أجرى وزير خارجية إسبانيا، ميغيل أنخيل موراتينوس، يوم الجمعة، مباحثات مع، كريستوفر روس، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، في أفق التمهيد لاستئناف مهمة الوساطة التي يقوم بها بين طرفي النزاع. وذكرت مصادر دبلوماسية، أن الاجتماع بين، روس وموراتينوس، تم بمقر وزارة الخارجية الإسبانية في مدريد، مشيرة إلى أن رئيس الدبلوماسية الإسبانية جدد تأييد بلاده للمساعي التي يقوم بها الوسيط ألأممي ، لحث المغرب وجبهة البوليساريو على استئناف مسلسل المباحثات المباشرة التي انطلقت بينهما منذ عام 2007 في "مانهاست" بضواحي مدينة نيويورك، دون أن تحرز إلى غاية الجولة الرابعة تقدما ملموسا، ما ترك المواقف متباعدة بين الطرفين. وجدد موراتينوس، التزام بلاده بتأييد حل سلمي تفاوضي متفق عليه لنزاع الصحراء، يحظى بقبول الأطراف، طبقا للقرارات الصادرة عن الأممالمتحدة، مؤملا في إمكانية عقد جولة خامسة من المباحثات بين المغرب وجبهة البوليساريو. ولم يحدد الدبلوماسي، روس، موعدا لزيارته الجديدة إلى المنطقة التي ستكون الثالثة منذ تعيينه في منصبه عام 2009 من قبل الأمين العام الحالي، بان كي مون. وكان روس، قد راهن في بداية مهمته،على آلية جديدة لتحريك جمود المباحثات المباشرة، فعمد إلى دعوة الأطراف إلى اجتماعات مفتوحة غير مقيدة بجدول أعمال صارم، بغاية بناء جسور الثقة بينهما ، لكن ذلك الأسلوب لم يفض، على ما يبدو، إلى النتيجة التي توخاها وراهن عليها الدبلوماسي الأميركي الذي يتكلم مع الأطراف باللغة العربية التي يجيدها، ما جعله يعترف صراحة في نهاية جولته الأخيرة بما يشبه العجز دون أن يحمل المسؤولية لطرف. وبرأي المراقبين، فإن العقبة الكأداء التي يواجهها روس، تكمن في تصلب جبهة البوليساريو التي تتشبث حرفيا بنفس المواقف التي دافعت عنها بدءا من عقد الثمانينات من القرن الماضي، رافضة أي بديل واقعي ومنطقي لحل النزاع، عوض الإصرار على تقرير المصير بالشروط التي تحددها، غير عابئة بالمستجدات والتطورات التي طرأت على ملف النزاع، والتي عبر عنها صراحة مجلس الأمن في عدة قرارات، دعا فيها الطرفين إلى التفاوض السلمي للتوصل إل حل سياسي متفاوض عليه ومقبول، ما يعني صراحة أن "التصورات" والصيغ القديمة لتسوية المشكل الصحراوي، باتت متجاوزة بفعل الزمن والتقادم. وعلى العكس من موقف الجبهة الداعية لانفصال الصحراء عن المغرب، أبدى هذا الأخير، مرونة بتليين المواقف التي دافع عنها في الماضي. وفي هذا السياق اقترح أطارا للتفاوض يتمثل في مقترح الحكم الذاتي الموسع للمحافظات الجنوبية التي استردها عام 1975 بعد خروج إسبانيا منها. ويتعزز موقف المغرب، على اعتبار أنه يعرض إطارا عاما للتفاوض، بشرط واحد هو عدم التخلي عن السيادة على أراضيه في الصحراء، أما الأمور التفصيلية الأخرى فلا يرى مانعا من وضعها على طاولة النقاش، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين أعرب عن استعداده لقبول جبهة البوليساريو، كمكون سياسيي إضافة إلى باقي المكونات والحساسيات الصحراوية التي يمكنها أن تتنافس فيما بينها طبقا لقواعد الديمقراطية المحلية. إلى ذلك يرى ملاحظون أنه قد يصعب على، روس، القيام بجولة ثالثة في دول المنطقة أي المغرب والجزائر وموريتانيا ثم مخيمات تندوف، لاستمزاج جديد للآراء والمواقف في الوقت الراهن ، وذلك بالنظر إلى عطلة فصل الصيف، التي تتزامن هذه السنة مع شهر رمضان. ويبدو أن الوسيط الأممي، يرتب لمعاودة نشاطه في الخريف المقبل. ولا يعرف أي شيء عن الصيغة الجديدة لتحريك جمود ملف الصحراء التي سيعرضها،روس،على الأطراف. وقد تكون محاولته الأخيرة قبل أن يلقي الأسلحة على غرار ما فعله الذين سبقوه في تحمل أعباء تلك الوساطة الصعبة. تجدر الإشارة إلى أن جبهة البوليساريو، فشلت في المدة الأخيرة في إقناع مجلس الأمن أثناء اجتماعه الأخير في شهر أبريل، بالموافقة على تمديد صلاحيات بعثة "المينورسو" المشرفة على تنفيذ وقف إطلاق النار المبرم بين الجانبين عام 1991، لكي تمتد إلى مراقبة مدى احترام حقوق الإنسان في المحافظات الصحراوية. وحاولت الجبهة ، من خلال ذلك المقترح ، القيام بعملية خلط للأوراق يزيد المشكل تعقيدا من خلال إسناد مهام إضافية إلى بعثة الميتورسو، غير المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار. وعارض المغرب ذلك التوجه لانفرادي لأنه يقتضي من وجهة نظره تفاوضا جديدا. يذكر أن أفواجا من الصحراويين، غادروا مخيمات تندوف في الأشهر الأخيرة ، وعادوا إلى المغرب. وعلى الرغم من أن تلك العودة، تلقي أعباء إنسانية على المغرب، فإنه مرتاح لهذا النزوح المتكرر من المخيمات التي يصفها ب "السجن الكبير" ويعتبرها بداية النهاية.