( إعداد : عبد النبي الصيبي ) تعبأت أطر مستشفى الأم والطفل التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، تحذوها في ذلك إرادة قوية للعمل على تقليص نسبة وفيات النساء الحوامل بالجهة، فتبنت مقاربة جديدة تهدف إلى تحسين الخدمات الطبية المقدمة والرفع من مستواها. وترتكز هذه المقاربة على برنامج واعد وطموح يهدف إلى إنشاء شبكة للتواصل تعتمد على الهواتف المحمولة والانترنيت، وتربط بين أطر المصالح الداخلية للمستشفى من جهة، والمراكز الصحية ودور الولادة بمراكش وأقاليم الحوز وشيشاوة وقلعة السراغنة من جهة أخرى. وتسهر على إنجاح هذه المبادرة أطر طبية من بينها بروفيسورات يحذوهم الأمل في تطوير نظام الخدمات الطبية ليكون مستشفى الأم والطفل بمراكش، الذي لم تكتمل بعد سنتان على إنشائه، قيمة مضافة حقيقية ومؤسسة تساهم في المسار التنموي الذي تعرفه المنطقة. وقد زكى هذا الطموح، في إرساء شبكة التواصل وتوسيعها، النجاح الكبير الذي حققته التجربة التي تم القيام بها مع المركز الصحي التابع للجماعة القروية الأوداية (على بعد حوالي 26 كلم عن مراكش)، حيث يقوم الطاقم الطبي بها والمتكون من طبيب وممرضين باستشارة دائمة مع البروفيسورات بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بشأن كيفية التعامل مع الحالات الصعبة. وأكد مجموعة من البروفيسورات المشرفين على هذا البرنامج، وهم عبد الرؤوف سوماني ونجمي هشام وأديب الغسان، أن إرساء وتفعيل هذه الشبكة التي تعتمد على التواصل المستمر عبر الهواتف المحمولة والأنترنيت سيقدم خدمات جليلة لقطاع الصحة بالمنطقة ويعمل على التشجيع على الولادة في المؤسسات المختصة. وأشاروا إلى أن إحداث هذه الشبكة تم بعد دراسة عميقة وميدانية لعدد من المراكز الطبية بأقاليم الحوز وشيشاوة وقلعة السراغنة بالإضافة إلى مراكش ونواحيها، وعقد مجموعة من الندوات والأيام الدراسية التي تمحورت حول الإعلام وتكوين الأطباء العاملين بالمراكز الصحية حول الأساليب المتطورة للتكفل بالنساء الحوامل. وأبرزوا أن إحداث نظام مصلحة المساعدة الطبية المستعجلة بالجهة يعتبر وسيلة إضافية لتعزيز وإنجاح أهداف هذه الشبكة، ويمكن أطباء مختصين من الاتصال بالطاقم الطبي بالمراكز الصحية ودور الولادة لتشخيص الحالات والوقوف على درجة الخطورة عند المرأة الحامل ومساعدتهم على التعامل مع الحالات المستعصية في انتظار نقلها عبر سيارات إسعاف مجهزة إلى المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس. وأوضحوا أن التجربة مع المركز الصحي الأوداية مكنت من ربط قنوات التواصل المستمر ومناقشة جميع حالات الولادة التي تجرى بهذا المركز بالإضافة إلى تزويد الطاقم الطبي الذي استفاد من حصص تكوينية في هذا المجال بمطبوعات تعرف بالاجراءات الواجب اتخاذها أمام ولادة مستعصية مما ساهم في تفادي بعض الوفيات. وأشاروا إلى أن الهدف من إحداث هذه الشبكة يكمن في التوفر على ملف طبي خاص بكل النساء الحوامل بالمنطقة، في إطار نظام معلوماتي يمكن من تتبع تطورات حالاتهن ويكون في متناول الأطباء المعنيين، مبرزين أن من شأن هذه المبادرة التخفيف من الضغط على مستشفى الأم والطفل الذي يعاني من نقص في العناصر البشرية العاملة به. وأعربوا عن أملهم في تعميم هذا النموذج الناجح ليشمل كل المراكز الصحية ودور الولادة بالجهة، مشيرين إلى أن الانخراط في هذه المبادرة متوقف فقط على توفر الإرادة لدى العنصر البشري العامل بهذه المؤسسات. وخلصوا إلى القول إن تجربة جماعة الأوداية أصبحت نموذجا يحتذى به ويجب تعميمه على باقي مناطق الجهة لتنظيم هذا القطاع حتى يتم الرفع من مستوى الخدمة الطبية المقدمة للمواطنين والعمل على جعل تخفيض نسبة وفيات النساء الحوامل واقعا ملموسا وثقافة وسلوكا بالنسبة للطاقم الطبي العامل في هذا المجال. ومن جهته، أكد الدكتور محمد سعيد بلقاضي رئيس مصلحة الشؤون المهنية بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس أن هذه العملية تندرج في إطار انفتاح البروفيسورات ورغبتهم في تحسين جودة الخدمات الطبية المقدمة والعمل على تقليص نسبة وفيات النساء الحوامل ، مشيرا إلى أن تكوين الأطباء والممرضين العاملين بالمراكز الصحية يمكنهم من التمرس على أساليب تقنية جديدة في عمليات التوليد بالاضافة إلى إرسال الحالات المستعصية إلى مستشفى الأم والطفل في أحسن الظروف. وأكد أن هناك ارتياحا تاما للنتائج التي حققها هذا النموذج، معربا عن الأمل في أن يتم تحديد الوسائل الكفيلة بتعميمها في ظل توفر الامكانيات اللوجستيكية. أما مدير مستشفى الأم والطفل الدكتور عز الدين طه، فجدد تأكيده على أن من شأن تعميم هذه الشبكة على باقي المراكز الطبية ودور الولادة بالجهة أن يمكن من تفادي الوفيات الناجمة بالخصوص عن ارتفاع الضغط الدموي أو تمزق الرحم. ويتوفر مستشفى الأم والطفل، الذي استقبل سنة 2009 عشرة آلاف و 942 حالة ولادة، على قاعة للتوليد تضم تسع حجرات للولادة وثمانية أسرة مخصصة للانتظار (قاعة المخاض) علاوة على مركب للجراحة يتكون من تسع قاعات (أربعة لجراحة الأطفال وخمسة لجراحة النساء). كما تم خلال هذه الفترة تسجيل 26 حالة وفاة لنساء حوامل 22 في المائة منها تنحدر من إقليمالحوز و8 في المائة من شيشاوة و7 في المائة من قلعة السراغنة و11 في المائة من نواحي مراكش.