يختزن فضاء دار الثقافة "أم السعد" بالعيون ذاكرة متحفية تجسد جانبا من الهوية الثقافية والحضارية للمجتمع الصحراوي من شأن تثمين مكوناتها وتفعيل محمولها التراثي الإنساني أن يجعل منها فضاء للحوار الثقافي والحضاري . وإذا كانت هذه المؤسسة المتحفية الإثنوغرافية التي تم تدشينها في يناير من سنة 2001 تختزل في عدد من محتوياتها نماذج من التراث الثقافي الصحراوي ، فإن أمر العناية بها ونفض الغبار عن مكوناتها وإثرائها بشواهد مادية أخرى ،يندرج في صميم صيانة ثرات المنطقة وإبراز خصوصيته وغناه وتنوعه . ويتضمن هذا المتحف روائع ونفائس جمالية تلتقط لحظات من التاريخ المغربي العريق وتكشف عن نمط تفكير المجتمع الذي أبدعها وأنتجها ، وهي ذخائر يتعين صيانتها وحمايتها من الضياع لتضطلع بأدوارها السياحية والثقافية والعلمية. وتضم هذه المؤسسة بالإضافة إلى خيمة تقليدية الصنع بكل محتوياتها ، نماذج من الزي التقليدي المحلي والحلي ومصنوعات جلدية متنوعة تجمع بين الوظائف النفعية والتزيينية ( الديكور)، وتكشف عن مهارة إبداعية متميزة فضلا عن لوازم الجمل وأنواع من السروج. ويرى الباحث في التراث الأدبي والجمالي الحساني السيد إبراهيم الحيسن أن هذه الذاكرة الخصبة لخبرات وإبداعات تجمعت واختزنت عبر العصور مطالبة بأن تشكل سندا مرجعيا للبحث والدراسة وأن تنفتح على المؤسسات التعليمية ومراكز التكوين والتأهيل المهني عبر برمجة حصص خاصة للزيارات الدراسية والاستطلاعية مؤطرة من طرف مرشدين متخصصين ملمين بعلم المتاحف . وأضاف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن الارتقاء بهذه المؤسسة المتحفية الإثنوغرافية وتمكينها من الاضطلاع بأدوارها كفضاء للحوار الثقافي والحضاري يستدعي تجهيزها بمتطلبات الإنارة والصيانة والوقاية وكل ما يتصل بالصوتيات والبصريات وتعزيزها بأقسام فرعية للمحفوظات تختص في تقديم بعض الخدمات كالفهرسة ونشر المعلومات وتوزيعها . ومن جهتها أبرزت محافظة متحف فنون الصحراء السيدة لبنى ودينة شكير أن الرفع من الإعتمادات المرصودة لهذا المتحف وتعزيزه بموارد بشرية متخصصة ستمكنه من تنظيم أنشطة إشعاعية من مستوى عال وتنظيم جولات متواصلة للمؤسسات التعليمية قصد التعريف به وبالدور المنوط به والمتمثل في جمع الشواهد المادية عن الثقافة الصحراوية ودراستها والمحافظة عليها وجعلها في متناول شريحة واسعة من الجمهور . ودعت في تصريح مماثل الى تزويد المتحف بشواهد مادية تدخل في إطار الثقافة الصحراوية وتعويض المهدد منها بالضياع الذي تآكل بسبب الرطوبة التي يعاني منها هذا الفضاء مؤكدة على ضرورة تهيئته لجعله ملائما لاحتضان هذه الذاكرة التي تضم شواهد مادية مصنوعة من مواد عضوية كالجلد وهي جد حساسة تستدعي التعامل معها بنوع من الاحترافية. وحثت على ضرورة إدراج هذا الفضاء المتحفي ضمن المدارات السياحية وإيلائه الأهمية التي يستحقها باعتباره المتحف الوحيد في الأقاليم الجنوبية الذي يهتم بهذا النوع من التراث. وبالفعل فإن العناية بهذه الذاكرة العريقة من شأنه أن يغير النظرة ،التي تختزل المؤسسة المتحفية في كونها فضاء لتجميع التحف والعناصر التراثية وتحنيطها ووضعها ركاما على الرفوف يعلوها الغبار ويلفها النسيان، ليكرس بالتالي التوجه الذي يراهن على تفعيل محمولها التراثي الإنساني وجعل هذا الإرث الحضاري في متناول الجميع.