ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كان مهووسا بالنظافة ويخاف ركوب الطائرة واتهامه بالبخل مجرد شائعة
ابن محمد عبد الوهاب يكشف أسرارا مجهولة من حياته:
نشر في المساء يوم 23 - 08 - 2009

على مدار 70 عاما، بصم الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب الموسيقى العربية، وأعطى أعمالا كبيرة وصفها النقاد بمعجزات الألحان، ولحن لعمالقة الغناء الذين لا زالت أعمالهم تتحف عشاق الطرب الأصيل الى يومنا هذا. هذا جزء مما يعرفه جل الناس عن هذا الفنان الكبير، لكن القلة القليلة هي التي تعرف كيف كانت بداياته الفنية، وكيف كاد يموت بسبب منع عائلته له من الغناء، إلى درجة أنها استخرجت له شهادة الوفاة، وسر صراعه الفني مع أم كلثوم وخصامه مع أمير الشعراء أحمد شوقي، وسبب هوسه بالنظافة وخوفه من ركوب الطائرات. لمعرفة هذا الجانب الخفي من حياته التقت «المساء» ولديه محمد وأحمد عبد الوهاب خلال تواجدهما بالمغرب، وخرجت بهذه الشهادات المؤثرة.
- تضاربت الآراء حول التاريخ الحقيقي لميلاد الموسيقار محمد عبد الوهاب. متى كانت ولادته بالضبط؟ وكيف ولج عالم الغناء؟
> كانت نشأة محمد عبد الوهاب بالقاهرة، وبالضبط بحي باب الشعرية بجوار جامع سيد الشعراني، وقد تضاربت الآراء بالفعل حول تاريخ ميلاده، فمنهم من قال إنه ولد سنة 1899، ومنهم من قال إن ولادته كانت سنة 1903. ولأن عبد الوهاب أصغر من أم كلثوم ويوسف وهبي بسنتين فالأرجح أنه من مواليد 1901. وبخصوص نشأته فقد تولى تربيته شقيقه الشيخ حسن الذي كان يكبره بنحو 15 سنة، والذي كان له تأثير كبير على حياته، وذلك بحكم اشتغال والده كشيخ بمسجد الشعراني. لقد نشأ والدي عبد الوهاب في أجواء أسرية عادية، وحفظ القرآن الكريم في سن السابعة، وتأثر بالشيخ محمد رفعت، أحد عظماء قراء المقرئين على مر العصور. أما ولوجه عالم الغناء فقد كان مقدرا لأن جرثومة الفن، كما كان والدنا يردد دائما، غرست بداخله في سن صغيرة، أي عندما يستمع إلى أغاني الشيخ سلامة حجازي والشيخ أبو العلا، فأصبح مشدودا للغناء، فقرر أن يجرب حظه دون علم أسرته، لأن امتهان الفن في أوائل القرن العشرين كان يعتبر سبة وأمرا مهينا. وبمرور السنوات أصبح والدي من أوائل الفنانين الذين فرضوا على الناس احترام الفن، سواء أكان غناء أو تمثيلا، شعرا أو أدبا.
كاد يموت بسبب حبه للفن
- ألهذا السبب غير اسمه في بداياته الفنية الأولى إلى محمد البغدادي؟ وكيف كان رد فعل أهله حين علموا بالأمر؟
> هذا صحيح، فقد لجأ والدي إلى ذلك بسبب خوفه من عائلته التي كانت ستمنعه بكل تأكيد لو علمت بأمر احترافه الفن، وهو ما كان يخيفه لأن الفن أصبح يسري في دمه، وهكذا غير اسمه إلى محمد البغدادي خلال بداياته الأولى في فرقة فؤاد الجزايرلي، حتى لا يعرف أحد أنه ابن الشيخ عبد الوهاب، لكن بعد ذلك علموا بالأمر فحبسوه في البيت وساءت حالته الصحية بشكل كبير إلى درجة أن الطبيب الذي فحصه اعتقد أنه توفي، كما استخرجت له العائلة شهادة وفاة. غير أن محمد عبد الوهاب تعافى وعاد إلى الحياة فقررت عائلته أن تسايره في رغبته، وكنتيجة لذلك بدأ يغني في المسرحيات بين الفصول.
- لماذا عمل عبد الوهاب في شبابه كأستاذ أناشيد؟
> حتى يؤمن مصاريف معهد الموسيقى العربية حيث كان يدرس، وقد كان من بين تلامذته الأديب إحسان عبد القدوس وعلي ومصطفى أمين رائدا التمثيل في مصر.
- كيف كان يعاملكم كأب؟ وهل كان ينهج معكم أسلوبا خاصا في التربية؟
> كان يطلق على أخواتي البنات ألقاب دلع خاصة، فالمرحومة عائشة كان يسميها «إش إش»، أما عفت فكان يناديها ب «فت فت» وعصمت ب «تم تم». وكان يعامل شقيقنا طارق ابن والدتنا من زواج سابق كابنه تماما. في فترة الطفولة لم يكن هناك ارتباط بيننا وبين والدنا، الذي كان يحب الأطفال لكن بعيدا عنه. لكن في مرحلة المراهقة أصبحنا قريبين منه بشكل كبير، وأصبحت تربطنا به علاقة صداقة واحترام...والدي لم يكن ديكتاتورا أبدا مع أولاده.
- لماذا لم يحترف أحد من أولاده الفن باستثناء ابن شقيقه سعد عبد الوهاب الذي سرعان ما اعتزل بدوره؟
> عندما يكون والدك هو محمد عبد الوهاب، لا أعتقد أنك ستضيف شيئا إذا ما احترفت الفن، اللهم إذا كنت تمتلك موهبة أعلى من موهبته.
- ما هي أجمل الذكريات التي لا زالت عالقة في ذهنك عن والدك؟ وكيف كانت علاقته بالفنانين الذين عاصروه؟
> كان والدنا يحب والدته كثيرا، وكان أول شيء يفعله عندما يستيقظ من نومه وآخر شيء يفعله قبل أن ينام هو تقبيل صورة والدته وقراءة الفاتحة على روحها. وبالنسبة إلى علاقته بباقي الفنانين، فقد كان على علاقة جيدة بهم جميعا، وخاصة بعبد الحليم حافظ الذي كان يعزه بشكل كبير، والسيدة أم كلثوم وحسين السيد وعبد الغني السيد ومحمد فوزي وغيرهم. وفي هذا الصدد أتذكر أن أم كلثوم اتصلت بوالدي ذات يوم ليمارسا معا هوايتهما المفضلة: المشي، فاختارا معا منطقة المعادي وطلبا من السائق أن ينتظرهما على بعد 3 كلم، لكن بعد عدة خطوات تجمهر الناس من حولهما وقررا ألا يعيدا الكرة مرة أخرى، وكانا يقضيان عطلة الصيف بمنطقة صحية بالنمسا، حيث كانا يمارسان هذه الهواية المفضلة عندهما.
- هل صحيح أنه كان يتبع نظاما غذائيا معينا وكان يمارس رياضة المشي لمدة نصف ساعة داخل المنزل؟
> هذا صحيح، فوالدي لم يكن يأكل سوى الخضر المسلوقة التي وصفها له الطبيب لمدة ثلاثة أشهر فقط، لكنه استمر عليها طيلة 45 سنة. وكان في شقتنا ممر طويل يمارس فيه رياضة المشي، وكان يقطع تلك المسافة جيئة وذهابا حتى يقطع مسافة كيلومترين.
إلى أي مدى كان محمد عبد الوهاب يهتم بأناقته؟
> الأناقة أخلاق وليست تربية، وعبد الوهاب كان أنيقا بطبعه في ملابسه وجلسته وألحانه وطريقة حديثه.
- لماذا كان يخاف ركوب الطائرة؟ وهل صحيح أنه كان مهووسا بالنظافة ويخاف من المرض؟
> كان مهووسا بالنظافة ويغسل يديه عقب كل سلام، خوفا من أن ينقل إليه أحد ما العدوى. وكان يخاف ركوب الطائرة بشكل كبير، وخلال جميع سفرياته كان يسافر عبر الباخرة، إلا أنه مرض ذات يوم بعد رحلة سفر، فاضطر إلى ركوب الطائرة، خلال 15 سنة الأخيرة من عمره فقط.
- هل صحيح أن الشاعر أحمد شوقي تقدم بعد أول لقاء بوالدك بشكاية ضده قبل أن تتوطد علاقتهما؟ وما هو الدور الذي لعبه هذا الشاعر في حياة والدكم؟
> كانت العروض المسرحية تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل، وكان والدي يغني بين فصول هذه المسرحيات، وفي أحد الأيام كان من بين الحضور أمير الشعراء أحمد شوقي، فاعترض على وجود طفل لا يتجاوز سنه 12 سنة يغني في ساعات متأخرة من الليل، وفي اليوم التالي بعث بشكوى إلى حكمدار القاهرة يطلب فيها منع عبد الوهاب من الغناء بسبب صغر سنه، وبالفعل تم المنع فغضب عبد الوهاب من أحمد شوقي لأنه حرمه من تحقيق ذاته ومن مصدر رزقه الذي يتقاسمه مع والدته. وبعد أن كبر محمد الوهاب التقى مجددا مع شوقي الذي أكد له أن منعه من الغناء كان من أجل مصلحته، وبعد ذلك توطدت العلاقة بين شوقي وعبد الوهاب، حيث تبناه بشكل تام، وكان مقتنعا بأن والدي سيكون له شأن عظيم في الموسيقى. كما أن الموسيقار سيد درويش قال ذات مرة بعد لقائه بعبد الوهاب: «هذا الولد حيشقلب الدنيا».
- هل كانت له طقوس خاصة خلال تلحينه للأغاني؟
> لم تكن له طقوس خاصة، فقد يكون يتحدث معك، وفجأة تشعر أنه لم يعد يحس بوجودك، ثم يقفز من مكانه ويكتب بسرعة وكأنه عثر على كنز. وقد يكون نائما ويستيقظ ليسجل خواطره الموسيقية، وإذا ما قام في اليوم الموالي وأعاد الاستماع إليها ولم تعجبه فإن سلة المهملات تكون مصيرها. وأتذكر أنني كنت أرافقه على متن السيارة وفجأة قال للسائق «قف يا أسطى وهات لي ورقة وقلم»، فلم يجد السائق سوى جزارا أخذ منه الورق الذي يلف به اللحم وسلمهما لوالدي الذي كتب عليهما نوتات موسيقية.
فنان مزواج
- يؤكد بعض المؤرخين الفنيين أن محمد عبد الوهاب تزوج ثلاث مرات وليس مرتين، وأن زوجته الأولى كانت سيدة مجتمع أرستقراطية؟
هذا صحيح. فأول زواج لمحمد عبد الوهاب كان من سيدة أكبر منه سنا تنتمي إلى الطبقة الأرستقراطية المصرية، تدعى زبيدة ابنة باشا. بعد ذلك تزوج بوالدتنا السيدة إقبال نصار وأنجب منها أولاده الخمسة، وبعد زواج دام 14 سنة تم الطلاق، ليتزوج بعد ذلك بالسيدة نهلة القدسي التي ظلت زوجته حتى لحظة وفاته.
- يتردد أنه تزوج والدتكم بعد قصة حب عنيفة، وأنه حزن كثيرا عندما حدث الطلاق؟
> عشق والدي السيدة إقبال والدتنا كثيرا، وقد تزوجا بعد قصة حب كبيرة جمعت بينهما، وعندما حدث الطلاق حزن والدي كثيرا على هذا الفراق، وجسده في عمله الغنائي «لا مش أنا اللي أبكي».
- هل صحيح أن والدكم كان تحت سيطرة زوجته الأخيرة نهلة القدسي، وأنها كانت تتدخل في عمله وتختار له الفنانات اللواتي يتعامل معهن بسبب غيرتها الشديدة عليه؟
> لا توجد امرأة لا تحب زوجها ولا تغار عليه، خاصة عندما يكون فنانا مشهورا، ولديه الكثير من المعجبات. وبخصوص السيدة نهلة وتدخلها في عمله، فهذا كلام لا أساس له من الصحة لأن ما أعرفه عن والدي هو أنه كان يرفض أن يتدخل أي أحد في عمله سواء أكان أولاده أو زوجته. كما أن عبد الوهاب لم يسبق له أن أحب أي فنانة تعامل معها. هناك فنانات كان يكن لهن محبة خاصة ويعتز بأصواتهن كليلى مراد ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد.
- لاحقت محمد عبد الوهاب على مدار تاريخه الفني الطويل اتهامات بالسطو على ألحان كبار الموسيقيين العالميين والمصريين، كيف كان رد فعله حينما كان يسمع مثل هذه الاتهامات؟
> كان والدي يعترف بأنه يقتبس جملا موسيقية من الموسيقيين العالميين كفيردي، ويقوم بتعريبها وبإضفاء طابع شرقي عليها، وهذا عمل إبداعي يعد في صالح عبد الوهاب وليس ضده. وقد صرح المايسترو سليم سحاب دفاعا عن عبد الوهاب أنه من الطبيعي أن يأخذ الفنانون عن بعضهم البعض، وضرب مثلا ببتهوفن الذي اقتبس جملة موسيقية من موزارت، ولكن هذا لم يقلل من شأن بتهوفن كعبقرية في عالم التأليف الموسيقي.
- لكن هناك اتهام صريح من الملحن رؤوف ذهني بأنه كان يبيع لوالدكم ألحانه. فهل هذا نابع من غيرة أم حقد فني؟
> الغيرة الفنية مطلوبة وعلى أساسها يتطور الفنان، لكن عندما تتحول هذه الغيرة إلى حقد تصبح مشكلة. وليس من المعقول أن يمنح رؤوف ذهني إبداعاته الفنية كالجندول والكرنك وغيرها لعبد الوهاب، بينما يحتفظ لنفسه بألحان تتجاوز 200 لحن كلها أقل من المتوسط، فهذا في نظري يعتبر ضربا من الجنون.
حقيقة صراعه مع أم كلثوم
- هل لعب الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر دورا في لقاء أم كلثوم بمحمد عبد الوهاب في أغنيتهما الأولى «أنت عمري»؟ وما هي حقيقة الصراع الذي كانا بطليه معا؟
> لقاء ألحان عبد الوهاب بصوت أم كلثوم تم سنة 1962 وأطلق عليه لقاء السحاب، والدور الذي لعبه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لحدوث هذا التعاون حدث خلال دعوة عشاء جمعته بوالدي والسيدة أم كلثوم فقال لهما: «متى سنسمع لحن عبد الوهاب بصوت أم كلثوم»؟ لكن قبل هذا التاريخ كان هناك مشروع فني بينهما خلال فترة الثلاثينيات إلا أنه أجهض، لتشتغل نار الغيرة الفنية بينهما، ويمضي كل واحد في طريقه لتوسيع قاعدته الجماهيرية.
- لقب والدك بمطرب الأجيال ومطرب الملوك والأمراء فأي لقب كان يفضل أكثر؟
> في إحدى المرات سألته: هل يفضل لقب موسيقار؟ فكان جوابه «موسيقار لا تنفع» لأن الموسيقار هو الذي يقود أوركسترا موسيقية، لقد كان والدي يفضل لقب الموسيقي. وعندما كان يخاطب أحدا في الهاتف يقول له «معك محمد عبد الوهاب الموسيقي».
- لماذا احتفظ بأغنية «من غير» التي كان من المقرر أن يؤديها عبد الحليم حافظ رغم محاولات العديد من المطربين والمطربات الظفر بها؟
> أعتقد أن السيدة وردة كانت تريد أن تؤدي هذه الأغنية، لكن والدنا احتفظ بها لمدة 13 سنة قبل أن يفرج عنها بصوته، وفي اعتقادي أن هذه الأغنية وهابية لا تليق سوى بصوت محمد عبد الوهاب.
علاقته بالحسن الثاني
- حظي والدك بالتكريم من طرف العديد من الملوك والرؤساء العرب ومن بينهم الملك الراحل الحسن الثاني. ما هي ذكرياته عن المغرب وملكه؟
> كان محمد عبد الوهاب يعشق المغرب والحسن الثاني الذي كان من عشاق الفن الأصيل، وبدوره كان الملك الراحل يبادل والدنا هذا الحب. كما أن الشعب المغربي يعتبر من الشعوب «السميعة»، أي له أذن موسيقية تحفظ أعمال الفنان عن ظهر قلب. وفي هذا الصدد أتذكر أن والدي أخبرنا بعد إحدى زيارته للمغرب أنه قابل معجبا يحفظ جميع أعماله الفنية وتواريخ إنجازها وأدق التفاصيل التي رافقت تلك الأعمال. كما أن عدد البلدان العربية التي زارها والدنا تعد على أصابع اليد الواحدة منها فلسطين أيام العشرينيات وسوريا ولبنان والمغرب.
- هل كان يستمع إلى الموسيقى المغربية؟ ومن هم الفنانون المغاربة الذين كانوا يحظون بإعجابه؟
> وصف والدي مرة الفولكلور المغربي بالفوضى المنظمة، وكان يقول إنه «تيمبو» غريب لكنه مثير ويتميز بتكتيك خاص ينفرد به المغرب دون بقية البلدان العربية. وبالنسبة إلى الفنانين المغاربة فقد كانت تربطه علاقة وطيدة بالفنان عبد الوهاب الدوكالي الذي استقبله مرارا في بيتنا بالقاهرة، كما كانا يلتقيان بباريس.
- هل كان يشاهد أفلامه السينمائية السبعة؟ وما هو الفيلم الذي كان يحبه أكثر من غيره؟
> كان يفضل فيلم «رصاصة في القلب» لأنه حقق نجاحا كبيرا حين عرضه. غير أن والدي لم يكن يفضل رؤية أعماله ليشاهد نفسه، بل ليرى أشياء أخرى كشبابه وأناقته وكان يقول لنا: «أنا عجزت بس شوف في شبابي كنت إزاي».
- أشيع عن والدكم البخل، ويقال إنه كان يطالب بمبالغ كبيرة نظير ألحانه، فهل هذا صحيح؟
> البخل ليس في الجيب بل في العقل والقلب، ووالدي كان كريما مع أولاده ومع نفسه وعائلته، عاش عيشة كريمة جدا، وربما أشيع عنه البخل لأنه لم يكن يفتح باب بيته لأي كان، أو يقيم السهرات. بالنسبة إلى ألحانه فقد كان غزير الإنتاج وكانت روائعه الفنية للأصوات التي تستحقها.
- هل كان يدخل المطبخ ليساعد زوجته أم كان رجلا شرقيا في طباعه؟
> كان رجلا شرقيا، وحتى إن لم يكن رجلا شرقيا فإن الفنان تمنعه مشاغله الفنية من دخول المطبخ.
- ماذا أضاف عبد الوهاب للموسيقى العربية؟
> لا أستطيع أن أقول شيئا يؤخذ علي خصوصا أنني لست من ذوي الاختصاص، لكن سأعيد ما يقال عنه من أنه نقل الغناء من إطار الوسط الشرقي المحدود إلي آفاق أوسع، حيث أضاف الآلات الغربية إلي العربية فهو أحدث تطورا في الموسيقي العربية الحديثة، وسأكرر ما قاله فنان الشعب سيد دوريش» هذا الولد حيشقلب الدنيا»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.