يعاني 300 ألف مغربي من مرض الفصام، وهو مرض يصيب على الخصوص الفئة الشابة ما بين سن 15 و35، ويظهر على شكل ضعف في القدرات العقلية. الفصام، مرض تجهله نسبة كبيرة من المغاربة رغم أنه في تنامي مقلق بسبب تعاطي الشباب لكل أنواع المخدرات التي تعتبر السبب الرئيسي للإصابة بهذا المرض. وتظهر أعراض مرض الفصام الذي يصيب مابين 1 و2 في المائة من السكان، على شكل ضعف في القدرات العقلية، وتشويش في الإدراك والعواطف، ودخول المصاب إلى عالم من الأوهام والهذيان اللذان يؤديان إلى فقدان الشخص لعلاقته بالواقع، وبالتالي إلى الانتحار عند غياب العناية الطبية. بالمقارنة مع باقي الأمراض النفسية التي يعاني منها 14 مليون مغربي، فإن نسبة الإصابة بمرض الفصام بالمغرب تبقى الأضعف، حيث أن مرضى الفوبيا الاجتماعية أو الخوف من المجتمع يقدرون بمليون مريض، ومرضى الوسواس القهري مليون وثمانية آلاف مريض، أما المصابين بمرض التوتر والقلق فيبلغون ثلاثة ملايين شخص. بينما يعاني ثمانية ملايين شخص من الاكتئاب، وهو الأكثر انتشارا بين المغاربة، فقد أظهرت دراسة أخيرة لوزارة الصحة أن حوالى 26.5 في المائة من أصل 6000 شخص خضعوا للدراسة كانوا مكتئبين أثناء استجوابهم. هذه الأرقام ليست نهائية إذ أن نسبة لا بأس بها من المصابين بالأمراض النفسية بالمغرب لا يتم الكشف عنها من قبل ذويهم، يقول البروفسور إدريس الموساوي، مدير قسم الأمراض النفسية والعقلية بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء، إما بسبب الخوف من نظرة المجتمع للمريض وأسرته، وعدم التفريق بين المرض النفسي والمرض العقلي، ثم الجهل حيث تلجأ العديد من الأسر إلى طرق أبواب الشعوذة معتقدين أن مريضهم مصاب بسحر أو مس من الجن. وهي أسباب تجعل نسبة الذين يتوجهون لعيادات الطب النفسي من أجل العلاج لا تتعدى 1 في المائة. رغم ضعف المرضى النفسيين الذين يخضعون للعلاج إما بالمصحات العمومية أو العيادات الخاصة، تبقى نسبة القدرة الاستيعابية بكلى القطاعين ضعيفة جدا، حيث أن عدد الأسرٌة بالقطاع العام مثلا لا تتعدى 1900 سرير على الصعيد الوطني، حسب البروفسور الموساوي، 100 سرير منها بالدار البيضاء التي يعيش بها 5 ملايين من الساكنة، مليون شخص يعتقد إصابتهم بمرض نفسي. أما الأطباء النفسانيين فلا يتجاوز عددهم ثلاث مائة، مائتي طبيب بالقطاع العام و100 بالقطاع الخاص يوجد 30 منهم بالدار البيضاء. كما أن عدد الممرضين العاملين بالمصحات النفسية ضعيف جدا، إذ أن هناك ممرض لكل 40 مريض. ويبقى ارتفاع تكلفة العلاج عائقا كبيرا أمام إكمال العلاج بالنسبة للمرضى النفسيين شأنهم في ذلك شأن العديد من الأمراض التي تتطلب علاجا طويلا، حيث أن غياب تغطية صحية وغلاء الأدوية يدفع بالكثير من المرضى إلى مقاطعة العلاج وهو ما يؤدي إلى تطور المرض الذي لا يشكل خطرا وعائقا نفسانيا واجتماعيا للمريض فحسب بل كل المحيطين به. مشكل تحاول جمعية أمالي للأمراض النفسية بالدار البيضاء إلى جانب عدد من الجمعيات التي تنشط في نفس الاتجاه بإيجاد حل له من خلال تقديم الدراسات والأفكار إلى وزارة الصحة التي لم تعطي أهمية للمرض النفسي رغم أنه يشكل عائقا اجتماعيا واقتصاديا للبلاد.