نظمت جمعية الأصالة للأمداح النبوية وموسيقى الآلة، مساء اليوم الأربعاء بالمركب الثقافي لأكدال بالرباط، أمسية للسماع الصوفي بعنوان "إشراقات صوفية من ديوان أبي الحسن الششتري". ويأتي تنظيم هذه الأمسية الصوفية، التي شاركت فيها نخبة من منشدي وعازفي هذا الفن الحضاري التراثي القيم، بمناسبة إصدار المجموعة التابعة للجمعية، مؤخرا، لقرص مدمج يضم باقة من الإيقاعات المغربية والنغم الأصيل شكل نظم أبي الحسن الششتري هيكلها الشعري. وفي كلمة بالمناسبة، قال السيد محمد سعد الدين السميج، الرئيس الشرفي للجمعية، إن هذه الأمسية هي انطلاقة لسلسلة من إشراقات صوفية أخرى ستلامس دواوين أقطاب آخرين للتصوف، وحلقة أولى ضمن إصدارات متعددة وقراءة متأنية لدواوين شعراء التصوف أمثال أبي الحسن الششتري وسيدي محمد الحراق وعمر بن الفارض وسيدي العربي بن السايح وغيرهم، والتي تطمح الجمعية من خلالها إلى إنجاز مرجع متميز لتراث السماع الصوفي بالمغرب. وأضاف السيد السميج أن "إشراقات صوفية من ديوان أبي الحسن الششتري"، باكورة الإشراقات الصوفية الأولى للجمعية، تتضمن عملا فنيا متميزا، شعرا ونغما، إيقاعا وأداء. من جهته، أوضح المادح محسن نورش، رئيس الجمعية والمشرف على إنجاز هذه الإشراقات الصوفية الششترية، أن الاعتناء بهذا الفن أملاه حضوره المتميز في الذاكرة المغربية الحضارية والوجدانية مثلما أملاه امتداد فعله وتأثيره في الواقع المعاصر بحيث يطبع هذا الفعل التقاليد الدينية المغربية بخصوصيات ذات أبعاد رمزية ووظيفية عميقة إذ يعبر عن الوجدان الديني المغربي ويساهم في التلحيم الروحي للمجتمع المغربي وتغذية وتقوية هويته الإسلامية. وأعلن السيد نورش، بالمناسبة، أنه سيلي هذا العمل الإشراق الثاني من ديوان سيدي محمد الحراق الذي سيتم تخليل قصيدته التائية بأشعار وأزجال وبراويل وفق وحدة الموضوع والمناسبة المطلوبة بأنغام وإيقاعات متداولة قديما وحديثا بالزاوية الحراقية. وقدم السيد عبد الإله حنزار باحث في التراث الصوفي عرضا أوضح من خلاله أهداف السماع الروحية والتربوية والاجتماعية والثقافية والإبداعية والفنية، مبرزا أن هذا الفن هو مرآة تعكس ثقافة الأمة المغربية وقدرتها على الإبداع. وأكد السيد حنزار أن السماع الصوفي فن يغذي الروح ويقوم السلوك ويخلد التراث المغربي بين الحضارات والشعوب، كما يؤمن الفرد والجماعة من الغلو، فضلا عن كونه أداة من أدوات ترسيخ الهوية المغربية الإسلامية، مبرزا أن من بين أهدافه تحقيق التوازن والتآلف الاجتماعي من خلال شعور الفرد والجماعة بالانتماء إلى الذاكرة الحضارية والوجدانية المغربية التي يمتد فعل السماع فيها امتدادا راسخا منذ سن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. وأبو الحسن علي بن عبد الله النميري الششتري الأندلسي، الذي تعانق هذه الإشراقات الصوفية ديوانه وتقدم نفحات من شعره ونظمه الصوفي وما يعرف ب`"كلام القوم"، من مواليد سنة 610 ه / 1212 م في ششتر إحدى قرى جنوبي الأندلس. وقد درس الششتري علوم الشريعة من القرآن والحديث والفقه والأصول والفلسفة وعرف مسالك الصوفية ودار في فلكهم وكان يعرف بعروس الفقهاء، وبرع في فنون النظم المختلفة الشائعة على زمانه من القصيد والموشح والزجل واشتهر شاعراً وشاحا زجالا وذاع صيته في الشرق والغرب. وصحب أبا مدين شعيب الصوفي بن سبعين، ثم أدى فريضة الحج، وسكن القاهرة مدة لقي فيها أصحاب الشاذلي وزار الشام. وتوفي في مصر في بعض نواحي دمياط سنة 778 ه / 1269م، وله ديوان مطبوع حققه الأستاذ الراحل علي سامي النشار. وتهدف جمعية الأصالة للأمداح النبوية وموسيقى الآلة إلى المحافظة على التراث الأصيل عموما والمديح والسماع وموسيقى الأصالة على وجه الخصوص، وتتكون من 35 عضوا (قراء للقرآن، منشدون، عازفون وأساتذة باحثون). وأنتجت الجمعية، التي شاركت في العديد من التظاهرات والمهرجانات الوطنية، وفي عدة بلدان، خمسة أقراص في الشمائل المحمدية والذكر والابتهال والسماع الصوفي وبردة المديح، كما أنتجت حصصا للتلفزيون المغربي.