حذر رئيس الوزراء التونسي المؤقت الباجي قائد السبسي الخميس قبيل إحياء تونس الأحد ذكرى استقلالها سنة 1956، من مخاطر "الانزلاق" عن ثوابت الدولة التونسية ومن محاولات "الركوب على الثورة" التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي. وقال في كلمة افتتح بها اليوم ملتقى دوليا حول "التحول الديمقراطي في تونس" ان هناك "خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها" ناضل الشعب التونسي عشرات السنين من اجلها وأقام على أساسها "دولة تونسية عصرية" بعد الاستقلال عن فرنسا في 20 آذار/مارس 1956. وأوضح قائد السبسي ان أول هذه الخطوط الحمراء هو "الدولة ومفهوم الدولة فقد كافح شعبنا طويلا من اجل الاستقلال وبنى دولة تونسية عصرية يؤكد دستورها على ان تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الجمهورية نظامها، والعربية لغتها، والإسلام دينها. هذا بالنسبة لي لا محيد عنه وخط احمر لا يقبل زيادة ولا نقصانا". أما الخط الأحمر الثاني فهو القوانين الخاصة بحرية المرأة والمساواة. وشدد قائد السبسي في هذا السياق على ان "تحرير المرأة التونسية مكسب لا رجوع عنه. مرحبا بالمزيد إلى الأمام (في هذا المجال) أما الرجوع الى الوراء فلا سبيل إليه". ومن الثوابت الأخرى التي شدد عليها رئيس الوزراء التونسي استقلال القضاء وحرية الإعلام ونبذ العنف سبيلا لحل الخلافات. وقال في هذا الصدد "نحن مع استقلال القضاء وهذا أيضا لا رجوع فيه (..) لا بد من حرية الإعلام وهذا خط احمر أيضا (..) وهناك موضوع أساسي آخر وهو مسالة العنف فنحن نريد أن نتجادل بالمعقول ونطرح الآراء وحق الاختلاف لا يعني ان نصبح أعداء". ونبه قائد السبسي إلى ان "الثورة لا تعني ضرورة الديمقراطية فهناك مسالك عديدة (ممكنة) فإما ان نصل الى الديمقراطية وهذا ما نريد ويجب أن نعمل من اجله وإما أن ننزلق (..) ودعاة الانزلاق موجودون ويعملون ولابد أن ننتبه الى هذا الأمر" مشيرا الى ان ما حصل في تونس "ثورة تونسية خالصة لها خصوصياتها وكانت نتيجة تداعيات داخلية ترتبط بأخلاقية السلطة وتجاوزات السلط" في إشارة الى الفساد الذي استشرى في عهد بن علي. وأضاف ان "من خصوصيات هذه الثورة إنها ليست مؤطرة وليس لها زعامات (..) المسار الديمقراطي الذي نطمح إليه هو مسار يشارك فيه الشعب بكامله بلا إقصاء وله ضوابط وينبغي ان نسير فيه بمراحل وبخطى ثابتة وان بدت وئيدة لان العبرة بالنتيجة وليس بالشعار". وشدد "لا بد من الانتباه الى المنزلقات والمخاطر المحدقة بمصير هذه الثورة (...) نحن وظيفتنا ان لا نسمح بانزلاق الثورة وبركوب الثورة". ومن المقرر ان تشهد تونس في 24 تموز/يوليو القادم انتخاب مجلس وطني تأسيسي لوضع دستور جديد للبلاد يحل محل دستور سنة 1959. وتنظم الشبكة الأوروبية لحقوق الإنسان والفدرالية الدولية لروابط حقوق الإنسان في العاصمة التونسية حتى السبت حلقة دراسية حول "التحول الديمقراطي في تونس" بمشاركة العديد من جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان التونسية والدولية.