تصاعدت حدة الجدل في تونس في شأن مواقف أدلى بها زعيم حركة «النهضة» الإسلامية راشد الغنوشي في اجتماع مع قادة سلفيين في شأن استمرار سيطرة «العلمانيين» على أجهزة الدولة، بما في ذلك مؤسسة الجيش التي ردت بتأكيد «التزام الحياد» بين التيارات السياسية في البلاد. ولكن في حين تمسك الغنوشي بموافقه الواردة في شريط الفيديو الذي تسرب على شبكة الانترنت، قائلاً إن لقاءه مع السلفيين تم تصويره بمعرفته ولكنه تعرّض للإجتزاء بهدف «دق إسفين» بين «النهضة» والجيش، طالب 75 من نواب المعارضة في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) بحل «النهضة» بسبب ما أسموه «تآمرها عى مدنية الدولة». ونشرت الحركة على موقعها الرسمي تصريحات أدلى بها الغنوشي ليل أول من أمس للقناة الوطنية الأولى أكد فيها أن شريط الفيديو لم يكن مفبركاً «بل أعيد تركيبه... التصوير كان بعلمي وموافقتي ولا توجد كاميرا خفية ولا سرية». وقال إنه «ينبغي تجنّب التهويل وعدم إيجاد مناخات غير صحية في البلاد تؤدي إلى إخراج أية كلمة من سياقها الصحيح... كفانا شيطنة لبعضنا البعض ويجب على جرحى الانتخابات أن يقبلوا بنتائجها وليداووا أنفسهم، وعلى التجمع البائد (التجمع الدستوري) أن يقوم بنقد ذاتي وأن يتطهر ويتصالح مع الشعب». وبعدما قال إن «النهضة وصلت للحكم عن طريق انتخابات حقيقية»، أوضح: «قلت للشباب السلفيين الذين طلبوا لقائي إنه يجب عليهم الاندراج ضمن الشرعية والتمتع بجو الحرية المتاح في البلاد ومن أراد أن ينشئ حزباً أو جريدة أو إذاعة أو جمعية فله ذلك بدل المواجهة مع الدولة». وتابع: «في تونس لدينا علمانية متطرفة تسعى إلى الصدام والمواجهة معنا، وتوجد تيارات علمانية معتدلة قبلنا بها في الحكومة التي استطاعت الجمع بينهم وبين الإسلاميين المعتدلين... النهضة لا تحتكر الإسلام بدليل ان هناك من يكفّرها... لقد شرحت للشباب السلفي انه يجب عليهم عدم الاستهانة بقوة الدولة والتعقل والتبصّر والتعلم من دروس الماضي التي اندفع فيها من قبلهم من إسلاميين ويساريين ودفعوا اثماناً غالية جداً». وتابع أن «من قام بتجزئة الشريط أراد دق إسفين بين أحزاب الترويكا (النهضة والتكتل والمؤتمر) وبين مكونات المجلس التأسيسي وبين الإسلاميين والعلمانيين وبين النهضة والجيش... فبركة الفيديو كانت في اجتزاء مقاطع محددة منه وإخراجها عن سياقها في الوقت الذي كان الفيديو يدعو إلى التعقل وإلى الاندراج ضمن الشرعية». وأوردت وكالة «فرانس برس» أن 75 من اصل 217 من اعضاء المجلس التأسيسي وقعوا عريضة دعوا فيها الى «حل» حركة النهضة «قانونياً» بسبب «تآمرها على مدنية الدولة». وذكرت أن نواباً من المعارضة طالبوا رئيس المجلس مصطفى بن جعفر بعقد جلسة عامة استثنائية لبحث الكلام «الخطير» للغنوشي. كما أوردت أن المحامي حاتم فرحات أعلن رفع دعوى قضائية في المحكمة الابتدائية بولاية المهدية (وسط شرقي تونس) ضد الغنوشي بتهمة «التآمر على أمن الدولة الداخلي»، قائلاً إنه «يهدد الإنتقال الديموقراطي في البلاد، ومدنية الدولة، والسلم والأمن الاجتماعيين». وفي هذا الاطار، أعلنت وزارة الدفاع التونسية في بيان على موقعها في شبكة الانترنت: «بالنظر إلى ما تتداوله مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، وكذلك شبكات التواصل الاجتماعي وبعض الأطراف بخصوص المؤسسة العسكرية، فإن وزارة الدفاع الوطني تؤكد للمرة الألف أن المؤسسة العسكرية التونسية باقية وستبقى ملتزمة الحياد التام وتقف على المسافة نفسها من كل الأحزاب ومكونات الطيف السياسي بالبلاد وبعيدة كل البعد عن التجاذبات والمزايدات السياسية».