توقعت مصادر دبلوماسية أن يتم الحسم في أهم القضايا والخلافات العالقة بين إسبانيا والمغرب، حلال اجتماع القمة بين العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس وزراء إسبانيا خوصي لويس ثباطيرو، المنتظر التئامه اليوم في مدينة نيويورك. وسيكون الاجتماع إذا تم الرابع من نوعه بين ملك المغرب ورئيس وزراء إسبانيا منذ أن تسلم هذا الأخير السلطة في مدريد عام 2004 إثر حصول الحزب الاشتراكي العمالي على الأغلبية البرلمانية في انتخابات مارس من نفس العام.وهو الحدث الذي سبق للمغرب أن رحب به بالنظر إلى العلاقات التي توترت وساءت كثيرا بينه وبين إسبانيا في ظل حكم الحزب الشعبي اليميني بزعامة خوصي ماريا أثنار، الذي حاول وقد انسحب من الحياة السياسية في بلاده، صب الزيت فوق النار حينما قام بزيارة استعراضية لمدينة مليلية أثناء اشتداد الأزمة الأخيرة بسببها. وتتفاءل الحكومة الإسبانية بالقمة الثنائية، التي جرى الترتيب لها منذ أكثر من شهر ، وتأمل في إيجاد تسوية لبعض الملفات المستعصية بينها التحاق السفير المغربي المعين في مدريد بمنصبه ليتسنى لنظيره الإسباني ممارسة مهامه في الرباط. وإذا سارت الأمور وفق ما هو مخطط له، فإن وزير خارجية إسبانيا سيلتقي يوم الجمعة المقبل بنظيره المغربي الطيب الفاسي الفهري، علىهامش أشغال الدورة العامة للأمم المتحدة ، لاستكمال المشاورات بينهما. وفي هذا الصدد أدلى أخيرا كل من نائبة رئيسة الحكومة ماريا تبريسا دي لافيغا، وزير الخارجية ميغيل أنخيل موراتينوس، بتصريحات مطمئنة ومتفائلة إلى وسائل الإعلام الإسبانية ضمناها قناعتهما بأن البلدين يتطلعان إلى المستقبل من أجل إرساء علاقة تعاون متينة بينهما، ووصفا الخلافات الأخيرة بأنها عابرة وليس من شأنها التأثير سلبيا على علاقات التعاون القائمة بين الرباطومدريد. وفي نفس السياق ، اعتبر رئيس الدبلوماسية الإسبانية، الخلاف الذي نشب بين بلاده والمغرب على خلفية أحداث مدينة مليلية بكونه "نقاشا مغلوطا" وأن المشكل انتهى وينتمي إلى الماضي، مضيفا أن ما يهم البلدين هو النظر إلى المستقبل سويا والتخطيط لبناء علاقات تعاون مهمة اعتبارا لكونهما ينتميان إلى قارتين (أوروبا وأفريقيا) ويشكلان ركيزتين مهمتين فيهما. ومن المؤكد أن المغرب لا يشاطر الإسبان نفس النظرة إلى المشاكل القائمة بينهما ولا سيما ملف سبتة ومليلية اللتين تصر إسبانيا على احتلالهما بينما يطالب بالمغرب بفتح ملفها سلميا والشروع في نقاش هادئ مع الجارة الشمالية سينتهي لا محالة بالتوصل إلى حل يراعي مصالح الدولة المحتلة، ويعيد للمغرب سيادته على أراضيه المسلوبة منه ظلما وعدوانا. وذلك ما عبر عنه رئيس وزراء المغرب عباس الفاسي، بلغة دبلوماسية هادئة أمام برلمان بلاده وكرره بصفته الحزبية في رسالة احتجاج وجهها إلى زعيم المعارضة الإسبانية ماريانو راخوي، لزيارته المستفزة لمدينة مليلية على غرار سلفه "أثنار" دون مراعاة المشاعر المغربية. يذكر أن وزير الداخلية الإسباني، الفريدو روبالكابا، زار المغرب الشهر الماضي وتوصل إلى جملة تفاهمات مع المسؤولين المغاربة مهدت من دون شك إلى القمة الثنائية في نيويورك. إلى ذلك لم يعد الحديث جاريا عن زيارة الملك خوان كارلوس إلى المغرب بناء على الاتفاق المبدئي الذي جرى بين العاهلين خلال اتصالهما الهاتفي في غضون الأزمة. وطبقا لما تداولته صحف إسبانية الأسبوع الماضي، يبدو أن الوضع الصحي للعاهل الإسباني، يقف وراء عدم تحديد موعد لزيارة المغرب . وأشارت في هذا الخصوص إلى أن ملك إسبانيا ربما يتناول أدوية قوية لها مضاعفات جانبية، جراء العملية الجراحية على الرئتين التي أجريت له قبل أشهر في مدينة بر شلونة ما اضطره إلى تقليص أنشطته والحد من تنقلاته خارج وداخل إسبانيا. وعلى صعيد آخر، أكدت الحكومة الإسبانية، موقفها من نزاع الصحراء قائلة إنها تطالب بحل سلمي تفاوضي يقبله الطرفان بإشراف الأممالمتحدة. ويؤاخذ المغرب إسبانيا على ما يصفه موقفها "الملتبس" من ملف الصحراء، وفي اعتقاده أنها يمكن أن تفعل الكثير لإنصافه، على اعتبار أنها الدولة المستعمرة سابقا العارفة بخلفيات النزاع ودوافع الفاعلين فيه.