- بداية العهد الذهبي لراقصي الصامبا الجزء الثاني (إعداد القسم الرياضي) الرباط 20-5-2010- كانت دورة 1958 بالسويد بداية المجد بالنسبة للمنتخب البرازيلي الذي كان يضم في صفوفه ثلة من اللاعبين الكبار أمثال غارينشا وزغالو ونجم بدأ يسطع في سماء الكرة العالمية ذي السبعة عشر ربيعا اسمه بيلي . ومن السويد 1958 تبدأ المغامرة البرازيلية لتتواصل في الشيلي (1962) فالمكسيك (1970) فالولايات المتحدة (1994) ثم كوريا واليابان (2002) . -- 1958 وأخيرا منتخب البرازيل يأخذ الريادة ويشق طريقه نحو المجد: أخيرا جمعت الدورة السادسة بالسويد صفوة الكرة العالمية بحضور الأرجنتين الغائبة منذ 1934 التي تألقت على حساب الشيلي وبوليفيا،بينما ولجت روسيا الدور النهائي بعد تفوقها على بولونيا وفنلندا. أعلنت 53 دولة (رقم قياسي)،مشاركتها في الإقصائيات ثلاث منها انسحبت فيما بعد وهي فنزويلا وتركيا وقبرص ،قبل انطلاق التصفيات وثلاثة إبانها وهي مصر وسوريا والسودان. وشكلت هذه الكأس،التي أصبحت يتيمة برحيل مؤسسها الفرنسي جول ريمي في 16 أكتوبر 1958 بداية سطوع بعض نجوم القرن العشرين ككوبا وفونتين وشارلتون وياشين وغارينشا وفافا وبيلي الذي سجل ستة أهداف إثنان منها في المباراة النهائية ضد منتخب السويد. وكان منتخب فرنسا مفاجأة الدورة بثالوثه المرعب كوبا - بيانتاني - فونتين واحتكر مجموعة من الألقاب منها لقب أحسن هداف وناله فونتين برصيد 13 هدفا وأحسن خط هجوم (23 هدفا) وأحسن لاعب وناله ريمون كوبا. وأنهى الفرنسيون الدور الأول على رأس مجموعتهم برصيد 11 هدفا في ثلات مباريات،لكن مغامرتهم ستتوقف في نصف النهاية أمام منتخب البرازيل الذي أنهى الدور الأول في طليعة مجموعته بفوزه على منتخبي النمسا 3-0 والاتحاد السوفياتي 2-0 وتعادله مع منتخب إنجلترا 0-0. وفي نصف النهاية انفتحت شهية الموهبة الجديدة بيلي للأهداف حيث سجل في ظرف 23 دقيقة ثلاثية رائعة في مرمى المنتخب الفرنسي والتقى البرازيليون في النهاية مع منتخب السويد الصلب والمتماسك الذي أزاح في نصف النهاية حامل اللقب منتخب ألمانيا 3-1. وخلال المباراة النهائية،التي أقيمت يوم 29 يونيو بملعب "سولنا ستاديوم" باستكهولم تلقى البرازيليون هدفا مبكرا (د 5) من توقيع ليدهولم. لكن البرازيليين سرعان ما لعبوا برباطة جأش ورغبة جامحة في الفوز بالكأس وسجل فافا هدف التعادل (د 9) بعد تلقيه تمريرة في غاية الدقة من غارينشا أخطر جناح أيمن في تاريخ كرة القدم العالمية ليحرر هذا الهدف البرازيليين من الضعط النفسي الذي كان ينتابهم. وفي الدقيقة 32 وقع فافا ثانية بعد تسلمه الكرة مرة أخرى وبصورة مركزة من غارينشا ذي الرجلين المقوستين وضاعف بيلي الحصة بتسجيله هدفين لينتهي اللقاء بحصة 5-2 لفائدة منتخب البرازيل الذي كان أول منتخب يحرز الكأس خارج قارته. -- سانتياغو 1962 : رئيس البرازيل: كأس العالم أغلى لدينا من الأرز. لم يحل الزلزال العنيف،الذي ضرب الشيلي عام 1960 دون مضي البلاد قدما من أجل التهييىء كما ينبغي لهذا الحدث الدولي الرياضي العظيم . لكن شاءت الأقدار أن يتوفى الرئيس طارلوس ديتبوري الذي رفع تحدي تنظيم المونديال قبل افتتاحه بشهر واحد. وكان المنتخب البرازيلي (حامل الكأس) من أوفر المنتخبات المشاركة في الدورة حظا للفوز بالكأس. وقبل توجه البعثة الرياضية البرازيلية إلى سانتياغو خاطبها رئيس الدولة بقوله "عليكم الاحتفاظ بالكأس لتجعلوا مواطنيكم ينسون الأزمات الإقتصادية . فكأس العالم أغلى لدينا من الأرز". واستهل منتخب البرازيل المسابقة ضذ نظيره المكسيكي بنفس التشكيلة التي ظفرت بالكأس قبل أربعة أعوام مع بعض التغييرات الطفيفة،بينما واجهت إسبانيا تشيكوسلوفاكيا وكان في خط هجومها إثنان من أشهر اللاعبين عالميا الجناح الأيسر خينطو والمجري الأصل بوشكاش ورغم ذلك خسرت اللقاء بهدف يتيم. وخاض البرازيليون مباراة حاسمة ضد الإنجليز،لكن لسوء حظهم أصيب ديدي وأماريلدو بشد عضلي على التوالي في الدقيقتين 4 و19. وكان ثقل المسؤولية ملقى على كاهل اللاعب المقوس الرجلين غارينشا الذي عوض غياب بيلي باقتدار. ورغم حصة 3-1 فإن آداء البرازيليين لم يكن مقنعا. وتابعت ألاف الجماهير الشيلية مباراة المنتخبين الشيلي والسوفياتي على أمواج الأثير لأن الطاقة الإستعابية للملعب كانت محدودة ،ويومها لعب الحارس العملاق ليف ياشين ( العنكبوث) أسوء مباراة في حياته وخسر السوفيات اللقاء 2-1. والتقى منتخب الشيلي في نصف النهاية الأولى مع منتخب البرازيل . وأمام غياب بيلي عول البرازيليون كثيرا على مهارات الجناح النفاث غارينشا والمبدع زاغالو وفازوا 4-2 بينما جمعت نصف النهاية الثانية بين تشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا وتأهل الفريق الأول بفضل فوزه 3-1 في مباراة القمة للمرة الثانية بعد نهاية 1934 التي كان قد خسرها أمام نظيره الإيطالي. ولم يخرج الشيليون من المولد بلا حمص واقتعدوا المركز الثالث بعد فوزهم على يوغوسلافيا 1-0 . وليلة المباراة النهائية بادرت اللجنة المنظمة بالسماح لغارينشا باللعب رغم أنه تعرض للطرد في مباراة نصف النهاية ضد منتخب الشيلي. وأمام 66 ألف متفرج ،جرت المباراة النهائية وكان التشيك هم السباقون إلى التسجيل بواسطة جوزيف ماسوبوس وانتهت الجولة الأولى بالتعادل 1-1. وفي الجولة الثانية اهتزت شباك الحارس التشيكي مرتين بواسطة كل من زيطو وفافا ليتوج البرازيليون أبطالا للعالم للمرة الثانية على التوالي على غرار الإيطاليين سنتي 1934 و 1938 .
- مونديال 1966 : عودة كرة القدم إلى مهدها وبداية عهد التلفزيون: بإسناد تنظيم مونديال 1966 لإنجلترا تكون كرة القدم قد عادت إلى مهدها بعد 103 سنوات . ففي سنة 1863 بدأت كرة القدم تمارس بشكل مقنن في المراعي الخضراء وشهدت ميلاد إتحاد كرة القدم الإنجليزي . لكن الحدث قبل المونديال كان هو مقاطعة إفريقيا لتصفيات كأس العالم بسبب الحيف الذي لحق بها ذلك أن توزيع المقاعد لم يكن عادلا بالمرة بحيث منحت لأروبا عشرة مقاعد بما فيها إنجلترا البلد المضيف وأربعة لأمريكا الجنوبية وبطاقة واحدة لبلدان أمريكا الشمالية والوسطى ومثلها لإفريقيا وآسيا وأستراليا مجتمعة. لكن المسؤولين بالإتحاد الإفريقي والجامعات الوطنية كانوا يرون أن القارة الإفريقية تستحق بطاقة واحدة على الأقل وبمفردها . وبما أن احتجاجاتهم لم تجد آذانا صاغية تمت مقاطعة المونديال. بيد أن الإتحاد الدولي تدارك الموقف وكفر عن ذنبه في مونديال 1970 بالمكسيك بمنح القارة السمراء بطاقة هويتها ونفس الشيء بالنسبة لآسيا. وأمام حوالي 100 ألف متفرج جرت مباراة الافتتاح بين منتخبي أنجلترا والأروغواي وكانت سلبية في كل شيء نتيجة وأداء . وتأهلت الفرق القوية بدون عناء إلى الدور الثاني وفي مقدمتها البرازيل التي صفق لها الجمهور بحرارة وفازت 2-0 على بلغاريا التي أفرط لاعبوها في الخشونة . وكان هذا الفوز هو الأخير للبرازيليين الذين سيخسرون أمام كل من هنغاريا 3-1 ثم البرتغال بنفس الحصة . وغاب بيلي عن اللقاء الأول بفعل الإصابة بعد تعرضه للخشونة في مباراة بلغاريا. وفي اللقاء الثاني حضر بيلي لكن " الجلاد" جواو مورايس فرض عليه رقابة لصيقة وكانت وسيلته الوحيدة للحد من فعالية الجوهرة السوداء اللجوء إلى اللعب الخشن. وحينما كان بيلي منطلقا في إحدى عملياته الهجومية اعترض سبيله مورايس مرة أخرى وبكل عنف. وتأهل منتخبا البرتغال وهنغاريا لنصف النهاية وأقصي منتخب البرازيل ويومها قال بيلي " لن أشارك في مونديال 70 في مكسيكو حتى ولو طلب مني جواو هافلانج ( رئيس الجامعة البرازيلية وقتها) ذلك فأنا لست حزينا لأننا خسرنا ولكن لأنني لم أجد الفرصة لألعب كرة القدم . إن كرة القدم الجميلة والمثالية لم تعد موجودة . وهذا عائق رهيب يقف في وجه اللعبة وعشاقها المتعطشين للكرة الإستعراضية ". وبعدما أقصي المنتخبان الكبيران البرازيلي والإيطالي تفوق منتخبا ألمانيا وأنجلترا التي كانت كل الظروف لصالحها ( لم تتنقل البتة من لندن) على المنتخبين السوفياتي والبرتغالي بنفس الحصة 2-1. وأقيمت المباراة النهاية بين منتخبي أنجلترا وألمانيا التي كانت الملكة إليزابيت الثانية في مقدمة متتبعيها قمة في الإثارة والتشويق. كانت المبادرة للألمان بتسجليهم هدف السبق في الدقيقة 13 عن طريق هالير،لكن هولستر عادل الكفة في الدقيقة 81 . وفي الدقيقة 78 وقع الجناح الأيسر بيترز هدف الإمتياز . وازداد الألمان إصرارا وعزيمة وتمكنوا من تسجيل هدف التعادل في الأنفاس الأخيرة من اللقاء بواسطة فيبر . وخلال الشوطين الإضافيين تفوق الإنجليز مرة أخرى بفضل هدف هورست (109 ) حينما اصطدمت قذفته بالعارضة الأفقية،لكن هل تجاوزت خط المرمى أم لا فهذا هو اللغز المحير حتى الآن . لكن الحكم السويسري دينست أقر مشروعية الهدف الذي ما يزال مثار تساؤل وجدال . وفتر حماس الألمان وبدأت أعصابهم تتوثر فتلقوا هدفا رابعا (د120 ) والثالث لهورست الذي كان أول لاعب يسجل ثلاثية (هاتريك) في مباراة نهائية لتفوز أنجلترا بالكأس التي كانت قد تعرضت للسرقة قبل المونديال وعثر عليها أحد الكلاب مخبأة تحت إحدى الأشجار. - 1970 بالمكسيك : البرازيل تصادر كأس جول ريمي: بفضل النقل التلفزيوني احتل المونديال صدارة الأحداث واتخذ مونديال 1970 بعدا عالميا بمعنى الكلمة حيث أن مختلف القارات كانت ممثلة بما فيها القارة الإفريقية التي كان للمغرب شرف تمثيلها وأبلى منتخبه البلاء الحسن . وكانت أولى مفاجئات الدور الأول السارة العروض الطيبة التي قدمها المنتخب المغربي الذي أدهش الألمان وكان سباقا إلى التسجيل في مرمى الحارس العملاق سيب مايير الملق ب "القط" بواسطة جرير حمان بعد تلقيه تمريرة محكمة من العميد إدريس باموس .وخسر المنتخب المغربي المباراة 2-1 لقلة التجربة لكنه كسب الاحترام والاعجاب والتقدير. كما خسر المنتخب المغربي المباراة الثانية أمام بيرو كوبياس 3-0 وتعادل في الثالثة مع منتخب بلغاريا 1-1 . وكانت مباريات ربع النهاية مثيرة وحماسية . فقد انهزم البيروفيون بقيادة نجمهم كوبياس ومدربهم البرازبيلي ديدي أمام البرازيليين 4-2 وانهار منتخب البلد المضيف المكسيك أمام منتخب إيطاليا العتيد بقيادة نجميه ريفا ورفيرا 4 -1 وأقصى منتخب الأروغواي بصعوبة منتخب الاتحاد السوفياتي 1-0 بعد الشوطين الإضافيين من توقيع اللاعب أسبيراغو وهو الهدف الذي كان محل جدل . وجمعت مباراة القمة الثأرية في مدينة ليون بين المنتخبين اللذين لعبا نهاية 1966 ألمانيا وأنجلترا هذه الأخيرة خاضت اللقاء محرومة من خدمات حارسها الرسمي الكبير غوردان بانكس بسبب وعكة صحية وعوض ببونيتي . وبدأ المنتخب الأنجليزي اللقاء متفوقا 2-0. لكن الألمان سرعان ما أخذوا بزمام الأمور وأدركوا التعادل بواسطة بيكنباور وسلير. وفي الشوطين الإضافيين يسجل هداف كأس العالم جيرد مولير هدف الحسم ليضمن تأهل منتخب بلاده لنصف النهاية . وفي الدور نصف النهائي التقى منتخبان أوروبيان وهما منتتخبا إيطاليا وألمانيا من جهة ومنتخبان من أمريكا الجنوبية وهما منتخبا البرازيل والأروغواي من جهة أخرى لتكون النهاية أمريكية جنوبية -أروبية بين منتخبي البرازيل وإيطاليا. وخاضت ألمانيا مباراة نصف النهاية بتشكيلتها الكاملة بما فيها بكنباور الذي أكمل اللقاء ودراعه مربوطة على صدره . وكان الألمان منهزمين إلى غاية الوقت بدل الضائع فعادلوا الكفة بواسطة شلينجر. ومنح مولير الامتياز ل "الماينشافت" ثم عادل الكفة برغينش وأصبح الإمتياز لإيطاليا لكن مولير يسجل مرة أخرى ليمنح التعادل للمنتخب الألماني (3-3). وبعد هدف مولير بدقيقة ينجح النجم الإيطالي ريفا في هزم مايير ويمنح التأشيرة لمنتخب " الإسكوادرا أزورا" للعب المباراة النهائية ضد المنتخب البرازيلي الذي لم يجد أدنى عناء في هزم منتخب الأروغواي 3-1. وفي مباراة الترتيب فازت ألمانيا على الأروغواي 2-0 لتحتل بذلك المركز الثالث في المونديال المكسيكي. ولم يقو المنتخب الايطالي على وقف الطوفان الأصفر . ودشن بيلي اللقاء بطريقته الخاصة بتسجيله هدف السبق بضربة رأسية ( د18) لكن بوننسيغتا يوقع هدف التعادل لإيطاليا مستغلا خطأ في التغطية الدفاعية البرازيليلية (د37). وبعد الإستراحة واصل البرازيليون مهرجان الأهداف بواسطة جيرسون (د65) وجاييرزينو (د71) وكارلوس ألبيرطو (د87) عميد الفريق الذي تسلم كأس جول ريمي التي احتفظ بها البرازيليون إلى الأبد . وحمل البرازيليون بيلي على الأكتاف والدموع تنهمر من عينيه ليس فرحا بإحراز الكأس العالمية الثالثة مع منتخب " راقصي الصامبا ", ولكن لكونه شارك في آخر مونديال قبل الاعتزال .