تحاول إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة فك لغز 4200 ثلاجة مستوردة من الأردن، تقدر قيمتها بحوالي ملياري سنتيم، تحتجزها مصالحها بمخازن تابعة لها بميناء المحمدية منذ ما يزيد على شهر، تؤكد مصادر مطلعة أن مستوردها ليس سوى شركة «كولد أبرون» التي يملكها رجل الأعمال المغربي ورئيس فريق المغرب التطواني لكرة القدم، عبد المالك أبرون. ويعود أصل الحكاية إلى أكثر من شهر من الزمن، عندما استقبلت مصالح الجمارك 59 حاوية 40 قدم تحوي 4200 ثلاجة، مستوردة من الأردن، كان يفترض أن تستفيد من الإعفاء من رسوم الجمرك طبقا لمقتضيات اتفاقية أكادير التي تربط المغرب بالأردن وتونس ومصر. وحاولت «المساء» استقاء رأي عبد المالك أبرون عبر الاتصال بالمقر الرئيسي لشركة « كولد أبرون» بالرباط، إلا أنها أخبرت رغم إلحاحها في طلبه بأنه مشغول في اجتماعات. تفيد هذه الاتفاقية أن صادرات أحد البلدان الموقعة عليها تستفيد من الإعفاء من رسوم الجمرك، عندما تدلي الجهة المستوردة بشهادة المنشأ التي تثبت أن 40 في المائة من القيمة المضافة من مكونات المنتوج هي من صنع البلد المصدر. غير أن شكوكا حامت حول الثلاجات المستوردة من الأردن لدى مصالح الجمارك، حيث تبين أثناء الفحص الروتيني الذي تقوم به تلك المصالح عند الاستيراد أنها صنعت في بلد آسيوي، هو تحديدا كوريا الجنوبية، مما دفع إدارة الجمارك، إلى الشك في المنشأ المصرح به، و مطالبة المستورد بأداء حقوق الجمرك والرسوم الواجبة، إلى أن يبين التحقيق ما إذا كانت الشكوك التي أثارتها الثلاجات صحيحة. وأحجمت إدارة الجمارك و الرسوم غير المباشرة عن الإفصاح، في توضيحات أرسلتها إلى «المساء»، عن فحوى الرسائل التي تلقتها من الإدارة الأردنية بخصوص هذا المشكل، غير أن الثلاجات المحتجزة نالت نصيبا وافرا من التداول بشأنها في النقاشات التي عرفتها اللجنة العليا المشتركة الأردنية – المغربية التي عقدت أشغالها في الفترة الفاصلة بين 19 و21 من يوليوز الجاري بعمان، برئاسة رئيسي حكومتي البلدين. وأوضحت إدارة الجمارك المغربية أن دورها يتمثل، طبقا للاتفاقية، في منح امتيازات تعريفية للمنتوجات التي يغطيها الاتفاق والمحترمة لشروط المنشأ، بحيث إذا ثبت أن الأجهزة المستوردة لا تستوفي هذه الشروط، يلجأ إلى إخضاعها لأداء حقوق الاستيراد الواجبة، بالإضافة إلى الغرامة التي يقرها القانون. حماد كسال، رئيس اللجنة المشتركة الأردنية –المغربية الممثلة لمقاولي البلدين، أكد أنه قام رفقة وزير التجارة الخارجية، محمد معزوز، خلال انعقاد أشغال اللجنة المغربية الأردنية، بزيارة للمصنع الذي يفترض أن يكون تولى تصنيع الثلاجات المحتجزة، غير أنه أوضح أنه مادام لا يتوفر، كما الوزير، على الخبرة التقنية الواجبة للإحاطة بالموضوع، فقد اتفق على تشكيل لجينة مشتركة لسبر غور هذا الملف. وفي انتظار أن توضح التحقيقات التي تجريها الجمارك حقيقة الثلاجات المحتجزة، وتعطي اللجينة رأيها، أكد كسال أن المسؤولين الأردنيين اعتذروا عن تصدير ثلاجات لا تتوفر فيها شروط المنشأ التي تقتضيها اتفاقية أكادير، بحيث أقروا بأنه قد تسللت إلى الشحنة المصدرة إلى المغرب ثلاجات من صنع كوري جنوبي، مما يترتب عنه عدم استفادتها من الإعفاء من الحقوق الجمركية والمكوس التي تستوفيها إدارة الجمارك و الرسوم غير المباشرة. وشغل ملف الثلاجات المدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة،حيث تفيد بعض المصادر بأنه استفسر إدارة ميناء الدارالبيضاء حول احتمالات وجود ملفات سابقة تتعلق باستيراد منتوجات في إطار اتفاقية أكادير، وفي نفس الوقت أكد مصدر من إحدى الشركات المستوردة و المصنعة للأجهزة المنزلية بالمغرب أن المدير العام للجمارك طلب رأيها في الموضوع، وهي المبادرة التي قد تكون شملت شركات ومستوردين آخرين في المغرب. واستأثر هذا الملف باهتمام المهنيين في المغرب، حيث أبدوا شكوكا في قدرة الأردن على إنتاج هذه الكمية من الثلاجات، لأنه إذا كان بإمكانها تركيب الثلاجات، فإنه من المستبعد أن يكون بمقدورها المساهمة في المنتوج ب40 في المائة من القيمة المضافة التي تمنح لصادراتها إلى المغرب امتياز الاستفادة من الإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية التي تخولها لها اتفاقية أكادير. ولم يخف مسؤول في إحدى الشركات المصنعة و المستوردة للأجهزة المنزلية، تخوفه من دخول الثلاجات المحتجزة إلى السوق المغربي، حيث سيفضي، في سوق يصل الطلب فيه على الثلاجات إلى 350 ألف وحدة في السنة، إلى خفض الأسعار، مادامت تلك الشحنة تستفيد من الإعفاء من الرسوم الجمركية طبقا لاتفاقية أكادير.