أبرم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ووزارة الثقافة، اليوم الأربعاء بالرباط، اتفاقية شراكة وتعاون تهم مجالات حفظ الذاكرة والأرشيف والتأهيل الثقافي للمناطق المشمولة بجبر الضرر الجماعي. وتندرج هذه الاتفاقية، التي وقعها وزير الثقافة السيد بنسالم حميش ورئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان السيد أحمد حرزني، في إطار تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في شقها المتعلق بجبر الضرر الجماعي المنفذ بأقاليم فكيك والراشيدية وميدلت وزاكورة وورزازات وتينغير وطانطان وأزيلال والخميسات والحسيمة والناظور وخنيفرة والحي المحمدي وعين السبع. وستعمل وزارة الثقافة، بموجب هذه الاتفاقية، في حدود اختصاصاتها على حفظ الذاكرة والتأهيل الثقافي للمناطق المشمولة بجبر الضرر الجماعي، خاصة من خلال المساهمة في صيانة وحفظ الأرشيف الوطني من خلال عمليات الجرد والرقمنة والترميم وغيرها، ودعم الأنشطة الثقافية الإشعاعية المتعلقة بالتنوع الثقافي وحوار الحضارات وتشجيع الإبداع المحلي والنهوض بثقافة حقوق الإنسان. كما ستسعى الوزارة إلى المساهمة في دعم الأنشطة الثقافية المرتبطة بالتنمية البشرية، ومتابعة إصدار المراسيم التطبيقية المرتبطة بقانون الأرشيف والإحداث الفعلي لمؤسسة أرشيف المغرب وتكثيف الجهود المرتبطة بوضع استراتيجية وطنية لحفظ وصيانة الأرشيف. وبخصوص الحفظ الإيجابي لذاكرة المراكز السابقة للاعتقال السري، ستعمل الوزارة أيضا على المساهمة في ترميم هذه المراكز وتحويلها إلى فضاءات لحفظ الذاكرة ومركبات ثقافية بتنسيق مع الفاعلين المحليين (قصبتا أكدز وتاكونيت بإقليم زاكورة، قصبات سكورة بإقليم ورزازات، قصبة قلعة مكونة بإقليم تنغير)، كما ستعمل على ترتيب المباني ذات الحمولة الرمزية وتصنيفها كتراث وطني (مراكز الاعتقال أكدز وسكورة وقلعة مكونة ودرب مولاي الشريف ومنزل عبد الكريم الخطابي.. ) مع المساهمة في عملية توثيق الذاكرة المحلية. ومن جانبه، يلتزم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، في حدود اختصاصاته، بالمساهمة في تطوير شراكات إضافية لدعم برامج التأهيل الثقافي للمناطق المشمولة بجبر الضرر الجماعي وترميم المراكز السابقة للاختفاء القسري، والعمل بتنسيق مع الوزارة على تنظيم ندوات وتظاهرات لنشر قيم ومبادئ حقوق الإنسان وبالخصوص الحقوق الثقافية، وتنظيم دورات تكوينية في مجال المقاربة الحقوقية والحقوق الثقافية لفائدة أطر الوزارة وشركائها. كما سيعمل على تيسير عملية التنسيق بين مختلف الفاعلين المحليين وجمع المعطيات والمعلومات وإعداد تقارير إجمالية وتركيبية عن تنفيذ برنامج الضرر الجماعي والمساهمة في ورش حفظ الذاكرة والأٍرشيف الوطني من خلال اتفاقية الشراكة التي تربطه بالاتحاد الأوروبي ووزارة المالية. وفي كلمة بالمناسبة، قال السيد بنسالم حميش إن هذه الاتفاقية تعتبر ثمرة مشاورات دامت سنة بين المجلس والوزارة، وتجسد الإرادة القوية للوزارة للمساهمة في تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، منوها بالأشواط الهامة التي حققها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في مجال تأصيل وترسيخ حقوق الإنسان. وأكد أن هذه الاتفاقية تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون بين الطرفين في مجالات عدة، ولاسيما حفظ الذاكرة وجبر الضرر الجماعي والتأهيل الثقافي للمناطق المشمولة بجبر الضرر الجماعي والأرشيف، وتعتبر آلية ملموسة لمتابعة التقدم الذي تعرفه هذه الملفات بشكل جدي وعملي. ومن جهته، شدد السيد أحمد حرزني على أهمية الاتفاقية الموقعة، مؤكدا أن وزارة الثقافة طرف لا يمكن الاستغناء عنه في مجال حفظ الذاكرة. كما توقف عند مجمل بنود الاتفاقية، مركزا على الخصوص على مسألة الأرشيف التي قال إنها "تأتي في المقدمة، لأنه لا مستقبل للفرد أو الجماعة بدون معرفة الماضي"، مشيرا إلى أن لجنة للمتابعة ستسهر على تنفيذ هذه الاتفاقية والوقوف على ما تم تحقيقه في المجالات التي تشملها. حضر حفل التوقيع على اتفاقية الشراكة هاته، على الخصوص، السيد ادريس اليازمي رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج والسيد المحجوب الهيبة الأمين العام للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن برنامج جبر الضرر الجماعي، الذي انطلق سنة 2007، ينفذ في إطار متابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة من خلال اعتماد منهجية تستهدف ضمان جبر الأضرار الجماعية للمناطق التي تضررت جراء حدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بها في الماضي، تحقيقا للمصالحة ودعما لاستعادة الثقة في الدولة ومؤسساتها. ويسعى برنامج جبر الضرر الجماعي إلى إنجاز مجموعة من المشاريع تهدف إلى المساهمة في تنمية المناطق المعنية والحفظ الإيجابي للذاكرة. كما تهدف إلى ترسيخ روح جبر الضرر الجماعي وتحقيق الحكامة المحلية عبر دعم وتقوية قدرات الفاعلين المحليين. وتتمحور المشاريع المنجزة في إطار برنامج جبر الضرر الجماعي حول أربعة محاور رئيسية هي دعم قدرات الفاعلين المحليين، والحفظ الإيجابي للذاكرة، وتحسين شروط عيش السكان (تحسين الخدمات، فك العزلة، تطوير مداخيل بديلة، حماية البيئة) والنهوض بأوضاع النساء والأطفال.