بدأ الدكتور علي زيدان رئيس الحكومة المؤقتة في ليبيا، أمس، زيارة عمل رسمية إلى الجزائر تستغرق أربعة أيام تلبية لدعوة من نظيره الجزائري عبد المالك سلال، فيما قالت مصادر ليبية مطلعة ل«لشرق الأوسط» إن وضع عائلة العقيد الراحل معمر القذافي المقيمة في الجزائر سيكون على جدول محادثات زيدان هناك. وأوضحت المصادر التي طلبت عدم تعريفها أن زيدان الذي يرافقه وفد كبير يضم اللواء يوسف المنقوش رئيس أركان الجيش الليبي وسالم الحاسي رئيس جهاز المخابرات الليبية وعدد من المسؤولين بوزارتي الخارجية والداخلية ، سيسعى إلى الحصول على تطمينات جزائرية بعدم تورط عائلة القذافي في أي أنشطة مناوئة للسلطات الجديدة في ليبيا. وردد مسؤولون ليبيون معلومات عن قرار مفاجئ اتخذته عائلة القذافي التي تضم أرملته صفية فركاش وأبناءهما محمد وهانيبال وعائشة، بمغادرة الجزائر التي دخلتها قبل انهيار وسقوط نظام القذافي العام الماضي، إلى دولة عربية أخرى فيما لا تمانع السلطات الليبية في عودة أرملة القذافي إلى مسقط رأسها بمدينة البيضاء الليبية. والتزمت السلطات الليبية والجزائرية الصمت حيال هذه المعلومات، لكن رئيس الوزراء الليبي علي زيدان قال إنه لا يرى غضاضة في عودة زوجة القذافي إلى منزل عائلتها طالما أنها ليست مطلوبة من السلطات الليبية المختصة. ويثير بقاء عائلة القذافي في الجزائر حفيظة الرأي العام الليبي الذي يرى في استمرار حصولها على حق اللجوء السياسي هناك تدخلا في شؤون ليبيا الداخلية. وقال زيدان أمس عقب وصوله مطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائرية إن زيارته تأتي تأكيدا لمعاني العروبة والوطنية التي تعلمناها من الثورة الجزائرية، على حد قوله. وأضاف زيدان في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الليبية الرسمية قال فيها «اخترت الجزائر لتكون أولى زياراتي الخارجية لتأكيد هذه المعاني قولا وعملا، وتحقيق مستقبل واعد يجمعنا على قاعدة التفاهم والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية»، مؤكدا على أهمية بناء علاقات بين البلدين الشقيقين مبنية على الود والتعاون بعيدا عما وصفه بعلاقات تبادل المصالح والمنفعة. والتقى زيدان أمس مع الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال الذي استقبله برفقة أعضاء حكومته، فيما سيلتقي الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في وقت لاحق. في غضون ذلك، طالب أهالي السجناء الليبيين المعتقلين في السجون التونسية المؤتمر الوطني العام، والحكومة المؤقتة، بضرورة التدخل لدى الحكومة التونسية، والعمل على استرجاع جميع الأسرى الليبيين الموجودين في هذه السجون. وناشد الأهالي خلال وقفة احتجاجية نظموها أمس أمام مقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بالعاصمة الليبية طرابلس بنقل أبنائهم من سجن المرناقية بتونس أسوة بالسجناء الذين تم نقلهم إلى ليبيا لقضاء بقية أحكامهم داخل مؤسسات الإصلاح والتأهيل في ليبيا. وكانت السلطات الليبية قد نجحت في وقف إعدام مواطن ليبي في العراق أول من أمس بعد ضغوط مماثلة مارستها عائلات العشرات من الليبيين المتعقلين هناك. من جهة أخرى، أجلت محكمة استئناف طرابلس محاكمة كبار مسؤولي نظام القذافي المعتقلين في ليبيا إلى الشهر المقبل. وقررت المحكمة أمس تأجيل النظر في قضية محمد أبو القاسم الزوي رئيس مؤتمر الشعب العام (البرلمان) وعبد العاطي العبيدي وزير الخارجية في نظام القذافي إلى السابع من شهر يناير( كانون الثاني) المقبل بناء على طلب محامي الدفاع. ورفض الزوي والعبيدي الاتهامات التي وجهها أمس قاضي المحكمة لهما والتي تشمل إحداث أضرار جسيمة بالمال العام عبر منح تعويضات لأسر ضحايا قضية لوكيربي تزيد عن 2،7 مليار دولار أميركي، وخيانة الأمانة التي عهدتها الدولة إليهما بالتفاوض عنها في الخارج، والاتفاق مع محامي أسر ضحايا قضية لوكيربي على دفع المبلغ مقابل رفع العقوبات الدولية، وشطب اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب على الرغم من علمهما بأن المحامين غير مخولين بالتفاوض بهذا الشأن. واعتذر عبد الرحمن شلقم وزير الخارجية الليبية السابق وممثل ليبيا لدى المم المتحدة عن الإدلاء بشهادته وحضور الجلسة لأسباب صحية حسب محامي الدفاع. وفي جلسة أخرى منفصلة، قرر رئيس محكمة استئناف طرابلس دائرة الجنايات الخامسة والمختصة بمحاكمة رموز نظام السابق القذافي، تأجيل جلسة محاكمة البغدادي المحمودي رئيس آخر حكومة للقذافي ومسؤولين آخرين إلى الرابع عشر من الشهر المقبل. وتتهم السلطات الليبية المحمودي وكلا من المبروك محمد زهمول، وعامر صالح ترفاس بالفساد المالي والتحريض والقيام بأفعال القتل، وتحويل مبالغ مالية في حسابات خاصة كدعم لوجيستي للنظام السابق بهدف إجهاض الثورة الشعبية التي اندلعت العام الماضي ضد القذافي. وسمحت السلطات الليبية ببث الجلستين على الهواء مباشرة بحضور محامي المتهمين وعدد من ذويهم، وممثلين حقوقيين ووسائل الإعلام المحلية والعالمية، عبر قناة ليبيا الوطنية الرسمية. بموازاة ذلك، ألقى مجهولون قنبلة على مبنى محكمة شمال بنغازي صباح أمس ما أدى إلى تحطيم زجاج مبنى المحكمة، وإلحاق أضرار جزئية بمبنى شركة النفط المجاور، من دون سقوط أي ضحايا. ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن مصادر أمنية أن مجهولين ألقوا قنبلة محلية الصنع على المحكمة ولاذوا بالفرار. يشار إلى أن نفس المحكمة كانت مستهدفة في شهر أبريل (نيسان) الماضي حيث وقع انفجار ضخم على مقربة منها ما أدى إلى حدوث تلفيات جسيمة في المباني المجاورة لها.