دعا السيد بنسالم حميش وزير الثقافة اليوم الثلاثاء في بكين، الى إحداث "مؤسسة الثقافة العربية الصينية"، تكون إطارا شاملا وجامعا لتطوير العلاقات بين الصين والعالم العربي في مجالات الثقافة والفنون والإبداع والابتكار، تماشيا مع التاريخ الحافل في العلاقات بين الثقافتين على الصعيد الحضاري والإنساني. وأضاف السيد حميش، الذي كان يتحدث في أشغال ندوة حول التعاون بين الصين والعالم العربي في المجال الثقافي، بمشاركة وزير الثقافة الصيني السيد تساي وو وعدد من وزراء الثقافة العرب، ان الصين القوية بتاريخها المتحرر من كل ماض استعماري على امتداد أرجاء العالم العربي، تستطيع أن تمد جسور تعاون بناء، من خلال إحداث مؤسسة الثقافة الصينية العربية، تتوزع فروعها في مختلف البلدان العربية، ويعهد إليها فور تأسيسها، إحداث بنية استقبالية تواصلية دائمة لتطوير الثقافة والفنون والآداب في الطرفين. وأوضح أن مؤسسة من هذا القبيل ذات بنيات هيكلية دائمة في الصين والعالم العربي، من شأنها تأسيس أنشطة دورية من قبيل التظاهرات الموسيقية والمعارض الفنية والمحاضرات والندوات الفكرية حول التاريخ الثقافي الصيني، وآفاق التعاون الصيني العربي على الصعيدين الاقتصادي والثقافي. وقال إن من شأنها أيضا تنظيم إقامات لغوية في الصين لفائدة الباحثين والطلبة العرب، وتسهيل عقد لقاءات سنوية مشتركة صينية عربية تمكن من متابعة العمل الثقافي، من خلال حلقات نقاش والتداول في المواضيع والمشاريع التي تحظى باهتمام كل الأطراف، خصوصا منها تلك التي تنشط حركية التبادل والتواصل. وأضاف انه مما لا شك فيه أن الصين، بدورها البارز في عالم اليوم، قادرة على إقامة شبكة مراكز ثقافية، تكون بمثابة محطات إشعاعية لنشر الثقافة الصينية على امتداد البلاد العربية، شبكة تستفيد بكل تأكيد في إغناء وتنويع التبادل الثقافي، بوضعه على سكة أهداف الألفية من أجل التنمية التي جعل منها برنامج الأممالمتحدة للتنمية أحد أولوياته. وذكر السيد حميش بأن تاريخ الصداقة والتبادل الثقافي بين العالم العربي والصين، امتد منذ القرن الثامن الميلادي، وهو القرن الحافل بالكثير من الإشارات الواضحة لتجذر هذه الصداقة وامتدادها، ويشهد على ذلك دعوة رسول الله "اطلبوا العلم ولو في الصين"، وأيضا العديد من كتابات مؤرخي العصر الوسيط، ثم الرحلة الشهيرة لابن بطوطة في القرن الرابع عشر، والتي قدمت لأول مرة الصين للعالم بشكل عميق ودقيق في مختلف المناحي الثقافية والحياتية والاجتماعية. وأشار الى أن المغرب يعتز هذه السنة، بالمشاركة في المعرض الدولي لشنغهاي، وكذلك بالمشاركة في فعاليات المهرجان الثاني للفنون العربية ببكين وشنغهاي، من خلال إيفاد فرقتين موسيقيتين عريقتين، عرف عنهما الأداء المتميز الذي يعكس أرقى الفنون الشعبية المغربية، ويتعلق الأمر بفرقة كناوة بارامبا وفرقة الموسيقى الأندلسية لزبيدة الأدريسي. وأعرب عن يقينه من أن أداء الفرقتين سيشنف، لا محالة، أسماع المتتبعين الصينيين ويروق أنظارهم التواقة دوما الى العراقة والجمال. وقال السيد حميش إنه ليس من شك في أن المشاركة المغربية في هذه التظاهرة الثقافية الصينية الكبرى، من شأنها أن تقوي الأواصر الصينية العربية، والتي تعود الى سنة 1956 وذلك بتعزيز تعاون ثقافي بين القطبين العربي والصيني، مبني على القدرة على الإنتاج الخلاق والإبداع الفني والفكري، وعلى النزعة الإنسانية التي تخدم من أجل غنى الشعوب وإسعاد الأشخاص. وأضاف ان تاريخ الطرفين العربي الصيني وراهنهما الموسومان بالنماذج الساطعة للتبادل الثقافي الغني والمثمر، يدعواننا لمضاعفة الجهد حتى نجعل من علاقتنا الثقافية، أكثر كفاءة وثراء، وذلك بما ينسجم وصلب تنمية مشتركة هادفة تستجيب لتطلعات شعوبنا وانتظاراتهم. وأكد أن العالم العربي الصيني زاخر بكل المقويات التاريخية والحضارية التي تؤهله لأن يصبح قطب امتياز في كل مناحي التنمية البشرية، التي تعتبر الثقافة منبتها وعصبها الرئيس. وكان السيد حميش قد بدأ يوم السبت الماضي زيارة عمل للصين، يحضر خلالها فعاليات المهرجان الثاني للفنون العربية، والذي يشمل ندوات وعروض موسيقية ومعارض فنية وعروض للأزياء والطبخ. ويشارك المغرب بشكل متميز في هذا المهرجان الذي يهدف تعريف الجمهور الصيني بغنى ومكنونات الثقافة العربية في أبعادها المختلفة، إذ تحيي فرقتا "كناوة بارامبا" وفرقة الطرب الأندلسي لزبيدة الإدريسي حفلات موسيقية وفنية، وتقيم الفنانة التشكيلية المغربية المتألقة نورية العلمي عرضا لآخر لواحتها التي أبدعتها في الصين، كما تنظم سفارة المغرب في بكين مهرجانا لتذوق الاطباق المغربية، علاوة على معرض للأزياء والحلي والمشغولات والصناعة التقليدية المغربية. وينظم المهرجان في بكين ثم في فضاء المعرض العالمي لشنغهاي، حيث يشارك المغرب بجناح هام مساحته 4000 متر مربع.