل النمو في 5 بالمائة سنة 2011 يعد خيارا استراتيجيا "ويؤكد قوة إرادة الحكومة على مواصلة رفع التحديات الاقتصادية المطروحة على كافة المستويات، وإدخال تغييرات هيكلية على اقتصادنا الوطني، بما يسمح ببروز قطاعات جديدة من شأنها المساهمة في تحديث النسيج الإنتاجي الوطني وعصرنته". بالمقابل، اعتبرت بعض فرق المعارضة ، أن الأدوات المالية التي يقترحها مشروع قانون المالية لسنة 2011، "غير متضمنة لأي جديد قياسا لما قدم في السنوات الثلاثة الماضية"، مشيرة إلى أن المشروع "يفتقد لروح الابتكار والابداع". وسجلت مجموعة من الملاحظات المرتبطة بالمشروع منها على الخصوص، محدودية نموذج النمو الاقتصادي الذي تعتمده الحكومة المرتكز على دعم الطلب الداخلي، وفشل سياسة الحكومة في مجال تنمية الصناعات التصديرية، وترددها في مباشرة إصلاح جبائي شامل لتوسيع الوعاء الضريبي وتخفيف الضغط الجبائي وتحقيق عدالة جبائية، وبطئ برامج تحسين مناخ الأعمال، وكذا محدودية عصرنة النظام المالي. كما لاحظت المعارضة التطور غير المتوازن لمكونات بنية الناتج الداخلي الخام، وضعف التنسيق بين السياسة الموازناتية والسياسة النقدية، وغياب مقاربة شمولية للقطاع غير المهيكل، وسوء تخصيص الموارد، وضعف مؤشرات الحكامة المؤسساتية، وسوء التوطين المجالي للاستثمارات، فضلا عن عدم نجاعة المجهود الاستثماري. وبخصوص السياسة الاجتماعية للحكومة، سجلت المعارضة أن وتيرة النمو الاقتصادي "غير مؤهلة لمواجهة الخصاص الاجتماعي المسجل على أكثر من مستوى، الذي يزيد من تعميقه عدم إنجاز ميزانيات التجهيز في بعض القطاعات الوزارية". ودعت في هذا الصدد إلى ضرورة إصلاح القانون التنظيمي للمالية بشكل يسمح بتتبع المؤشرات ويحقق الانتقال من ميزانية الوسائل إلى ميزانية النتائج.