أن يحتفى بالذكرى 19 لوفاة موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بالمغرب فذلك أمر بديهي، لأن الراحل أطرب مغرب العالم العربي كما أطرب مشرقه، إلا أن الاحتفاء به بتجليات من عود الموسيقار المغربي عبد الوهاب الدكالي هو المدهش والجميل وما منح الحفل صبغته الاستثنائية والتاريخية على السواء . فقد أحدث المركز الثقافي المصري بالرباط (مثمر) وجمعية إبداع بلادي، مساء أمس الثلاثاء، المفاجأة بإخبار الحضور بأن هرم الموسيقى المغربية عبد الوهاب الدكالي سيكون ضيف الاحتفاء بمحمد عبد الوهاب ... معانقا عوده كعادته، مرتديا بذلة سماوية اللون، وبتواضع جم استهل عبد الوهاب الدكالي كلامه عن المحتفى به بأنه "من الصعب الحديث عن محمد عبد الوهاب بفعل (كان) لأنه حاضر بيننا بكل ما خلفه من أعمال وعبقرية تشهد على ذلك". + محمد عبد الوهاب ..عادنا ما يشبه الأحلام من ذكراك + أبى عبد الوهاب الدكالي إلا أن يفرد جزءا من حفل الاحتفاء بالذكرى ال 19 لوفاة محمد الوهاب لصفحات من ذكرياته معه، وبتأثر بالغ فتح هذه الصفحات بدءا من حلم الطفولة بين جداول وحقول مدينة فاس العتيقة بلقاء موسيقار الأجيال، وانتهاء باللقاء بينهما، ولم يستطع أن يلجم عنان ذكرياته مع الراحل الذي يتسم "بصفات هي سمات العظماء، ككرهه للإطراء وخفة الدم" و"محب وشغوف بالموسيقى بكل حواسه" يؤكد الدكالي "وأطرب الملايين وما زال ...". وقد شعر كل الحاضرين لهذا الحفل، الذي رعاه سفير جمهورية مصر العربية بالرباط السيد أبو بكر حفني محمود، بأن محمد عبد الوهاب حاضر بينهم، والدكالي يدغدغ عوده في استعداد كما قال لتجليات من "الروح إلى الروح" وكانت المفاجاة وهو يختار أن يعزف ويغني آخر روائع الراحل (من غير ليه) طالبا من الجمهور أن "يسمعها بحواسه كلها". + محمد عبد الوهاب ...في قلبنا وفي قلبكم + بعد أن أطرب صاحب " كان يا ما كان" و"مونبارناس" و"مرسول الحب" و"سوق البشرية" ، الحاضرين برائعة "من غير ليه"، قدم السفير المصري السيد أبو بكر حفني محمود شهادة تقدير لعبد الوهاب الدكالي مخاطبا إياه بقوله "محمد عبد الوهاب في قلبنا وفي قلبكم". ثم طلب السفير من الفنان عبد الوهاب الدكالي البقاء لدقائق ليطرب الحاضرين بإحدى روائعه، فلبى الدكالي الطلب وأمتع الحضور بمقاطع من أغنية "مولد القمر" التي أخذت منه "سنتين من الحب والعشق والتعب والحب لتخرج إلى الوجود". من جانبه، وصف المستشار الإعلامي ومدير المركز المصري أحمد عفيفي حضور الدكالي بقوله إن "هذا الفنان الكبير وضع وساما على صدورنا جميعا بمساهمته الاستثنائية والتاريخية" ، واعدا بأن مشاركته في (مثمر) لن تكون الأخيرة، مقدما كرمز للحب والتقدير للدكالي "وردة بيضاء" محيلا على أغنية لمحمد عبد الوهاب "يا وردة الحب". + موعد ليس ككل المواعيد + الاحتفاء بالذكرى ال`19 لوفاة مطرب الأجيال ومجدد الموسيقى العربية وصاحب أروع الأعمال من قبيل "ياجارة الوادي" و"بلاش تبوسني في عيني" و" يامسافر لوحدك" و"من غير ليه" و"يا ست الحبايب" و" يا ورد مين يشتريك" و" مضناك جفاه" ، موعد ليس ككل المواعيد ، فمحمد عبد الوهاب كما قال أحمد عفيفي "قامة وقيمة، وعلم شامخ في سماء الفن العربي، ولؤلؤة الموسيقى، وجوهرة الغناء، وكروان الفن وبلبله". وأضاف عفيفي أن محمد عبد الوهاب " عنوان الغناء العربي .. صنع تاريخا وقدم لغة موسيقية لا تعترف بالحواجز ، وألحانا تجاوزت حدود الزمان والمكان وتحولت إلى طاقات نور أضاءت حياتنا". لقد نسجت ألحان محمد عبد الوهاب علاقة قوية مع المتلقي العربي، من محيطه لخليجه ومن شرقه لغربه ، وغنى لشعراء العالم العربي من أحمد شوقي لنزار قباني ونال أوسمة من كل الوطن العربي ومنها وسام الكفاءة بالمغرب. +أسماء مغربية أخرى تستحضر محمد عبد الوهاب+ وقد عرف هذا الحفل مشاركة أسماء مغربية ساهمت في إتحاف عشاق محمد عبد الوهاب بعدد من أغانيه منهم المطرب محمد علي الذي عزف على العود " يادنيا يا غرامي" و"يا مسافر لوحدك" و"مصر نادتنا" كما شارك في الحفل ايضا المطربان البشير عبده وعزيز حسني. يشار إلى أن جمعية "إبداع بلادي" التي يترأسها الفنان توفيق عمور، والتي نظمت الحفل بتعاون مع المركز الثقافي المصر (مثمر)، منحت الفنان عبد الوهاب الدكالي شهادة تقدير. + رحلة في حياة محمد عبد الوهاب .. إنسانا وفنانا + ليس من السهل تتبع رحلة حياة "موسيقار الأجيال"، وهو "الهرم الموسيقي" الذي بصم تاريخ الفن العربي ببصمات من حرير. فالمولد والنشأة كانتا سنة 1901 في حي باب الشعرية بالقاهرة. حفظ القرآن الكريم وهو في سن السابعة ورتله فشنف آذان الناس. ارتبط اسمه بأحمد شوقى ولحن أغان عديدة لأمير الشعراء، غنى معظمها بصوته ولحن "كليوباترا" و"الجندول" من شعر علي محمود طه وغيرها. لحن للعديد من كبار الفنانين في مصر والبلاد العربية الأخرى من بينهم أم كلثوم وليلى مراد وعبد الحليم حافظ وفيروز وطلال مداح وأسمهان ووردة الجزائرية وفايزة أحمد. كما خلف محمد عبد الوهاب أعمالا سينمائية أضحت من كلاسيكيات السينما العربية منها (الوردة البيضاء) و(دموع الحب) و(يحيا الحب) و(يوم سعيد) و(ممنوع الحب) و(رصاصة في القلب) و(لست ملاكا).