لم تحل حملة التلقيح التي أطلقتها وزارة الفلاحة والصيد البحري دون استمرار انتشار وباء طاعون المجترات بعدد من المناطق الفلاحية. وقد ظهرت بؤر جديدة للوباء، خاصة في مناطق الفقيه بنصالح وسوق السبت وبعض الضيعات الأخرى الموجودة بالأطلس المتوسط وسايس، ما أدى إلى تنامي مخاوف الكسابة، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى مع ما تعرفه هذه المناسبة من دينامية وحركية في أسواق الماشية وحسب مصادر رسمية، فإن البؤر الجديدة تضم بؤرتين تضمان في المجموع سبع حالات لمرض الطاعون، إحداهما في أولاد شكدال (الفقيه بنصالح)، والأخرى في أولاد زمام (سوق السبت)، بينما تبقى حالات أخرى مشتبه بها في انتظار التحاليل المختبرية.وقال المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي إنه بعد اكتشاف حالات طاعون المجترات الصغيرة بالفقيه بن صالح وسوق السبت تم اتخاذ جميع التدابير الضرورية للحيلولة دون امتداد الوباء إلى باقي الاستغلاليات، إذ بادرت المصالح البيطرية إلى التعقيم الشامل للاستغلاليات المصابة، ومنع تنقل القطيع، والحجر الصحي على حيوانات مريضةوأكد المكتب عدم تسجيل أي حالة وفاة بين الحيوانات التي أصابها الوباء، مشيرا إلى أن المصلحة المختصة التابعة للمكتب شرعت فور ظهور هذا الوباء الجرثومي في اتخاذ التدابير لمكافحة هذا الوباء والوقاية منه في محيط الأماكن المتضررة.وأضاف المركز أنه جرى تعزيز هذه الإجراءات بإطلاق حملة تلقيح معممة لقطيع الأغنام والماعز، الموجود على الصعيد الجهوي، وذلك تحت إشراف فريق من الأطباء البيطريين في القطاعين العام والخاص، وبلغ عدد الحيوانات التي تم تلقيحها حتى الآن 64 ألف و700 رأس، منها 59 ألف و461 من رؤوس الأغنام. وأوضح المكتب أن الوضعية الوبائية الحالية تظل "مستقرة" إزاء هذا المرض، وذلك إثر الجهود المبذولة من قبل المصالح المختصة.وكانت منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" أكدت أنها تعمل مع السلطات المغربية على التصدى لوباء الطاعون الذي يهدد بهلاك ملايين الرؤوس من الخراف والماعز وقد يتسرب إلى بلدان مجاورة، محذرة من أنه مع بدء استعدادات الاحتفال بعيد الأضحى في دجنبر المقبل ستزداد تجارة الماشية في شمال إفريقيا على نحوٍ ملحوظ، خاصة منها الأغنام، ما سيزيد من احتمالات توسع دائرة انتشار الفيروس إذا ما انعدمت الآليات الملائمة للسيطرة عليه.وأشارت المنظمة إلى أن مثل هذه الأمراض تترتب عنها خسائر اقتصادية خطيرة، وقد تتفاقم بسبب غياب الإجراءات الصحية وتقييد حركة الماشية وغير ذلك من الحواجز التجارية، موضحة أن المرض ينطوي على أخطار كبيرة أيضا بالنسبة إلى بلدان جنوب أوربا، سيما تلك التي تقيم علاقات تجارية وثيقة مع المغرب، مثل إسبانيا.ووفقا لكبير مسؤولي الصحة الحيوانية لدى المنظمة الخبير جوزيف دومنيك، ففي حالة "تطور السيناريو الحالي إلى معدلات عليا للنفوق بين القطعان ستتعرض سبل معيشة الرعاة المتضررين إلى أخطار حادة، وقد لا يكون التأثير الاقتصادي كبيرا كما هو الحال بالنسبة إلى وباء الطاعون البقري في الأبقار، إلا أن الآثار الاجتماعية ستفوق ذلك إذا ما وضع بعين الاعتبار الدور الذي تؤديه المجترات الصغيرة في الحياة الاجتماعية للمجتمعات المتضررة".وقالت منظمة الأغذية والزراعة إنه استجابةً لطلب من السلطات المغربية أوفدت المنظمة بعثةً سريعة تضم خبراء من مركز إدارة الأزمات خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 21 غشت الماضي، وأسهم الفريق الموفد في تطبيق إجراءات عاجلة لمكافحة المرض والحد من انتشاره.وحسب المنظمة فقد عقد مركز الطوارئ للأمراض الحيوانية العابرة للحدود التابع لها، اجتماعا عاجلا لمدة يومين، ضم المسؤولين البيطريين في دول المغرب العربي كافة، واتفقوا على مساعدة المغرب في الجهود المبذولة لمكافحة طاعون المجترات الصغيرة، كما طلبوا من المنظمة مساعدة السلطات المغربية في إعداد خطة مواجهة للطوارئ، وضمان تنفيذها، وتعزيز التنسيق في ما بين الخدمات البيطرية لدى دول المغرب والخدمات البيطرية في البلدان المجاورة بجنوب أوربا.ويعد طاعون المجترات الصغيرة مرضا فيروسيا شديد العدوى يصيب الماعز والأغنام والحيوانات المجترة البرية الصغيرة. وينتقل المرض بالتماس في ما بين الحيوانات، وفي الحالات الحادة تظهر نتيجة له حمى شديدة، وإفرازات من العيون والأنف، وتقرحات في الفم، وجروح في الغشاء المخاطي، مع ضيق التنفس والإسهال. وقد تصل معدلات النفوق في القطعان المصابة بالوباء إلى 80 في المائة في الحالات المتوسطة، أما في الحالات القصوى فقد يبلغ معدل النفوق 100 في المائة في الحيوانات خلال الأسبوع الأول للإصابة.ويذكر أن عدد الحيوانات التي نفقت بسبب هذا الوباء بلغ، على المستوى الوطني، 2364 من الأغنام والماعز، وهو معدل يعتبر ضعيفا، حسب وزارة الفلاحة، مقارنة مع العدد الإجمالي لرؤوس الأغنام والماعز المتوفرة على الصعيد الوطني، والذي يبلغ 22 مليون رأس.