الرباط "مغارب كم ": محمد بوخزار استمرت الحكومة الإسبانية لغاية الساعات الأخيرة من يوم أمس في بذل المساعي المتوالية من أجل التهدئة مع المغرب وأعطت إشارات مطمئنة مؤكدة أنها لا ترغب في تأزيم العلاقات مع الرباط، كما شددت على أهمية الشراكة الإستراتيجية مع الجار المغربي. وقد عبر عن هذا التوجه عدد من المسؤولين الحكوميين وقياديين في الحزب الاشتراكي العمالي، بينهم نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية الفريدو بيريث روبالكابا، كما أن الحزب الشعبي بدوره اضطر إلى الاعتراف بأهمية العلاقات مع المغرب ولو بلهجة انتقادية حيال الحكومة الاشتراكية حيث يتهمها بالفشل في معالجة ملف الصحراء أو الخضوع للمغرب. وفي هذا السياق صرحت وزيرة الخارجية الإسبانية اليوم في الأرجنتين حيث تحضر قمة دول أميركا الجنوبية إلى جانب الملك خوان كارلوس أنها تتابع تطورات الموقف وهي على اتصال مستمر بسفير بلادها في الرباط وبمقر الوزارة في مدريد. وتمنت رئيسة الدبلوماسية الإسبانية أمس إجراء مباحثات مع نظيرها الطيب الفاسي الفهري الذي كان يتوقع مشاركته في القمة بصفة ملاحظ، لكنه لم يحضر وعوضه عمر عزيمان سفير المغرب السابق في مدريد ورئيس اللجنة المكلفة إعداد تصور للجهوية التي ينوي المغرب تطبيقها. وفي هذا السياق ذكرت وكالة إيفي الإسبانية الرسمية في قصاصة لها من مدينة "ما ر دي بلاتا" بالأرجنتين أن الوزيرة اجتمعت لمدة نصف ساعة بالموفد المغربي إلى القمة،عمر عزيمان الذي يجيد الحديث كما هو معروف باللغة الإسبانية وعلى معرفة بملف العلاقات الثنائية بين البلدين. ولم تعط الوكالة تفاصيل عما جرى بين السفير السابق لدى مدريد والوزيرة الإسبانية لكن التصريحات التي أدلت بها قبل اللقاء تعطي الانطباع عما جرى فيه إذ جددت خيمينث، رغبة بلادها وحرصها على مواصلة الحوار مع المغرب داعية إلى بذل جهود مشتركة من أجل التفاهم بين الطرفين. وبرأي مراقبين، فإن عزيمان نقل إلى وزيرة الخارجية حقيقة ما يحسه المغرب والمغاربة من استنكار وغضب حيال المواقف المعبر عنها في إسبانيا سواء من البرلمان والطبقة السياسية ووسائل الإعلام التي اشتركت في حرب غير مبررة ضد المغرب. ولا شك أنه فعل ذلك بلغة دبلوماسية هادئة. تجدر الإشارة إلى أن المسيرة التي كان مقررا أن تنطلق صباح اليوم السبت من الرباط في اتجاه سبتةالمحتلة، تم إرجاؤها إلى موعد لاحق لم يحدد . وعزا المنضمون التأجيل حتى تتاح الفرصة لانضمام منظمات أخرى أعربت عن رغبتها في المشاركة في السيرة. ويبدو أن الجو الاجتماعي المتأزم الذي تعيشه إسبانيا منذ أمس، نتيجة إضراب المراقبين الجويين ما دعا الحكومة إلى إعلان حالة الإنذار التي تشبه حالة الطوارئ والتي بموجبها أصبحت المطارات المدنية في سائر التراب الإسباني خاضعة للسلطات العسكرية التي أجبرت المضربين على استئناف العمل تحت طائلة إنزال أشد العقوبات بهم في حال امتناعهم عن العمل الذي يعتبره قانون الطوارئ "عصيانا مدنيا". وطبقا لتقارير من إسبانيا فإن أغلبية المضربين التحقوا بمراكز عملهم يومه السبت لكن حركة الطيران المدني لن تعود إلى سيرها العادي قبل غد الأحد، علما أن حوالي 600 ألف مسافر إسباني وأجنبي تعرضوا للضرر من جراء الإضراب الذي لم يعلن عنه في السابق .وخلال ساعات الإضراب أغلق المجال الجوي في إسبانيا أمام حركة الطيران المدني ما فرض على الطائرات التجارية تغيير مسارها، وهكذا فإن الطائرات القادمة من فرنسا نحو المغرب على سبيل المثال اتجهت إلى جنوبفرنسا ومرت عبر الأجواء الجزائرية. وعلى الر غم من أن الخطب التي قيلت في جلسة مجلس النواب المغربي مساء أمس، تميزت بنبرة وطنية عالية وطالبت الحكومة بوضع كل القضايا الخلافية مع إسبانيا على طاولة النقاش لتصحيح مسار العلاقات، رغم كل ذلك فيبدو أن الرباط تجنبت استغلال الظروف الاجتماعية الصعبة التي تمر بها إسبانيا حاليا حتى لا تصب الزيت فوق النار. وربما كان ذلك أحد أسباب إلغاء المسيرة .