(من مبعوث الوكالة: عبد اللطيف أبي القاسم) دعا رئيس الحكومة الفرنسية السابق ووزير الخارجية الأسبق السيد دومينيك دوفيليبان، أمس الإثنين بأصيلة، إلى إرساء عالم جديد لا تهيمن فيه ثقافة الغرب على الثقافات الأخرى. وقال دوفيليبان، في افتتاح ندوة "الدبلوماسية والثقافة" المبرمجة ضمن فعاليات الدورة ال25 لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية، إن "الكونية التي نتوق إليها يجب أن لا تكون مملاة ومفروضة من طرف واحد"، وإنما يتعين أن تساهم في بلورتها كل منطقة بثقافاتها المحلية. وأبرز دوفليبان، وهو أيضا كاتب وشاعر، أن التنميط الثقافي يشكل خيانة لتطلعات مختلف الشعوب ويمكن أن يقضي على عنصر التنوع، مؤكدا الحاجة الملحة إلى اعتراف كل طرف بثقافة الآخر واحترامها، باعتباره الوسيلة الوحيدة للتوفيق بين مطلبي "الانخراط في الكونية" و"الحفاظ على الهوية والخصوصيات الثقافية". وفي السياق ذاته، أكدت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيدة لطيفة أخرباش "الحاجة الملحة والمستعجلة للاشتغال المكثف على قضية الحوار والتفاهم الثقافي، في ظل بروز قوى فاعلين جدد في المشهد الدولي يتباهون بإهانة الرموز والمقدسات ويتلذذون بسفك دماء الناس وهدم العمران بمنهجية تتعمد تدمير الآفاق الإنسانية الرحبة". وأضافت أن الخطر الذي بات يطرحه هؤلاء الفاعلون يحمل الدبلوماسية كما يحمل النخب المثقفة مسؤولية المساهمة في إيصال صوت للتقارب والتواصل الحضاري، مؤكدة أن العمل الدبلوماسي، باعتباره نوعا من التواصل الثقافي، رهين بالاستثمار في تعزيز التكوين الثقافي للدبلوماسيين والتعاون من أجل تنمية القيم الثقافية المشتركة وتكثيف شبكات التعاون بين الجامعات. وأكدت، في هذا الصدد، قناعة المغرب، باعتباره بلدا محبا للسلام، بكون المجهود الدبلوماسي متعدد الأطراف يمثل مساهمة نوعية في بناء الثقة بين الدول، عبر تهيئة فضاءات وفرص للحوار السياسي والاشتغال المشترك على قضايا السلم الجماعي. ومن جانبه، أبرز وزير السياحة والصناعة التقليدية السيد ياسر الزناكي أهمية الثقافة باعتبارها "جوهر السياحة"، وعاملا من عوامل تعميق التواصل والتقارب بين الشعوب ونبذ مظاهر التعصب والتطرف. ودعا، في هذا السياق، إلى ضرورة تضافر الجهود لتقوية المؤسسات الثقافية الدبلوماسية، بما فيها قوى المجتمع المدني، قصد النهوض بمفهوم السياحة الثقافية التي تسهم بشكل كبير في تعزيز الصورة الخارجية للدول. يشار إلى أن هذه الندوة، التي تمتد أشغالها ليومين بمشاركة عدد من رجال السياسة والفكر والأدب من داخل المغرب وخارجه، ستنكب على تدارس ومناقشة ثلاثة مواضيع تهم "الدبلوماسية والتواصل بين الثقافات والشعوب"، و"الدبلوماسية وتعزيز ثقافة التسامح"، و"دور الدبلوماسية الثقافية في عالم متغير".