تختلف الجولة الاستكشافية التي سيقوم بها الوسيط الأممي في نزاع الصحراء، كريستوفر روس، عن سائر الزيارات السابقة ،في مقاصدها وتعقيداتها،التي قام بها إلى دول المنطقة منذ تعيينه في مهمته. وحسب ما ذكره أخيرا، الناطق الإعلامي باسم الأممالمتحدة، فإن الدبلوماسي ألأميركي سيبدأ جولته الجديدة نحو اوروبا وأفريقيا، يوم السابع والعشرين من الشهر الجاري . ولم يعلن حتى الآن عن ترتيب الزيارات التي يفترض أن تشمل المغرب والجزائر وموريتانيا وتختتم عادة بمخيمات "تندوف" إذ لا تعرف وجهة "روس" الأولى، وقد جرت العادة أن يبدأ بمحوري النزاع الجزائر والمغرب، تليهما موريتانيا فمخيمات البوليساريو، مع التذكير أن الوسيط الأممي، غير الترتيب الذي اتبعه من سبقه في المهمة . وفي هذا السياق لا تعرف كذلك الدول الأوروبية التي ستشملها الزيارة التي كانت موقوفة في السابق على إسبانيا،باعتبارها الدولة الحامية للصحراء ، لكن "روس" وسع مشاوراته مع دول أخرى وخاصة مع مجموعة "أصدقاء الصحراء". تجدر الإشارة إلى أن جبهة البوليساريو، سارعت على لسان أمينها العام وقياديين آخرين، إلى الترحيب باستئناف مهمة "روس" بعد توقفها على أثر قرار المغرب سحب ثقته من مبعوث الأممالمتحدة إلى الصحراء، جراء خروجه عن الحياد وانحيازه لما يعتبره المغرب "موقف الانفصاليين". وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس، أجرى في شهر أغسطس الماضي، اتصالا هاتفيا مع الأمين العام الأممي،بان كي مون، اتفق الطرفان بعده على استئناف المهمة الموكولة إلى "روس" الذي يفترض أن يواجه عدة صعوبات، إذ عليه أن يصلح العلاقة مع المغرب حتى يستعيد ثقة الرباط والبرهنة على أنه وسيط نزيه ؛ وهذا أمر يبدو في غاية الصعوبة، اللهم إلا إذا حمل "روسي" في محفظته مخططا يعيد الاطمئنان إلى الجانب المغربي، وخلاف ذلك فإن الحوار بينهما سيكون بدون جدوى. إلى ذلك لا يبدو في الأفق الدبلوماسي أن الجزائر راغبة في إنجاح مهمة "روس" بدليل أن مواقفها ما تزال متصلبة من النزاع والتي تعكسها ما تنشره الصحافة الجزائرية من أخبار وتعليقات لا تسير في اتجاه التهدئة مع المغرب، كما ساد الاعتقاد في وقت من الأوقات ومنذ أن وصل الإسلاميون المعتدلون إلى السلطة في المغرب وتبادل الزيارات بين البلدين ورغم الأوضاع المضطربة في دولة" مالي" وما يقال عن تسلل المتمردين إلى مخيمات تندوف وربطهم علاقات تنظيمية مع عناصر صحراوية، فإن الجزائر لا تبدو ميالة في الظرف الراهن إلى إيجاد حل سياسي تفاوضي مرض للطرفين في الصحراء. ويتساءل المراقبون عن الدوافع التي جعلت "روس" مصرا على جولته الجديدة قبل أن يضمن تعاونا من كافة الأطراف لإنجاح مهمته، وتحديدا جبهة البوليساريو التي لا ترى بديلا عن إجراء استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، بمعايير عقد الثمانينيات من القرن الماضي التي تجاوزتها مقررات مجلس الأمن المتوالية التي أكدت كلها على حل سلمي توافقي الذي لا يعني تقرير المصير ولا إبقاء الوضع على ما هو عليه. ويعتقد بعض المحللين أن جولة "روس" الأخيرة إما أن تكون محملة بمقترح سحري وجذاب ومغري لطرفي النزاع، أو أنه سيقوم بزيارة الوداع الأخيرة، وإعلان فشله كما حصل للذين سبقوه في المهمة الدبلوماسية العسيرة، على أساس أن "فشله" يفتح طريقا جديدا قد يكون أصعب ، ستؤمن السير عليه قوى دولية، لا يبدو الآن أن نزاع الصحراء يشكل لها أولوية مطلقة، قبل الوضع المحتقن في سوريا ولبنان والأزمة المستعصية مع إيران، فضلا عن أن القوى العظمى أي الولاياتالمتحدة، مشغولة بالانتخابات الرئاسية . ما يحمل على الظن أن "روس" لن يعود بأكثر من "الصلح ألشخصي مع المغرب إذا كان راغبا فيه ولم يكن قد شعر بالملل واليأس وأيقن أن تقنيات التفاوض التي جربها لم تجد نفعا في واقع عصي ومتحرك مثل رمال الصحراء.