وفي اليوم الثالث... «غونكور» التي أعلنت يوم أمس وحازها الروائي جيروم فيراري عن كتابه «الموعظة حول سقوط روما»، الصادرة عن منشورات «أكت سود». أول ما يلفت في هذا الخيار، أنها المرة الثانية التي تكافأ فيها منشورات «أكت سود» بهذه الجائزة بعد رواية «تحت شمس آل سكورتا» للورانس غوديه العام 2004 (صدرت بالعربية عن دار «الآداب»، وقام بنقلها اللبناني الراحل بسام حجار)، والخيار هذا، لا بدّ من أن يدلّ على اتجاه أعضاء الأكاديمية الجدد (ريجيس دوبريه، برنار بيفو، بيار أسولين، فيليب كلوديل) الذين يحاولون من سنوات أن ينزعوا الصفة «السيئة» التي لازمت هذه الجائزة بكونها لا تذهب إلا للدور الثلاثة الكبيرة «غاليمار، غراسيه، لوسوي» لدرجة أن الصحافة أبدعت من سنين عبارة «غاليغراسوي» والتي تشير إلى الأحرف الأولى من أسماء دور النشر هذه، التي كانت تتقاسم جل الجوائز. الأمر الآخر اللافت، كان ضياع الجائزة من باتريك دوفيل، الذي كان من أكثر المرشحين لها، وفق الأحاديث والتكهنات الصحافية وحتى بين أعضاء الأكاديمية أنفسهم، لكن حصوله على «فيمينا» قبل أيام، جعل حظوظه معدومة، وهذا ما حصل، وكلّنا نعرف الصراع بين الجائزتين اللتين تتنافسان على الإعلان عن أفضل رواية قبل الأخرى، وحين اشتد الصراع بينهما، تمّ الاتفاق قبل سنوات، على أن تمنح غونكور جائزتها قبل فيمينا في سنة، وفي السنة اللاحقة، تنقلب الآية، حيث تمنح فيمينا قبل غونكور. من هنا يمكن القول إن حظ دوفيل السيئ، جعل فيمينا هذه السنة تتقدم على غونكور، وإن كان هذا لا يعني في النهاية أن رواية جيروم فيريري لا تستحق أن يتم الالتفات إليها. في أي حال، تشكل «الموعظة حول سقوط روما» الرواية السادسة للكاتب المولود في باريس العام 1968، والذي يعمل أستاذا لمادة الفلسفة في «الليسيه الفرنسية» بأبو ظبي، بعد أن مارس هذه المهنة لسنوات في الجزائر وفي أجاكسيو (جزيرة كورسيكا). وفي كورسيكا تدور أحداث روايته التي تستوحي فكرتها من الموعظة التي ألقاها سان أوغوستان العام 410، لكن لا نعود إلى الماضي الزمني، إلا عبر الخطاب الثقافي، بينما الأحداث تدور في مقهى صغير حيث يستعيد طالبان في الفلسفة هذا الخطاب. طالبان مثاليان يتواجهان مع الواقع المرعب الذي نعيشه في زمننا الراهن. وللهرب من هذا الزمن، يأتي الخطاب الأدبي الذي ينسج على بعض الأقاصيص المحلية الكورسيكية لينطلق منها كي يصل إلى أساطير العالم، وكان الأسطورة، محاولة لا للرجوع إلى الزمن الغابر، بل لكي تتواجه مع العصر الذي يفقد كل بوصلة. من جهة أخرى، نجد أيضا عالم الطلاب حاضرا في رواية سكولاستيك موكاسونغا للروائية الراوندية (تكتب بالفرنسية) «سيدة النيل» (غاليمار) التي فازت بجائزة رونودو يوم أمس أيضا، بعد دقائق من إعلان غونكور. بين عوالم مدرسة داخلية للبنات في راوندا، نقع على الفكرة الرئيسة: أن تبقى البنات عذراوات من أجل الزواج. لكن المستغرب في منح الجائزة، أنها لم تكن وصلت إلى اللائحة النهائية، وكما أن أعضاء اللجنة قرروا عدم تجنيب منشورات غاليمار أن تخرج خالية الوفاض من الجوائز هذه السنة، فقرروا منحها للكاتبة الراوندية. *تعليق الصورة: الروائي جيروم فيراري