"الشرق الاوسط" الرباط: لطيفة العروسني دعا باحث مغربي الأحزاب السياسية المغربية إلى تقديم مقترحات لتعديل الدستور «تلائم الشعارات الجريئة التي رفعها الشارع المغربي»، والمتمثلة في التحول من نظام ملكي تنفيذي إلى نظام ملكي برلماني. وفي غضون ذلك، استبعد مسؤول حزبي بروز خلافات حول التعديلات الدستورية المرتقبة. وتشرع لجنة متابعة وتبادل الرأي حول مشروع تعديل الدستور الاثنين المقبل في تنظيم لقاءات مع مختلف الأحزاب السياسية والاتحادات العمالية الرئيسية، من أجل تمكينها من تقديم اقتراحاتها وتصوراتها حول هذه التعديلات حيث من المرتقب أن تنهي لجنة تعديل الدستور أعمالها في يونيو (حزيران) المقبل لتعرض التعديلات بعد ذلك على استفتاء شعبي. وكان رؤساء 30 حزبا سياسيا من الغالبية ومن المعارضة، سواء الممثلة أو غير الممثلة في البرلمان، إلى جانب قادة 5 نقابات قد عقدوا أول من أمس أول اجتماع لهم مع المستشار الملكي محمد المعتصم، رئيس لجنة متابعة مشروع تعديل الدستور، للاتفاق حول منهجية العمل، وحضر الاجتماع عبد اللطيف المنوني، رئيس لجنة تعديل الدستور الذي أطلع قادة الأحزاب السياسية والنقابات على المراحل التمهيدية لعمل اللجنة، والجدول الزمني الذي يتعين عليها الالتزام به. فيما قاطع الاجتماع حزبان هما الاشتراكي الموحد، والنهج الديمقراطي. وبرر حزب الاشتراكي الموحد مقاطعته للاجتماع بكون «صيغة العمل في اللجنة غير ملائمة لطبيعة المرحلة ومتطلباتها، ولا تساعد في إنتاج دستور جديد يحترم المواصفات العالمية للدساتير الديمقراطية، ويستجيب لتطلعات الشعب المغربي التي قادها شباب 20 فبراير (شباط)». ودعا الحزب في بيان له الدولة المغربية إلى «استيعاب» ما سماها دروس اللحظة التاريخية التي تشهدها المنطقة العربية والمغرب». وأشار إلى أن أي «تغيير دستوري يستجيب لتطلعات الشعب المغربي في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للسلطة والثروة لن يكون إلا نتيجة لحوار وطني شامل يفضي إلى تأسيس قواعد نظام ملكية برلمانية ديمقراطية يسود فيه الملك ولا يحكم ويرتبط فيه القرار السياسي بصناديق الاقتراع ويخضع فيه من يمارس الحكم للمساءلة والمحاسبة». من جهته، قال التهامي الخياري، الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية المعارض ل«الشرق الأوسط» أنه لا يتوقع أن تكون هناك خلافات بين الأحزاب السياسية حول التعديلات المقترحة، مشيرا إلى أن الأحزاب المغربية الديمقراطية كانت تطالب منذ مدة بالإصلاح الدستوري، وأضاف «لدينا نية في أن يصبح لنا دستور ملائم للقرن الحادي والعشرين يوازي الدساتير الموجودة في البلدان الديمقراطية العريقة»، وأن كل الظروف والشروط ملائمة، برأيه، للمضي في هذا الاتجاه. ووصف الخياري الاجتماع الأول للجنة بأنه كان إيجابيا جدا، ويدل على وجود إرادة قوية لدى اللجنة باحترام المدة الزمنية التي حددت لها، من أجل الخروج بدستور جديد. وفي السياق ذاته، قال عبد العالي حامي الدين، أستاذ القانون الدستوري، ل«الشرق الأوسط» إنه من المفروض أن تتقدم الأحزاب السياسية باقتراحات حول التعديلات الدستورية تناسب الهدف الذي يطمح إليه المغاربة، وهو الارتقاء بالنظام الدستوري المغربي إلى مصاف الأنظمة الديمقراطية، وهذا لا يتأتى، من وجهة نظره، إلا عبر تحويل نظام الملكية التنفيذية إلى نظام الملكية البرلمانية. وأضاف حامي الدين أنه على الأحزاب أن تراعي بأن لديها مسؤولية تاريخية تستدعي الإنصات إلى صوت الشارع والرأي العام وإذا ما تقدمت بمقترحات أقل من المتوقع، فهذا يعني أنها ستكون متجاوزة من طرف الشعب، وهو ما يمثل، برأيه، خطرا على الاستقرار في البلاد. وأوضح حامي الدين أنه من المفروض أن تفتح الأحزاب السياسية نقاشا عموميا حول التعديلات الدستورية حتى يتم إفراز خطاب أكثر قدرة على تمثل الشعارات الجريئة التي رفعها الشارع المغربي، وفي الوقت ذاته تتلاءم هذه التعديلات مع البيئة السياسية والثقافية المغربية، على حد قوله. وأفاد بيان صادر عن الأحزاب والاتحادات العمالية التي شاركت في الاجتماع الأول للجنة متابعة تعديل الدستور، بأنه تم التوافق حول الجدول الزمني لعمل اللجنة. وستشمل المرحلة الأولى تلقي تصورات ومقترحات وتنظيم جلسات إصغاء وإنصات لكافة الهيئات والفعاليات المعنية، وذلك ابتداء من يوم الاثنين المقبل، وإلى غاية 7 أبريل (نيسان) المقبل، مشفوعة لاحقا وعند الاقتضاء، بمذكرات تكميلية، داخل أجل محدد. كما تم الاتفاق على أن لجنة المتابعة باعتبارها «فضاء مفتوحا للنقاش البناء والمسؤول، ستعقد اجتماعات دورية للتشاور وتبادل الرأي، حول مقترحات لجنة المراجعة، في التزام بالأجل المحدد من قبل الملك محمد السادس برفع مشروع الدستور المعدل، في غضون شهر يونيو المقبل. واتفقت مختلف الأطراف على عقد اجتماعات منتظمة وموصولة حسب تقدم أشغال لجنة مراجعة الدستور، وعقب كل مرحلة من مراحل عملها، لتساهم الأحزاب السياسية والنقابات ب«المتابعة الإيجابية والرأي الوجيه والمشورة البناءة، في بلورة توافق تاريخي من شأنه الارتقاء بالمغرب إلى عهد دستوري ديمقراطي جديد، يشكل ميثاقا متجددا بين العرش والشعب».