أكدال بالرباط، محاضرة تمحورت حول "الوعي التاريخ" حضرها عدد من الباحثين المغاربة والأجانب. وتطرق الأستاذ الأنصاري، في هذه المحاضرة، إلى ما أسماه "تاريخ الوعي التاريخي"، وذلك في معرض مناقشته لفكرة "العصر المحوري" التي اقترحها الفيلسوف الألماني كارل ياسبرز، والذي شهد بروز أنواع وأشكال من الوعي التاريخي طبعت الأجيال اللاحقة. وركز المحاضر على "الكيفية التي تتحدى بها التاريخانية ذلك الوعي التاريخي المبني على ما ظهر في العصر المحوري"، والذي يجد نفسه الآن، حسب الأستاذ الأنصاري، أمام "صعوبات المد التاريخاني". وفي السياق ذاته، أشار المحاضر إلى بعض المدارس التاريخانية التي قال إن البعض منها كان مبنيا على نظرية الحتمية التاريخية، في الوقت الذي ذهبت فيه نظريات أخرى في اتجاه معاكس. وأضاف الأستاذ الأنصاري أن "الباحثين يجدون أنفسهم اليوم في وضعية تطغى فيها التاريخانية على باقي مدارس الكتابة التاريخية بينما لا تزال نظريات العصر المحوري، في مستوى التصور الجماعي، هي التي تسود". وبخصوص العالم الإسلامي، أبرز أن أعمال المؤرخين المسلمين المؤسسين كان لها "تأثير عميق"، مستشهدا، في هذا الصدد وبالخصوص، بالإمام محمد بن جرير الطبري، العالم والمفسر والفقيه الذي اعتبر أن التاريخ يزخر بالمعاني والدلالات. كما استشهد المحاضر بالإمام أبو حامد الغزالي الذي قال عنه إنه "رتب ووزع المفكرين على ثلاث فئات، وأن الدهريين، وربما هي العبارة القديمة التي تناسب التاريخانيين، كانوا إحدى تلك الفئات الثلاث إلى جانب الطبيعيين والإلاهيين". وأضاف أنه "بالنسبة للغزالي هناك وعي مبكر في أوساط مسلمة بأن نظرة معينة للتطور وللتاريخ قد تؤدي إلى تصورات كبرى للعالم وللذات وللآخر يكون لها أثر كبير على المجتمعات والأوساط المعنية". وللأستاذ والمفكر عبده الفيلالي الأنصاري، عدة مؤلفات، منها، على الخصوص، كتاب "هل الإسلام معاد للعلمنة؟"، و"حرصا على الإيضاح .. بخصوص المجتمعات الاسلامية المعاصرة"، كما قام قبل حوالي العشر سنوات بترجمة كتاب علي عبد الرازق الشهير "الإسلام وأصول الحكم" إلى اللغة الفرنسية (باريس، 1994).