قام مؤخرا طلبة باحثون من جامعتي الحسن الأول بسطات وإكس مرسيليا برصد، في مؤلف جماعي، الأحداث البارزة التي هيمنت على المشهد السياسي الوطني خلال 2009، سواء على مستوى المؤسسة الملكية أوغيرها من مجالات الحياة العامة. ويندرج هذا التقرير، الذي أشرف عليه الأستاذ جمال حطابي ويحمل عنوان "المغرب السياسي خلال 2009"، في إطار سلسلة "منشورات المجلة المغربية للسياسات العمومية". ويحاول هذا المؤلف الذي يقع في 200 صفحة، والذي تم تقديمه اليوم الجمعة بالرباط خلال لقاء نظمته المجلة المذكورة ومؤسسة فريديريك نومان، تقديم حصيلة لأنشطة المؤسسة الملكية خلال العام 2009، والذي توج عقدا من حكم صاحب الجلالة الملك محمد السادس والذي كان فيه جلالته "الفاعل الرئيسي في المشهد السياسي المغربي وأبان عن إرادة وحركية منقطعتي النظير". وأبرز المؤلف أن جلالة الملك أعطى "دفعة قوية للعمل العمومي حيث شكل جلالته المحرك لدينامية الدولة، وميز بشكل كبير عمل البلد على الصعيدين الوطني والدولي". وأشار المؤلف إلى أن جلالة الملك، الذي ظل قريبا من رعاياه، "لم يتردد في تقاسم لحظات الفرح والحزن مع الناس. وهكذا، تم إطلاق أو تدشين خلال العام 2009 العديد من البرامج ذات الطابع الاجتماعي لصالح الفئات المعوزة التي تعيش في الجماعات القروية، والقرى النائية، أو في هوامش المدن الكبرى". وخلال تطرقه لعمل الحكومة، أبرز المؤلف أن عام 2009 كان بما لا يدع مجالا للشك، سنة صعبة في ظل إجراءات استباقية لتجنيب المغرب تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية والحد من انتشار وباء فيروس انفلوانزا الخنازير. وفي هذه الظرفية الصعبة، قامت الحكومة المغربية بتكييف عملها للاستجابة لمتطلبات الظرفية وحفاظا على النمو الذي تم تسجيله خلال السنوات السابقة. وفي الشأن الاجتماعي، سجلت سنة 2009 انخراط الحكومة في الحوار الاجتماعي الذي أفضى إلى نتائج ملموسة. أما على الصعيد الاقتصادي، فقد انكبت الحكومة أيضا على تطوير بعض القطاعات عن طريق إقامة العديد من المشاريع القطاعية، لا سيما في مجالي الصيد والطاقة. وفي الجزء المخصص للعمل التشريعي، يذكر أن النشاط البرلماني تميز بمنجزين بارزين، ويتعلق الأمر بالقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي ، والتقرير الخاص بصناعة الأدوية بالمغرب، فضلا عن العمل التقني الذي اضطلعت به اللجان الدائمة وإحداث لجان التحقيق حول مختلف القضايا. وبخصوص الحياة الحزبية، اعتبر الباحثون أن إحداث حزب الأصالة والمعاصرة شكل بلا منازع الحدث الأبرز الذي طبع السنة السياسية 2009. ويخصص المؤلف فصلا لقضية الصحراء، موضحا أن سنة 2009 شكلت تحولا في تدبير هذا الملف. وأشارت الوثيقة نفسها إلى أنه "في 6 نونبر 2009، وبمناسبة الذكرى ال34 للمسيرة الخضراء، وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس خطابا حازما جدا لأعداء الوطن ". وكانت الأقاليم الجنوبية للمملكة في صلب اهتمام جلالة الملك من أجل تطوير مؤهلاتها وبنياتها التحتية والنهوض بالأوضاع السوسيو- اقتصادية لساكنتها، في أفق تحضيرها لنظام مبتكر وهو الجهوية المتقدمة. ويخصص المؤلف أيضا فصولا للحديث عن المسلسل الانتخابي لسنة 2009 وإصلاحات قطاع التربية الوطنية والعدل والحقل الديني، وكذا للعمل الرامي لمكافحة الإرهاب، ومجال الصحافة. وأكد مدير المجلة المغربية للسياسات العمومية السيد حطابي، خلال هذا اللقاء، أن الهدف من التقرير هو إطلاق نقاش علمي حول الأحداث السياسية عبر وضع معطيات موضوعية وموثوقة رهن إشارة الباحثين ومختلف الفاعلين بالساحة السياسية. وقال إن القضية السياسية فرضت نفسها باعتبارها الموضوع الأبرز بالمغرب سنة 2009، موضحا أنه منذ بداية السنة الجارية، شهد المشهد السياسي تحولات أدت إلى تغيير ملامح الساحة السياسية المغربية. وأشار في هذا الصدد إلى إحداث حزب الأصالة والمعاصرة، والمسلسل الانتخابي، والتقدم الذي تم تحقيقه في ملف الصحراء، والمخطط الاستعجالي للتعليم وإصلاح القضاء. من جهته، أكد منسق المشروع بمؤسسة (فريدريك نيومان) السيد عبد الواحد بوكريان أن هذا التقرير الذي يتوخى النهوض بالنقاش العمومي، عهد به إلى طلبة باحثين شباب بهدف إشراكهم في الشأن السياسي.