كشف تقرير لإدارة الجمارك عن تكبد مصالح هذه الأخيرة لخسارة مالية تناهز 37 مليون درهم، نتيجة عدم أداء رسوم ومكوس من قبل 14 شركة تعمل في مجال النسيج بالدار البيضاء، من بينها شركتان مسيرهما من ديانة يهودية. التقرير تم إعداده بعد تتبع ملفات الأنظمة الاقتصادية بالجمرك، بعد أن قام أعوان الجمرك التابعون لمصلحة الأبحاث والمراقبة البعدية بفحص أرصدة حسابات القبول المؤقت لتحسين الصنع الفعال الممسوكة من طرف إحدى الشركات المشار إليها. ويقوم نظام القبول المؤقت على استيراد مواد أولية دون أداء رسوم جمركية، شريطة تصنيعها داخل المغرب وإعادة تصديرها في شكل منتوج منتهي الصنع، حيث يحظر بيعها في السوق الداخلي. وقد تبين لمحاسبي المديرية، من خلال دراسة أن هذه ملفات الاستيراد الخاصة بهذه الشركة والمتعلقة باستيراد أثواب ولوازمها تحت النظام الذي يصطلح عليه عند الجمرك ب«نظام القبول المؤقت لتحسين الصنع الفعال» لكمية تفوق 570 ألف كلغ، نتج عنها هضم رسوم ومكوس تقدر بما يزيد عن 13 مليون درهم، مما يبين أن هذه البضاعة قد تم ترويجها بالسوق الداخلي خلافا لمقتضيات مدونة الجمارك التي تنص على أنه «يعد شططا فيما يتعلق بنظام السماح المؤقت كل بيع أو تخل غير مأذون فيه أو استبدال بضائع موضوعة تحت النظام المذكور مهما كانت درجة إعدادها أو استعمال البضائع المذكورة لأغراض غير الأغراض الممنوحة من أجل الاستفادة من النظام» الذي يعفى بموجبه المستوردون من أداء رسوم الجمرك. وكشفت تحريات الجمارك أن البضائع التي يتم استيرادها بهذه الطريقة يتم إيداعها بمخازن متفرقة، وهي مجرد أماكن عبور مؤقت لبضاعة مستوردة عن طريق الغش من الميناء إلى المرسل إليه، حيث تستعمل هذه العملية من أجل التمويه حتى لا تتمكن مصلحة الجمارك من متابعة مسار البضاعة من الميناء إلى المرسل إليه. وللتعرف على الفاعلين الأصليين لهذه العملية، اضطر المحققون إلى سلوك عدة طرق، بدءا بالتحريات التي بوشرت على الطريقة المعلوماتية من خلال فحص البريد الإلكتروني، إلى جانب تسليط الضوء حول كيفية إخراج تلك البضائع من الميناء من خلال ورقة إخراج السلع التي تمنح من طرف مكتب استغلال الموانئ، وكذا ورقة تسليم البضائع التي تمنح من طرف مصلحة الجمارك. هذه العملية بينت أن السلع موضوع التحري تم إخراجها من الميناء من طرف المشتبه فيهم الذين دلوا المحققين على مكان تخزينها. المسلك الثالث الذي نهجه المحققون لتتبع مسار هذه العملية كان هو تتبعها على مستوى التحريات التي بوشرت عن طريق شركات النقل، وذلك قصد التعرف على مالكي البضائع من خلال سندات الشحن الأصلية، حيث مكنت هذه العملية من الكشف عن عدد من الأسماء، وتم تحرير محاضر مخالفات في حقهم، حيث اتضح بعد الاستماع إليهم أنهم كانوا يلجؤون إلى عدة طرق احتيالية من أجل التملص من أداء واجبات الجمارك، وذلك عبر التصريح باستيراد بضائع تحت نظام القبول المؤقت لتحسين الصنع الفعال بدون أداء في اسم شركة متوقفة عن العمل، واستيراد مكثف للأثواب في فترة قصيرة جدا، والاستفادة غير المستحقة من الإدارة لكفالة الآمر بالسحب، واختزال وتسجيل بيانات الاستيراد تحت نفس النظام من قاعات المداومة، واللجوء الممنهج إلى اكتتاب التصريحات المؤقتة حتى تتسنى مراقبة كم العناصر، وذلك قصد تحرير فاتورات مزورة لإبعاد شكوك المصلحة واستعارة أسماء لمحو آثار المخالفة، واكتراء مخازن ظرفية، وشحن وإفراغ البضائع المتنازع بشأنها لمحو آثار المخالفة، واللجوء إلى الأداء النقدي والفوري لكل الصوائر المتعلقة بهذه العمليات.