ذكر موقع جريدة "القدس" أن واشنطن هددت بوقف المساعدات الاقتصادية عن المغرب في أعقاب طرد الرباط مواطنين أميركيين اتهمتهم بممارسة التبشير. وأبدى الأميركيون استغرابهم من شدة الحزم المغربي، وهم الذين اعتادوا على مواقف شديدة المرونة من السلطات المغربية، خاصة في المسائل الدينية حيث يحاط اليهود الإسرائيليون المتحدرون من أصول مغربية بكثير من الاهتمام والحفاوة، حتى إن كانوا يحتلون مسؤوليات رفيعة في الحكومة الإسرائيلية. وكان ديفيد ليفي من أهم الشخصيات الإسرائيلية التي لقيت ترحيبا رسميا كبيرا في الرباط عندما كان يشغل منصب وزير الخارجية الإسرائيلي. ولقي سلفاه سيلفان شالوم وتسيبي ليفني، حفاوة مماثلة خلال زيارات للمغرب على رغم الإحتجاجات التي قادتها منظمات أهلية مناهضة للتطبيع. إلا أن مصدرا مغربيا قال ل "القدس" إن الرباط التي مازالت متمسكة بنهج الانفتاح والحوار، لا يمكن أن تظل مكتوفة الأيدي أمام محاولات زعزعة تماسكها الروحي والسياسي. واعتبر التبشير خطا أحمر، لأنه يدق إسفينا بين أبناء الشعب الواحد ولا علاقة له بالحرية الدينية. وتُعتبر الأزمة الراهنة الأكبر بين واشنطنوالرباط اللذين يربطهما تحالف عريق يعود إلى أكثر من خمسين سنة. وتجري قوات مغربية تدريبات سنوية مشتركة مع قوات أميركية، بالإضافة إلى تدريبات مع قوات أفريقية وأوروبية بإشراف "القيادة الأميركية لأفريقيا" (أفريكوم). غير أن محللين توقعوا أن تؤدي مضاعفات الأزمة الراهنة إلى برود بين واشنطنوالرباط، واستطرادا إلى تعزيز التعاون مع الجزائر غريمة المغرب. وأكدوا أن الإتصالات في شأن بيع القوات الجزائرية أحدث طراز من طائرات النقل العسكرية "هيركول سي 130 دجي" Hercule C130 j وصلت إلى مرحلة متقدمة. وكان قائد القوات الجوية في "أفريكوم" الجنرال رونالد ليدنير، أجرى محادثات في هذا الشأن مع قائد القوات الجوية الجزائرية الفريق عبد القادر لونيس، ومسؤول العلاقات الخارجية في الجيش الجزائري اللواء نور الدين ماكري، خلال زيارة أداها للجزائر مطلع العام الجاري. وتبلغ الجنرال ليدنير رغبة الجزائر استبدال طائرات "هيركول سي 130 آتش" Hercule C130 H بالطراز الأحدث منها وهو Hercule C130 j. وأفيد أن ليدنير قدم للعسكريين الجزائريين نسخة مصغرة من هذه الطائرة. وأكد مصدر جزائري ان كثافة الزيارات التي أداها مسؤولون أميركيون للجزائر منذ مطلع العام الجاري تسهل تسريع التقارب بين الحكومتين، خصوصا في ظل الإصرار الجزائري على توجيه ضربة قاصمة لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" بعد تشكيل قيادة مشتركة مع بلدان الساحل والصحراء. ورأى أن الجزائر تبدو البلد الأكثر تجاوبا مع أهداف "الحرب الدولية على الإرهاب"، ما يجعلها أقرب إلى الجزائر منها إلى المغرب. وفي هذا الإطار عرض الجنرال ليدنير على محاوريه الجزائريين "رؤية إستراتيجية" تشكل خارطة طريق لشراكة بين البلدين في الحرب على الإرهاب. ويمكن القول إن قائد "أفريكوم" الجنرال وليم وارد ،هو الذي وضع الحجر الأول في تلك الشراكة خلال زيارته الجزائر في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وأفادت مصادر مطلعة أن قيادة "أفريكوم" التي يوجد مقرها في ألمانيا درست خيارات تطوير التعاون العسكري والإستخباراتي مع الجزائر، في ضوء محادثات ليدنير مع القادة العسكريين الجزائريين، وأن الجيشين في سبيلهما إلى اعتماد خطط عملية جديدة لتنسيق التعاون في مكافحة ما يسمى بالإرهاب وتدريب القوات الجزائرية. والأرجح أن تنفيذ تلك الخطط سيُقرب الجزائر أكثر من واشنطن على حساب المغرب، الذي سيُؤدي تفجر ملف التبشير معه إلى تراجع التعاون الثنائي في أكثر من مجال، ومن ضمنها المجال العسكري.