انطلقت، اليوم الجمعة بتزنيت، الأيام الدراسية لإحياء الذكرى الألفية لمدرسة وكاك بن زلو اللمطي التي تنظمها جمعية علماء سوس تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمشاركة ثلة من العلماء والأساتذة الباحثين من المغرب وتونس وموريتانيا والنيجر. وأكد الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى السيد محمد يسف ، خلال الجلسة الافتتاحية لهذه التظاهرة التي تستغرق ثلاثة أيام حول موضوع "رباط وكاك بن زلو اللمطي وترسيخ الوحدة المذهبية والهوية الوطنية بالمغرب"، على أن سيدي وكاك بن زلو "لم يكن فقيه أهل سوس وحدهم، بل فقيه المغرب والمغاربة جميعا"، معتبرا إياه "مثلا حسنا وقدوة صالحة لجميع الأجيال في كل العصور". وأبرز أن هذا الفقيه شكل علامة بارزة في تاريخ المغرب تدل على دخوله لمرحلة الاستقرار والوحدة الوطنية والسياسية والدينية، حيث كان "فاصلا بين مغرب غارق في الفوضى والاضطراب والتمزق والفتن وكل أشكال التخلف ومخلفاته، ومغرب آخر ناهض مُتوثب قوي مؤمن تقُوده دولة ذات شوكة وهيبة تخطب الممالك وُدها وتهاب سَطوتها وتروم الاستظلال بوارف أمنها". من جهته، قال ممثل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) السيد عبد الإله بن عرفة أن مدرسة وكاك بن زلو النموذجية، التي تمثل المدارس العتيقة، كان لها شرف رفع راية المذهب المالكي في الغرب الإسلامي وتكوين العلماء والمدرسين والمفتين في مجاله. وذكر أن العلامة سيدي وكاك بن زلو اللمطي، صاحب الرباط والمدرسة التي رسّخت الوحدة المذهبية للمغرب، "يُذكر كلما ذكر المرابطون، وأن الحديث عنه يقود إلى الحديث عن سوس العالمة "كما وصفها الأستاذ الكبير العلامة المختار السوسي في كتابه الذائع الصيت "سوس العالمة". من جانبه، تطرّق الكاتب العام لجمعية علماء سوس السيد الحسين وكاك إلى الأسلوب الفريد والمنير للعلامة الذي شكّل نبراسا لسوس، حيث جمع بين ثقافات عدة بلدان كمصر وبغداد، مشكلا بذلك إحدى ركائز الخصوصيات الثقافية للعالم الإسلامي بعد أن أسس رباطه الديني والعلمي بتزنيت. وركّزت مجمل مداخلات الجلسة الافتتاحية على إبراز مساهمة العلامة سيدي وكاك بن زلو في تاريخ المغرب العلمي والفكري عامة، وفي الجنوب المغربي خاصة، ودوره الهام في تخرج كبار العلماء، وتكوين الدعاة، وترسيخ التقاليد التعليمية والتربوية من خلال رباطه في أكلو. كما أكدوا على دوره في إظهار جهاد السلف الصالح من علماء الغرب الإسلامي ودأبهم على الدفاع عن مجتمعاتهم وحرصهم على وحدتها والحيلولة دون تسلل التشرذم والتفرقة إلى أوصالها. وأشارت المداخلات أيضا إلى دور العلامة في ترسيخ المذهب المالكي بما يمثله من صفاء العقيدة، ووحدة الأمة، وعمل العلماء على تنظيم المجتمع وخدمته، والحفاظ على طمأنينته وأمنه الروحي، وتضامنه الوطني ومؤسساته الشرعية. ويتضمن برنامج هذه الأيام الدراسية تنظيم ستُّ جلسات علمية حول "الشيخ أبو محمد وكاك الرباط والمدرسة" و"رباط الشيخ وكاك وأثره التربوي والتعليمي" و"التاريخ المذهبي للغرب الإسلامي حتى القرن الخامس للهجرة" و"المدرسة المالكية بالغرب الإسلامي وأدوراها العلمية" و"مؤسسة العلماء والمجتمع" و"دور العلماء في الإصلاح ووحدة الأمة". وسيقوم المشاركون في هذه التظاهرة بزيارة لمدرسة الشيخ وكاك بمنطقة أكلو(15 كلم عن إقليمتزنيت) التي لا تزال تؤدي رسالتها في التوجيه الديني والعلمي والفقهي والعقائدي، وبناء مقومات الهوية الإسلامية والوطنية. وتميزت الجلسة الافتتاحية أيضا بحضور وزير العدل السيد محمد الناصري وعضو أكاديمية المملكة المغربية السيد عبد الهادي التازي ومدير المكتبة الملكية بالرباط.