قال الناقد والمؤلف المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد، في مداخلة له ألقاها في إطار فعاليات مهرجان المسرح الأردني السابع عشر ، ان "ما ينقص مسرحنا اليوم ليس هو المسرحي الحرفي، ولكن المسرحي العالم والفيلسوف والشاعر، أي ذلك المسرحي الذي يمكن أن يعطي المعنى أو يؤسسه، أو يكتشفه، والذي يمكن أن يفسر الأسماء والأشياء، ويمكن أن يساهم في تغييرها وتجديدها أيضا". وأوضح برشيد في مداخلة تمحورت حول " درجات الضحك والإضحاك في الرؤية الفلسفية"، ألقاها ضمن أشغال ندوة فكرية نظمت على هامش المهرجان (1 -11 نونبر الجاري) في موضوع "الكوميديا بين الفلسفة والتهريج"، أن "مثل هذا المسرحي يمكن أن يضحك على ما ليس خيرا، كما يمكن أن يضحك على ما ليس منطقيا ومعقولا، وبهذا يكون الضحك موقفا نقديا من اليومي ومن الأبدي، وليس مجرد فعل عضلي آلي". وأضاف أن الأصل في المسرح يتمثل في أنه "مجتمع مصغر، وهو صغير بحيزه الزمني والمكاني المحدود، ولكنه كبير بعمقه الفكري، وأن كل شيء في هذا المجتمع المسرحي ينتقل بالمحاكاة وبالعدوى، فيضحك هذا إذا ضحك الآخر، وبهذا يكون الضحك موجودا دائما، ليس فقط في الحوار والمواقف والشخصيات، ولكن في الجو العام للمسرح ، وفي مناخه، ومكانه، وزمانه ومناسبته، وفي قابلية الناس على أن يضحكوا". وأشار إلى أن الضحك مستويات، بعضها أعلى وأبعد من بعض، وأن في أدنى درجات هذا الضحك "نجد الضحك المادي الحسي، أما في أعلى درجاته، فنجد الضحك العقلي والفكري، وتشكل السخرية الوجودية، كما مارسها كثير من الشعراء والمبدعين المتفلسفين، قمة الضحك والإضحاك". وبخصوص فلسفات الضحك والإضحاك، أوضح برشيد أنها "فلسفات متعددة، وليست فلسفة واحدة، وكل شخصية من شخصيات هذا المسرح الضاحك، إلا ولها فلسفتها، وبغير هذا يكون الضحك مجانيا وبلا معنى". وعن الرؤية الاحتفالية للضحك، قال برشيد إن الضحك الاحتفالي "هو ضحك مادي حسي واجتماعي في مقامه الأول، وهو ضحك معنوي وعقلاني في مقامه الأعلى"، موضحا أن الإبداع المسرحي الاحتفالي "تأسس ليكون ضحكا أخلاقيا، لمن يقرأه قراءة سطحية، وليكون ضحكا عقليا أيضا، لمن يقرأه قراءة عميقة". وخلص إلى القول إن الضحك تواطؤ بين أطراف متعددة، وأن موضوعه قد يكون هو "الذات الضاحكة على نفسها ، في حين تتمثل أقصى درجات الإضحاك، في السخرية من الذات الجماعية".