فتحت مصالح المراقبة اللاحقة بالمديرية العامة للجمارك تحقيقات معمقة حول شركتين أجنبيتين ممن قاموا بمئات عمليات الاستيراد في ظرف قياسي، ويتعلق الأمر بشركة سورية وأخرى إيطالية كبدتا الخزينة، بسبب مخالفات خطيرة، خسائر بالملايير يجري جردها من طرف المحققين. تفيد النتائج الأولية للتحقيقات التي باشرتها فرق المراقبة اللاحقة منذ شهرين ولا تزال متواصلة إلى أن شركة إيطالية، تخصصت في استيراد الخزانات الكهربائية، قامت في ظرف زمني قصير بمئات العمليات ولم تنتبه مصالح المراقبة الجمركية للتحايل الذي كانت تقوم به إلا بعد إجرائها المطابقة للأسعار المصرح بها لدى الجمارك والضرائب والأسعار الحقيقية لوارداتها في الأسواق العالمية، ليتبين فيما بعد أن تخفيض القيم كان بقرابة ثماني مرات من قيمتها الحقيقية. وبعد تفطن مصالح المراقبة اللاحقة باشرت تحقيقاتها التي انتهت إلى أن عدد العمليات التي تمت تمثل خسائرها بالنسبة للخزينة إلى حين انتهاء عمليات الإحصاء إلى مئات الملايير، حسب ما أكدته مصادر ''الخبر''، وأضافت هذه الأخيرة موضحة بأن المرحلة الثانية من التحقيقات ستتمثل في تحديد قيمة الغرامات وإجبار الشركة على دفعها، كما سيتم إدراج اسم الشركة ضمن البطاقية الوطنية للشركات المدانة بالغش. ولم تستبعد نفس المصادر اللجوء إلى القضاء في حالة تأخر الشركة عن دفع الغرامات التي ستفرض عليها. من جهة أخرى تمكنت إحدى الشركات السورية من افتكاك عقود بالتراضي مع شركة سوناطراك فيما يخص تموينها بالمواد المكتبية من الخارج، وقامت هذه الشركة السورية فضلا على تضخيم الفواتير، باستعمال عدد كبير من السجلات بما معدله سجل كل سنة، لتتمكن من خلالها نفس الشركة من الحصول على نفس الصفقة مع سوناطراك. وتوصلت مصالح الاستعلامات الجمركية إلى اكتشاف استعمال هذه الشركة لأكثر من 10 سجلات بغرض التهرب الضريبي، وهي سجلات منها المستأجرة ومنها سجلات جديدة تستخرج لتجديد إبرام الصفقة مع سوناطراك. ومن بين المخالفات الأكثر ضررا بالاقتصاد الوطني ما تعلق بتهريب العملة عن طريق الاستيراد، سيما وأن القيم المصرح بها للعتاد المكتبي المستورد خيالية مقارنة بقيمتها في الجزائر، خاصة وأن هذا النوع من العتاد المكتبي متوفر في الجزائر ولا يستلزم استيراده من طرف شركة أجنبية. وتواجه الشركة السورية، حسب مصادر ''الخبر''، تهمة تهريب العملة ومخالفة التشريع المتعلق بقانون الصرف فيما يخص تضخيم الفواتير. وقد قامت مصالح الجمارك بإبلاغ البنك المركزي لاتخاذ إجراءات تجميد التحويلات البنكية لحسابات تلك الشركة في الخارج. ومن بين ما وقف عليه محققو المراقبة اللاحقة أن نفس الأشخاص السوريين يبرمون صفقات بسجلات مختلفة مع بعض فروع سوناطراك، وهي عقود تبرم بالتراضي وتسبب تغيير السجلات في تهرب ضريبي بقيم ستشرع مصالح الضرائب في جردها بعد إبلاغها من طرف مصالح الجمارك في إطار اتفاقية تبادل المعلومات حول الشركات المدانة بالتصريح المزور والتهرّب الجبائي. وللإشارة فقد جاءت الإجراءات التي اتخذتها مديرية المراقبة اللاحقة في إطار مخطط سطرته إدارة الجمارك وأمرت الحكومة المدير العام عبدو بودربالة بتجسيده لكبح تهريب العملة وحماية احتياطي الصرف من الاستنزاف تحت غطاء الاستثمار أو الاستيراد والتصدير. وعلى صعيد آخر أعلنت قباضة المصالح الخارجية للجمارك بالدار البيضاء أن مفتشية عين طاية ستكون مضطرة لمصادرة وبيع في المزاد لعشرات الحاويات مهملة من طرف أصحابها. وقد أعلنت إدارة الجمارك القائمة الاسمية للشركات مطالبة إياها بتسوية الوضعية قبل انتهاء الآجال القانونية. وفي أغلب الحالات تعود أسباب إهمال الشركات لحاوياتها إلى العجز عن الجمركة بسبب الإفلاس أو خوفا من المتابعات القضائية في حالة ما تعلق الأمر باستيراد ممنوعات أو خردة لتهريب العملة، وهو ما يمنعه القانون ويعرّض صاحبه للسجن.