أجمع المشاركون في يوم دراسي دولي نظم، أول أمس الخميس بتطوان، حول موضوع "الجهوية الموسعة على ضوء الخطاب الملكي ليوم ثالث يناير 2010"، على أن الجهوية تشكل حجر الزاوية في بناء صرح الدولة الحديثة. وجدد هؤلاء المشاركون، الذين عبروا عن دعمهم وانخراطهم في هذا الورش الكبير، الذي دشنه جلالة الملك محمد السادس، في إطار الإصلاحات التي يشهدها المغرب تحت القيادة الرشيدة لجلالته، التأكيد على مغربية الأقاليم الجنوبية التي تشكل جزء لا يتجزأ من المملكة. وشارك في هذا اللقاء، الذي نظمته الكلية متعددة التخصصات بتطوان بتعاون مع المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، أساتذة جامعيون وخبراء مغاربة وأجانب. وفي كلمة بالمناسبة، أكد السيد أحمد بوعشيق الأستاذ بكلية الحقوق بسلا عضو اللجنة الاستشارية للجهوية، أن المغرب حقق قفزة نوعية بإقراره لمشروع الجهوية في مجال ترسيخ وتعزيز الدولة الحديثة، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن الخطاب الملكي السامي يشكل "خارطة طريق" لبلوغ هذا الهدف. وذكر بأن المغرب يعد واحدا من البلدان القلائل التي أعدت منذ سنة 1956 آليات تشرك المواطن في تدبير الشأن العام، داعيا إلى تحويل الكفاءات من الدولة إلى الجهة. وأبرز ضرورة تمكين الجهة من الموارد المالية والبشرية الكافية مشددا، بالأساس، على الشراكة مع المكونات الأخرى للمجتمع والتضامن بين الجهات. ودعا السيد بوعشيق، في هذا السياق، إلى محاربة "فكرة المغرب النافع وغير النافع" مجددا التأكيد على عدم إمكانية إقامة جهوية موسعة من دون مسار اللامركزية. وخلص إلى القول إن المغرب انخرط في مسار الجهوية بفضل الإرادة الملكية التي تتغيى ترسيخ وتعزيز دولة الحق والقانون الحديثة. من جانبها، ركزت السيدة أمينة مسعودي أستاذة القانون العام بكلية الحقوق الرباط-أكدال عضو اللجنة الاستشارية للجهوية مداخلتها على "السقف المحدد" في مجال الجهوية، مؤكدة، في هذا الصدد، أن مبادرة الحكم الذاتي للصحراء تندرج في إطار هذه الجهوية. وبعد أن استدلت ببعض الدول الأوربية، من قبيل فرنسا والبرتغال وإسبانيا، اعتبرت السيدة مسعودي أن المشروع المغربي، الذي يستلهم من النماذج الأخرى عبر العالم، يعد أكثر تقدما بحيث يأخذ في الحسبان خصائص كل منطقة. من جهته، تطرق السيد محمد العمراني بوخبزة الأستاذ بكلية الحقوق بطنجة، إلى الجانب الاجتماعي للجهوية، مشددا على أن مشروع الجهوية لا يشكل بديلا عن الدولة الوطنية الموحدة. أما الخبير الفرنسي إيفون أوليفيي، فقد أشار إلى أن النموذج الفرنسي يعد البلد الذي تبقى فيه "الدولة ذات الاختصاص في العديد من مجالات لامركزية من بين كثير من البلدان الأوربية الأخرى". وتطرق الخبير الإسباني مانويل تيرول إلى "الجهة التي تتمتع بالحكم الذاتي والتي يحظى فيها كل مواطن بمكانته داخل المجتمع". وشدد، في هذا الصدد، على أن "إسبانيا تعد، على نحو ملموس، بلدا فيدراليا" مشيرا إلى أنه على الرغم من تجربتها المتقدمة للغاية، فإن جملة من المشاكل لا تزال قائمة، لاسيما بسبب النزاع في الاختصاصات بين الدولة والمجموعات المستقلة، ومن ثم، يضيف السيد مانويل، أحدثت لجان ثنائية من شأنها المساعدة في حل هذا النوع من المشاكل قبل اللجوء إلى القضاء. يذكر أن هذا اللقاء يعد الثاني من نوعه الذي تنظمه الكلية متعددة التخصصات بتطوان والنادي المتوسطي للصحافة بشمال المغرب حول "الجهوية كمفتاح رئيس إلى التنمية والوحدة الترابية".