تم اليوم الثلاثاء ببكين التوقيع على البرنامج التنفيذي لاتفاق التعاون الثقافي بين المغرب والصين للسنوات الثلاث المقبلة (2010 ` 2013)، والذي يشمل التعاون بين البلدين في مجالات الثقافة والنشر والتعليم والإعلام والاتصال والشؤون الإسلامية، وذلك في ختام جلسة عمل بين وزير الثقافة السيد بنسالم حميش ونظيره الصيني السيد تساي وو. وأكد الوزيران خلال هذه المباحثات، التي حضرها بالخصوص السيد جعفر حكيم لعلج سفير جلالة الملك ببكين، رغبة البلدين في تدعيم وتطوير تعاونهما الثقافي، تنفيذا لمقتضيات الاتفاق المبرم بين البلدين في بكين في 25 فبراير 1982. وبموجب الاتفاقية تقدم الصين للمغرب سنويا خمسة عشرة منحة كاملة للدراسات العليا، على ألا يتجاوز العدد الإجمالي للطلبة المغاربة الممنوحين بموجب هذا البرنامج التنفيذي والموجودين في الصين، 15 طالبا في كل سنة. كما يقدم المغرب سنويا عشر منح للدراسات العليا لفائدة المرشحين الصينيين للتسجيل في التخصصات التي يتفق عليها الطرفان، شريطة توفرهم على شروط القبول المعمول بها للدراسات العليا بالمغرب. وفي مجال الشؤون الإسلامية، يدرس الطرف المغربي طلبات الترشيح الرسمية المقدمة لتسجيل عشرة طلبة صينيين مسلمين بإحدى المدارس العتيقة المغربية، لتعلم اللغة العربية وأصول الفقه والعقيدة الإسلامية. ويشجع الاتفاق الطرفين على التعاون في مجال طباعة الكتاب الإسلامي ونشره باللغتين العربية والصينية واللغات الأجنبية، مع إعطاء الأولوية للموضوعات التي تخدم الإسلام في الظروف المعاصرة، كما يشجعان التعاون في مجال إحياء التراث الإسلامي وتبادل الكتب والمطبوعات والمخطوطات الإسلامية. واعتبر السيد حميش، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الاتفاقية تعتبر هامة من حيث صياغتها، ودقيقة في برمجتها وكذلك في الأهداف التي تترسمها. وقال "إن ما أود أن ينجز في المدى المنظور، هو تقوية العلاقات الثقافية والتعليمية، من خلال إيفاد طلبة مغاربة للدراسة في المعاهد والجامعات الصينية، واستقبال طلبة صينيين للدراسة في المغرب". وأضاف أن الاتفاقية تشمل أيضا بنودا هامة جدا في مجال الثقافة والتعليم والإعلام، معتبرا أن الجانب المغربي سيوليها كامل الاهتمام. وأعرب عن تفاؤله لما لمسه لدى نظيره الصيني من كبير الاهتمام بتطوير العلاقات بين البلدين في مجالات الثقافة والتعليم والعلوم، وقال إن علاقتنا ليست وليدة الساعة بل لها جذور، وما علينا الا أن نسقي هذه الجذور وأن نفعل كل ما في وسعنا حتى تأتي هذه العلاقات أكلها ويجد كل طرف مبتغاه. وعلى صعيد آخر تنص هذه الاتفاقية على قيام مؤسسات البلدين المتخصصة في ترميم وصيانة وتوظيف التراث المعماري، بتعزيز التعاون وتبادل المعلومات والخبرات في مجال ترميم وصيانة المآثر والمواقع الأثرية. كما يعمل الطرفان، بموجب الاتفاقية، على تشجيع التعاون وربط الاتصال المباشر بين المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث والمؤسسات المماثلة بالصين، وتشجيع تبادل الخبرات والمعلومات عن طريق إيفاد واستقبال خبراء في ميدان الأركيولوجيا وصيانة المواقع الأثرية. وتشجع الاتفاقية الطرفين على التعاون في مجال الكتاب والنشر والقراءة العمومية، وتبادل زيارة وفد من الإعلاميين والناشرين متكون من خمسة أشخاص لمدة أسبوع واحد خلال مدة سريان هذا البرنامج. وحسب الاتفاقية أيضا، يشجع كل طرف التعريف بأهم الإنتاجات الفكرية والإبداعية لبلد الطرف الآخر وترجمتها ونشرها في بلده، بما في ذلك كتب الأطفال. ويشجع الطرفان مشاركة مؤسساتهما المتخصصة في ميدان الكتاب والنشر للمشاركة في المعارض الدولية للكتاب والنشر المقامة ببلديهما، بالإضافة الى التعاون بين المكتبة الوطنية الصينية والمكتبة الوطنية المغربية، ويعملان على تبادل المنشورات المتوفرة بهاتين المؤسستين، من كتب وأبحاث ودراسات تراثية وحضارية باللغة العربية أو إحدى اللغات اللاتينية. ويضع الطرف الصيني رهن إشارة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، أستاذين في مادة البانطوميم، وكذا في فن مسرح العرائس، لإعطاء دروس في هاذين التخصصين لطلبة المعهد العالي، كما يوفد الطرف المغربي أستاذا أو مسؤولا من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط إلى الصين، للاطلاع على الخبرة والتجربة بالمعاهد العليا الصينية في ميدان الإبداع المسرحي. وتشجع الاتفاقية التعاون المباشر بين جامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر بكلا البلدين، عن طريق إبرام اتفاقيات للتعاون في ما بينها. يذكر أن السيد حميش بدأ يوم السبت الماضي زيارة عمل للصين يحضر خلالها فعاليات المهرجان الثاني للفنون العربية، والذي يشمل ندوات وعروض موسيقية ومعارض فنية وعروض للأزياء والطبخ. ويشارك المغرب بشكل متميز في هذا المهرجان، الذي يهدف إلى تعريف الجمهور الصيني بغنى ومكنونات الثقافة العربية في أبعادها المختلفة، إذ تحيي فرقتا "كناوة بارامبا" وفرقة الطرب الأندلسي لزبيدة الإدريسي، حفلات موسيقية وفنية، وتقيم الفنانة التشكيلية المغربية المتألقة نورية العلمي، عرضا لآخر لواحتها التي أبدعتها في الصين، كما تنظم سفارة المغرب في بكين مهرجانا لتذوق الاطباق المغربية، علاوة على معرض للأزياء والحلي والمشغولات والصناعة التقليدية المغربية.