انطلقت، مساء أمس السبت، فعاليات البرنامج الفني لمهرجان فاس للثقافة الصوفية في دورته الرابعة بأمسية روحية، اقترحت على رواد التظاهرة المغاربة والأجانب مزيجا فنيا يستلهم التراث السوري والتركي بأداء مجموعة يقودها الباحث الموسيقي الفرنسي جلال الدين فايس. وعلى مدى أزيد من ساعة ونصف، استمتع الجمهور بحوار فني صوفي بين موشحات حلب بصوت الشيخ حبوش والتراث الصوفي العثماني الذي أدى بعضا من عيونه المنشد التركي بكير بيوكباس، وهو أيضا إمام المسجد الكبير بإسطنبول. وتخللت الأمسية العديد من المرتجلات والوصلات التجريبية التي قادها باقتدار جلال الدين فايس، عازف القانون والخبير في الموسيقى التقليدية العربية والصوفية، الذي أعاد الحياة لأعمال يعود تاريخ بعضها إلى القرن الخامس عشر. وتدشن هذه التظاهرة أسبوعا مكثفا من حفلات الإنشاد والسماع الصوفي تمثل مختلف تعبيرات هذا التراث الروحي العريق، بحيث سيكون لجمهور فاس موعد مع عروض لمجموعة الطريقة الشيشية (شاهي قوالي) من الهند، والطريقة الشاذلية من جزر القمر، وأجمير دارغا شريف من الهند، وموسيقى وأناشيد صوفية من الصين، وحفل لمصطفى زمان عباسي (بنغلاديش)، وآخر لحسين الأعظمي (العراق). كما يعد المنظمون جمهور المهرجان بمجموعة من حفلات السماع، من بينها حفل سماع أناشيد حسانية مع الطريقة القادرية البودشيشية من العيون، وأمسية للطريقة الوزانية والطريقة الصقلية الخلواتية، إضافة إلى فقرات من السماع الفاسي مع الحاج محمد بنيس و"نوبات الوجدان" مع الفنان محمد بريول وكبار منشدي السماع بالمغرب. وتعرف الدورة أيضا برمجة ثنائي فني فريد ينتظر أن يجمع الفنانة كريمة الصقلي بعازف العود الحاج يونس، في عرض يحتفي بأبي حسن الششتري. ويروم المهرجان، حسب المنظمين، تمكين مرتاديه من اكتشاف وإعادة اكتشاف ثقافتهم الخاصة، وتيسير نفاذهم إلى الموروث الصوفي كثروة فنية وفكرية وروحية، وتعزيز مكانة المغرب في الحوار القائم بين الثقافات، وذلك بإقامة جسر للتواصل بين الشرق والغرب. وبالموازاة مع الفقرات الفنية، من المقرر تنظيم منتدى حول "روح للعولمة" يشارك فيه عدد من الشخصيات الأكاديمية والدينية والسياسية من مختلف الثقافات. ويناقش المشاركون في المنتدى قضايا تتعلق ب'"شفاء الروح"، و "وجوه للشيخ الحي: سيدي حمزة القادري البودشيشي"، و"التصوف والشعر عند ابن عربي". كما يتناول المنتدى "الروحية والتغير الاجتماعي"، و"الشعر في حديقة"، و"البيئة : ضرورة مادية أو فن حياة"، و"الحب أقوى من الموت"، و"السينما والبحث عن المعنى"، و"الاسلام والغرب.