قد تبدو فكرة سرد قصة أم تتحدى القمع الإنساني وقساوة الطبيعة من أجل فلذة كبدها، فكرة عادية من وجهة نظر سينمائية، غير أن كاميرا المخرجة وكاتبة السيناريو البلجيكية فانيا دالكاتنرا، جعلت من "وراء سهوب" كازاخستان فيلما يستحق أن يشاهد في إطار المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش. ويحكي فيلم "ما وراء السهوب" قصة امرأة تضطر للسفر إلى أبعد نقطة في سهوب آسيا الوسطى، إلا أنه في سنة 1940 سيجري ترحيل الشابة البولندية نينا رفقة طفلها إلى أراضي سيبيريا، حيث تضطر للعمل في ظروف صعبة. ستجد نينا بطلة الفيلم، التي انتزعت منها الحرب زوجها الضابط في صفوف الجيش البولوني، نفسها في سهوب وعرة وحيدة مع طفلها الذي سيمرض، وسيضطرها مرضه للبحث عن طريقة لتوفير الدواء للداء الذي بات ينخر جسم صبيها ويهدد حياته، فتقرر الهرب مع مجموعة من الرحل إلى سهوب كازاخستان. فيلم "ماوراء السهوب" هو أول عمل سينمائي لهذه المخرجة الشابة (33 سنة)، حيث استطاعت بمشاهد عملها أن تحرك مشاعر المشاهد، وتشده للتتبع أحداثه المستوحاة من قصة حقيقية بطلتها جدة المخرجة. ويتميز فيلم "ماوراء السهوب"، المستلهم من الذاكرة الشخصية للمبدعة، بسرد أحداث مأساوية عاشتها جدتها، أثرتها المخرجة بمجموعة من الأحداث والمعطيات نقبت عنها في الأرشيفات والوثائق التاريخية، مما جعل السيناريو أكثر غنى وأقرب إلى واقع تلك السهوب في بداية أربعينيات القرن الماضي. ويجمع فيلم "ماوراء السهوب" بين الدراما في سرد جميل وغير عاطفي وتصوير رائع لمناظر خلابة شدت الجمهور رغم الوقائع الحزينة. شارك في بطولة الفيلم، ومدته ساعة و23 دقيقة، مجموعة من الفنانين من بينهم أنييشكا كروكوفسكا التي جسدت دور نينا وأليكساندر يوستا في دور يادفيغا وبوريس شيك في شخصية رومان.