12-2009- أرخت أزمة ديون "مجموعة دبي العالمية"، التي تناقلت أنباءها وكالات الأنباء العالمية منتصف الأسبوع الماضي، بضلالها على أوساط المال والأعمال من طوكيو إلى نيويورك، وكذا على أسعار النفط العالمية، رغم أن اقتصاد إمارة دبي لا يعتمد بشكل مباشر على تصدير النفط، بسبب امتلاكها موارد نفطية محدودة جدا. وتفيد آخر البيانات الرقمية، أن أسعار الخام الأمريكي قد تراجعت بنسبة 5 في المائة بالنسبة للبرميل الواحد، بداية من يوم الجمعة الماضي، مقارنة بيوم الأربعاء الذي سبقه، والذي تزامن مع إعلان حكومة دبي إعادة هيكلة مجموعة دبي العالمية وتأجيل تسديد ديونها.
ويعزو المراقبون سبب الارتباط القوي بين أسعار النفط وأزمة دبي، الى خوف المستثمرين من تأثير هذه الأزمة الطارئة على فرص انتعاش الاقتصاد العالمي، التي بدأت مؤشراتها تتضح خلال الشهور الأخيرة، مما يعني أن معدلات الطلب على النفط ستنخفض عما هو متوقع حاليا.
لكن أغلب التحاليل الاقتصادية اختلفت حول المدى الذي يمكن ان تذهب إليه تداعيات أزمة دبي على أسعار النفط العالمية، فبينما يرى محللون اقتصاديون إمارتيون أنها أزمة مؤقتة سرعان ما ستتلاشى أثارها، خصوصا مع حلول فصل الشتاء الذي يزداد فيه الطلب على النفط وترتفع الأسعار نسبيا، رأى آخرون أن الأمر قد يحتاج الى وقت طويل لكي يستعيد الاقتصاد العالمي عافيته.
وهكذا اعتبر مستشارون اقتصاديون، استقت وكالة المغرب العربي للأنباء آراءهم، أن تراجع أسعار النفط إثر حدوث أزمة دبي، يأتي في إطار ردود الفعل التي قد تكون مؤقتة، خصوصا إذا سارعت أبوظبي إلى نجدة جارتها دبي، مشيرين الى قرب إصدار سندات جديدة يمكن من خلالها سداد الديون المستحقة على مجموعة دبي.
وأضافوا أن تسديد المبالغ المستحقة على مجموعة "دبي العالمية"، والتي تقدر بمليارات الدولارات، "مسألة وقت ليس إلا"، لأن أغلب الشركات العالمية تلجأ إلى مثل هذه الإجراءات من أجل هيكلة ديونها، معتبرين أن ربط مشكل ديون شركة تعمل بمنطق الربح وقواعد السوق، بحكومة إمارة "ليس في محله، خصوصا إذا كانت الحكومة أصلا لم تضمن الشركة عند تأسيسها".
واعتبروا أن "تأثير أزمة دبي على الاقتصاد العالمي وعلى تغير مؤشرات أسعار النفط ، سيكون جزئيا لان الاقتصاد العالمي يتعامل بأرقام من فئة الترليونات، بينما أزمة دبي محصورة في بضع عشرات من المليارات"، مضيفين أن مبلغا كهذا يمكن ان يؤثر على بعض البنوك الأجنبية ذات الصلة مباشرة بالأزمة، لكنه لن يؤثر في النهاية في باقي المؤسسات الاقتصادية والمالية المؤثرة في الاقتصاد العالمي.
لكن محللين آخرين، يرون أن أزمة دبي قد تلقي بضلالها على أسعار النفط بشكل كبير، مؤكدين أن تراجع أسعار النفط حاليا يجب التعامل معه على كونه رد فعل سريع ومباشر على أزمة ديون دبي، مما قد يطرح اختلالات كبرى في السوق، خصوصا إذا طال أمد هذه الأزمة.
وأكدوا أن أسعار النفط قد تشهد بعض التذبذب خلال الأيام القليلة القادمة، مؤكدين أن احتمال هبوطها، أمر غير وراد خصوصا مع وجود مؤشرات عديدة تدل على وجود مضاربين في السوق العالمية.
وأضافوا أن سبب التذبذب المحتمل في أسعار "الذهب الأسود" يظل مرتبطا بنفاذ المخزون النفطي الكبير الذي تملكه بعض الدول والشركات، سواء كان مخزونا عائما أو على الأرض، موضحين أن المخزون الموجود لدى الدول المستهلكة، يصل حاليا إلى 70 يوما تقريبا، وهو معدل كبير جدا مقارنة بفترات سابقة.
وأشاروا إلى أن المحور الأساسي في جدول أعمال الاجتماع المقبل لمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، سيكون هو بحث تذبذب الأسعار وعلاقتها بنسبة التزام دول أوبك بالحصص المتفق عليها، وهي نسبة متواضعة تقدر ب62 في المائة.
وأوضحوا أن (أوبك) ستكون بين خيارين، إما التشديد على ضرورة الالتزام بالحصص المقررة وإما إمكانية ضخ مزيد من النفط في حال وصل السعر الى 85 دولارا للبرميل.
وكان إعلان حكومة إمارة دبي عجزها عن سداد الديون المترتبة على شركتي "دبي العالمية" و"النخيل العقارية"، ومطالبة الدائنين منحهما مهلة جديدة لسدادها، قد خلف ذعرا كبيرا في الأوساط الاقتصادية بالمنطقة، امتدت آثاره نحو مراكز المال والاقتصاد في مختلف دول العالم.
وقد ترافق إعلان حكومة دبي تأجيل سداد الديون، مع إعلانها جمع خمسة مليارات دولار عبر بيع سندات عادية وصكوك إسلامية بالتساوي لمصرفين تابعين لحكومة أبو ظبي، هما بنك أبو ظبي الوطني وبنك الهلال الإسلامي.
ويقدر الحجم الإجمالي لديون "مجموعة دبي العالمية" سنة 2008 بنحو 59 مليار دولار.