قفز الاهتمام بالشأن التونسي إلى أعلى ذروته في المملكة، بعد إعلان الديوان الملكي لجوء الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي إلى السعودية، بعد تصاعد وتيرة الأزمة السياسية في بلاده. وكانت التقارير الإعلامية حتى بعد لحظات متأخرة من مغادرة بن علي لبلاده، لم تضف السعودية إلى تكهناتها لوجهة الرئيس، التي توقعوا أن تكون فرنسا أو ليبيا أو مالطا أو الإمارات. لكن الرئيس بن علي لم يكن السياسيَّ الوحيد الذي لجأ إلى السعودية في اللحظات الحرجة، فهناك شخصيات مثل رئيس أوغندا السابق عيدي أمين ورئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف، وملك اليمن السابق حميد الدين وعائلته، ورئيس وزراء ليبيا السنوسية مصطفى بن حليم، احتضنتهم جدة حتى مات فيها من مات، وأحبها من أحبها فاستقر فيها وتاجر وتناسل، ثم رحل عنها كذلك من لم يستجب للشروط وأغوته مفاتن «السياسة»، مثل نواز شريف. ويشير عضو مجلس الشورى السعودي الدكتور حاتم العوني، إلى أن «استضافة الرئيس المخلوع كانت موقف شهامة من المملكة لا ينبغي استغرابه، فالرئيس إلى جانب كونه مضطراً، تُعتبر السعودية الأنسبَ له لأجل البُعد عن السجال السياسي في بلاده، إذ لو كان في بلد مثل فرنسا أو ليبيا لظل مثار نقاش وجدل، بينما السعودية التي أكدت احترامها لخيار الشعب التونسي لن تسمح له بأي تعاط سياسي طالما بقي على أراضيها». ويرى الإعلامي السعودي جمال خاشقجي في تصريح إلى «الحياة»، أن لجوء بن علي إلى السعودية «محكوم بشروط التزم بها كل الذين كانت ظروفهم مماثلة»، إلا أنه توقع ألا تطول إقامته في المملكة لأسباب تتعلق بميوله الشخصية، كما قال. ونبه خاشقجي إلى أن سلف بن علي الحبيب بورقيبة، بقي هو الآخر في جدة فترة، بعد لجوئه إلى المملكة باحتضان من الملك المؤسس، حتى كاد الزعيم التونسي يستقر فيها، لولا أنه قرر أن يلعب دوراً أكبر في استقلال بلاده بعون الراحل الملك عبدالعزيز. وحول ظروف الإقامة المعتادة لشخصيات من هذا القبيل، يلاحِظ الإعلامي السعودي وجدي سندي أن «الزعماء السياسيين يرتبط مستقبلهم في السعودية بطريقة تفكيرهم وخياراتهم في الاندماج مع المجتمع المحيط بهم أو العودة إلى حياتهم السابقة، فنواز شريف استقر في جدة، وشارك هو وابنه في مشاريع تجارية، كما أنه عندما قرر التعاطي في الشأن السياسي غادر إلى بريطانيا ليطلق تصريحاته من هناك، احتراماً لتعهداته مع الحكومة السعودية». وعلى خلاف خاشقجي، لا يستبعد سندي أن يتعايش الرئيس الجديد الذي انضم إلى نادي «المخلوعين» مع جدة وأهلها، ويعيش حياة مستقرة إلى حين.