الرباط "مغارب كم": محمد بوخزار طلب الاتحاد الأوروبي من المغرب أمس الجمعة، الإلغاء النهائي لعقوبة الإعدام من تشريعاته القضائية، لتكون إشارة منه إلى تبني القيم التي أصبح يتقاسمها مع الاتحاد الأوروبي. ووجهت بروكسيل هذا النداء إلى الرباط، عبر بيان في مناسبة قرب الاحتفال باليوم العالمي لإلغاء الحكم بالإعدام المصادف ليوم العاشر من الشهر الجاري. وفي هذا السياق أوضح، إينيكو لاندابورو، مندوب الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، أن الإصلاحات التي أدخلها هذا الأخير على تشريعاته خلال السنوات الأخيرة، تجعل أمر الإلغاء ممكنا كما أن هذا الإجراء سيشكل قاعدة صلبة لتنمية العلاقات بين الاتحاد والمغرب. وأعرب المندوب الأوروبي، عن يقينه أن الحكم بالإعدام ، يشكل عقوبة أشد قساوة، مبرزا أنه لا يوجد نظام قضائي خال من الأخطاء. ومن وجهة نظره فإن تنفيذ العقوبة القصوى لا يشكل أية قيمة مضافة من شأنها الحد من ظواهر الانحراف ولذلك فإن إلغاءها يعتبره، لاندابورو، مسألة حيوية من أجل صيانة الكرامة الإنسانية والتطور التدريجي في سبيل ترسيخ حقوق الإنسان. تجدر الإشارة إلى أن عددا من المنظمات السياسية الحقوقية وهيئات المجتمع المدني المغربية، طالبت من جهتها، على تفاوت في مواقفها، بمحو العقوبة من السجل القضائي المغربي، لتصبح القوانين المغربية متوافقة مع المواثيق الدولية ذات الصلة بحقول الإنسان التي صادق المغرب على الكثير منها. ومن المؤكد، أن الاتجاه العام على صعيد الدولة يسير نحو شكل من أشكال الإلغاء أو الإبقاء فقط على الحالات الخاصة التي تستوجب إنزال العقوبة ولكن شرائح واسعة في المجتمع لا تؤيد في مجموعها ما تذهب إليه المنظمات الحقوقية انطلاقا من مواقفها المبدئية. وتعتقد ذات الشرائح أن عقوبة الإعدام ينبغي أن تظل سيفا رادعا في وجه المجرمين العتاة الذين يرتكبون لأسباب تافهة، مثل السرقة أو لمجرد الانتقام، جرائم وحشية تقشعر لها الأبدان وتثير الرعب وسط السكان خاصة في أوساط لا يتوفر فيها الأمن دائما وفق الشروط المطلوبة. ما يشجع المنحرفين على اقتراف ما تأمره بهم نفوسهم الشريرة، تحت تأثير المخدرات والكحول أو أدعاء أمراض نفسية. ولم ينجز في المغرب حتى الآن بحث ميداني أو استطلاع واسع للرأي يعبر فيه المواطنون هن مواقفهم حيال هذا التوجه أوعممت نتائجه وخضعت للمناقشة ولذلك يمكن القول إن المطالبة بإلغاء الإعدام توجد بالدرجة الأولى، على رأس أجندة منظمات حقوق الإنسان. ويوجد إشكال آخر يواجه المغرب، يتمثل في أن إلغاء الإعدام يفترض في دولة حقوق الإنسان، يجب أن بشمل القضاء المدني والعسكري، وهو ملف يرى كثيرون أن التعاطي معه يجب أن يتسم بالهدوء والتدرج والحذر. تجدر الإشارة إلى أن المحاكم المغربية لا تصدر أحكام الإعدام إلا نادرا وفي الحالات المصنفة في دائرة الخطورة. ولا تطبق الأحكام في الغالب كما أن المدان يمكنه أن يستفيد من العفو بعد استنفاد المساطر القانونية. وقد يحول العفو الملكي العقوبة إلى السجن مدى الحياة على سبيل المثال، وبالتالي فإن المشكل غير مطروح في المغرب بالشكل الذي تتصوره منظمات حقوق الإنسان في الغرب، التي قد تتوهم أن المشانق منصوبة في المغرب، ويطاح بعشرات الرؤوس يوميا. وللتدليل على هذا الواقع يجدر التذكير هنا أن آخر حكم بالإعدام جرى تنفيذه تم في حق عميد الشرطة "ثابت" عام 1993 وهو الذي ارتكب أفعالا جرمية وأخلاقية غير مسبوقة في تاريخ المغرب، لدرجة أن أية جهة لم تتعاطف معه أو أبدت الشفقة نحوه باستثناء عائلته الصغيرة وهو أمر مفهوم.