أعلن رئيس الجمهورية المؤقت في تونس, فؤاد المبزع, مساء أول أمس الأحد, عن تكليف الباجي قائد السبسي, بمنصب الوزير الأول، وتشكيل حكومة انتقالية جديدة بعد استقالة محمد الغنوشي. وقال المبزع, في كلمة عبر التلفزيون التونسي, إن قائد السبسي قبل هذا العرض, منوها بما عرف عنه من "وطنية وإخلاص وتفانيه في خدمة الوطن". وبعد أن أكد حرصه على "مصلحة البلاد وضمان استمرارية الدولة ومؤسساتها", قال المبزع إنه سيعلن عن "خطة عمل بالنسبة للمرحلة المقبلة, في ضوء ما اقترحته الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي", وذلك في كلمة سيتوجه بها الأسبوع المقبل إلى الشعب التونسي. يذكر أن الباجي قائد السبسي (85 سنة), محام وشخصية سياسية مستقلة, تولى ما بين 1963 و1991 عدة مسؤوليات مهمة, وبعد تخرجه سنة 1950 من إحدى الجامعات الفرنسية حيث درس الحقوق, مارس المحاماة وناضل في الحزب الحر الدستوري الجديد. وبعد استقلال تونس، عمل مستشارا للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (1960 ), ومديرا للأمن الوطني (1963 ), ووزيرا للداخلية عام1965 . وفي سنة1970 عين وزيرا للدفاع, قبل أن يعين سفيرا في فرنسا. وانضم قائد السبسي سنة 1978 إلى حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة أحمد المستيري, بعد انسحابه من الحزب الاشتراكي الدستوري, ثم عاد إلى الحكومة في 1980 كوزير لدى الوزير الأول, محمد مزالي, ثم كوزير للخارجية سنة1981 . وفي1987, انتخب في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي في مجلس النواب, ليتولى رئاسة هذا المجلس بين 1990 و1991 . وكان الوزير الأول التونسي, محمد الغنوشي, أعلن بشكل مفاجئ, استقالته من منصبه, واتهم أطرافا لم يسمها بمحاولة عرقلة مهام الحكومة الانتقالية و"إفشال الثورة". وقال الغنوشي, الذي كان يتولى هذا المنصب في عهد الرئيس السابق, وكلف بتشكيل الحكومة الحالية في 17 يناير الماضي, غداة تنحي الرئيس المخلوع, زين العابدين بن علي, في ندوة صحفية "لقد قررت الاستقالة من منصبي كوزير أول, ذلك ليس هروبا من المسؤولية, بل لأفسح المجال أمام وزير جديد للاضطلاع بهذه المهمة". وأضاف قائلا" إن ضميري مرتاح (...) ولست مستعدا لأكون الرجل الذي يتخذ إجراءات ينجم عنها ضحايا", معتبرا أن قراره هذا يصب في "خدمة الثورة التونسية". وألقى الغنوشي باللائمة, في حالة الفوضى, التي تعيشها البلاد, على أطراف لم يحددها بالاسم بمحاولة "إفشال الثورة" وزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد وعرقلة مهام الحكومة الانتقالية, مشيرا في هذا السياق إلى المواجهات التي جرت خلال اليومين الأخيرين بين قوات الأمن والمتظاهرين وسط العاصمة. وقال إن عناصر "إجرامية" اندست وسط المتظاهرين وقامت بأعمال حرق وتخريب بهدف زرع الرعب وسط المواطنين وزعزعة الأمن والاستقرار, وبالتالي إفشال الجهود التي تقوم بها الحكومة. كما اتهم وسائل الإعلام التونسية بالتقصير في التعريف ببرامج الحكومة الانتقالية والتركيز في حواراتها وبرامجها على إسقاط الحكومة وعلى شخص الوزير الأول "وكأنه هو المستهدف". كما أعلن عن قرب تنصيب "هيئة عليا لحماية الثورة" بعد حصول توافق بشأنها بين مختلف الفرقاء السياسيين ومنظمات المجتمع المدني, بالإضافة إلى مجلس تأسيسي يتولى إعداد دستور جديد للبلاد, الذي كان أحد المطالب الرئيسية للمعارضة. من جهة أخرى، أعلنت وزارة الداخلية التونسية, أن حصيلة المواجهات، التي جرت أمس وسط العاصمة بين المتظاهرين وقوات الأمن ارتفعت إلى 5 قتلى و 16 جريحا في صفوف الشرطة. وقالت الوزارة في بيان أوردته وكالة الأنباء التونسية إن "أحداث العنف والتخريب والشغب والحرق", التي جرت السبت الماضي في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة, أدت إلى "وفاة 5 أشخاص أثناء تصدي أعوان قوات الأمن الداخلي لمحاولات مداهمة واقتحام مقر وزارة الداخلية من قبل مجموعة من الشبان الحاملين لأسلحة بيضاء وحجارة".