أبدت إسبانيا، أمس، استعدادا للقبول بالمقترحات الجزائرية الرامية إلى إحداث زيادات في سعر الغاز الجزائري، بشرط أن تبقى الأسعار متوافقة مع التغييرات الحاصلة في أسواق الغاز الدولية. ويرتقب أن يتم ترسيم الاتفاق قريبا بين الجانبين. أفادت مصادر مقربة من قطاع الطاقة، أن الزيارة التي قام بها وزير الطاقة والمناجم السيد يوسف يوسفي ولقاءه وزير الصناعة الإسباني ميغال سيباستيان، سمحت بتذليل العقبات التي كانت قائمة بين الطرفين، وأعادت على الطاولة المطالب الجزائرية بخصوص زيادة أسعار الغاز التي بقيت أهم نقطة خلاف بين الجانبين. وقد عرفت المفاوضات الثنائية تقدما مع إبداء الجانب الإسباني ليونة كبيرة في التعاطي مع المطالب الجزائرية.. لكن الاتفاق النهائي لم يتم بعد فيما يتعلق بآليات وشروط قبول رفع الغاز الجزائري.. إلا أن الجزائر تملك أوراقا تدعم موقعها التفاوضي خاصة مع اقتراب تشغيل أنبوب الغاز الثاني ''ميدغاز'' الذي يزود إسبانيا ب8 مليار متر مكعب سنويا بطريقة مباشرة، ومساهمة الشركات الإسبانية بقوة في شركة ''ميدغاز'' المتواجد مقرها الرئيسي في ألميريا. وتمتلك ''سيبسا'' نسبة 20 بالمائة في رأسمال الشركة، ونفس النسبة تعود إلى ''إيبردرولا'' مقابل نسبة 36 بالمائة لسوناطراك و12 بالمائة لكل من ''أونديزا'' الإسبانية وغاز فرنسا سويز. ويرتقب أن تشرع الجزائر في تزويد إسبانيا بالغاز الجزائري عبر ''ميدغاز'' في نوفمبر المقبل. وهو ما عزز موقعها التفاوضي، خاصة بعد أن أصدرت محكمة التحكيم الدولية بباريس في 17 أوت الماضي قرارا لفائدة سوناطراك في قضية خلافية ما ''غاز ناتورال'' تعود لسنة 2007، يسمح القرار لها برفع سعر الغاز الطبيعي المميع الذي يتم بيعه إلى المجموعة الإسبانية ''غاز ناتورال اس دي جي'' بأثر رجعي من سنة 2007، وإلزام هذه الأخيرة بتسديد حوالي 9,1 مليار أورو تمثل نسبة 20 بالمائة للزيادة التي أقرتها سوناطراك في أسعارها. وهو ما اعترضت عليه الشركة الإسبانية وقدمت طعنا في القرار، رغم إدراكها بأن الإجراءات القانونية لا تسمح لها بالاستئناف، بل تسعى من وراء ذلك لربح المزيد من الوقت فقط، وتفادي تضرر أسهمها في البورصة ووضعها في السوق الغازي الإسباني. فالاعتبارات السياسية وحاجة مدريد إلى الغاز الطبيعي الجزائري الذي يمثل نسبة تصل 40 بالمائة من حاجيات السوق، دفعها إلى تبني مقاربة واقعية وإبداء ليونة أكبر في التعاطي مع مسألة الأسعار. وهو ما لمحت إليه صحيفة ''البايس'' في عددها أول أمس حينما أشارت إلى الرد الإيجابي المشروط الإسباني. كما برز ذلك جليا في تصريح وزير الصناعة الإسباني بداية أكتوبر الجاري، والذي تضمن تأكيدا على ضرورة التوصل إلى اتفاق مرضي للطرفين، يضمن الإبقاء على البعد الاستراتيجي للعلاقة الطاقوية بين الجزائرومدريد. رغم أن إسبانيا باشرت سياسة تنويع وارداتها من الغاز من نيجيريا وقطر، وحددت نظاما خاصا بالحصص لمنع استحواذ دولة ما على أكبر حصة في السوق الغازي الإسباني. لكن الجزائر بحكم قربها تبقى أكثر تنافسية من قطر ونيجيريا اللتين تعتمدان على ناقلات الغاز لإيصال الغاز الطبيعي المميع لمدريد.