قال راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تونس، في شريط فيديو نادر، إن المؤسستين العسكرية والأمنية في تونس «غير مضمونتين»، محذرا السلفيي ن في بلاده من أن المكاسب التي تحققت لهم منذ وصول النهضة إلى الحكم «قابلة للتراجع» مثلما حصل مع إسلاميي الجزائر خلال تسعينات القرن الماضي. ويتضمن شريط الفيديو تسجيلا، بهاتف محمول على ما يبدو، للقاء جمع بمقر حركة النهضة قيادات سلفية بالغنوشي، الذي يرجح أنه لم يكن على علم بالتسجيل. وقال الغنوشي في الشريط: «صحيح إن الفئات العلمانية في هذه البلاد لم تحصل على الأغلبية» في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، لكن «الإعلام والاقتصاد والإدارة التونسية بيدهم (..) بيدهم الجيش، الجيش ليس مضمونا، والشرطة ليست مضمونة (..) أركان الدولة مازالت بيدهم». وهذه أول مرة يقول فيها راشد الغنوشي، الذي سبق له الإشادة بحيادية المؤسسة العسكرية التونسية، إن جيش بلاده «غير مضمون». في المقابل قال الغنوشي: «الآن، ليس لنا جامع (فقط) بل لدينا وزارة الشؤون الدينية، (..) عندنا الدولة (..) أنا أقول للشباب السلفي (..) المساجد بأيدينا درسوا (فيها) متى شئتم (..) استدعوا الدعاة من كل مكان (..) المفروض أن نملأ البلاد بالجمعيات (الدينية) وننشئ المدارس (القرآنية) في كل مكان لأن الناس لا تزال جاهلة بالإسلام». وأضاف: «نحن اكتسبنا يا إخواننا في سنة واحدة شيئا عظيما وهذا الشيء العظيم ليس مكسبا نهائيا وثابتا»، مذكرا بتجربة الإسلاميين الجزائريين خلال تسعينات القرن الماضي. وتساءل مخاطبا السلفيين: «هل تظنون أن ما تحقق لكم غير قابل للتراجع فيه؟ هكذا كنا نظن عندما كنا في الجزائر سنة 1991 وظهورنا ساخنة (محمية)، كنا نظن أن الجزائر أقلعت ووصلت إلى نقطة اللاعودة، لكن تبين أن ذلك كان تقديرا خاطئا، فقد عدنا إلى الوراء وأصبحت المساجد تحت سيطرة العلمانيين من جديد والإسلاميون مطاردين. ألا يمكن أن يحصل هذا في بلادنا؟» فأجابه الحاضرون بنعم. وقال إن «النخبة العلمانية في تونس أقوى منها في الجزائر، والإسلام الجزائري أقوى من الإسلام التونسي ومع ذلك تم التراجع في الجزائر». من جهتها، أصدرت حركة النهضة بيانًا ردت فيه على الانتقادات التي طالت رئيسها بعد تسريب الشريط، قائلة إن كلام الغنوشي «أخرج من سياقه وتركيبه». وقال بيان صادر عن رئيس المحكمة السياسي للحركة، عامر العريض: «نشرت جهة مجهولة شريطًا تضمن فقرات متقطعة ومركبة من كلام رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي». وحسب البيان، فإن الشريط مأخوذ من مداخلة للغنوشي أمام مجموعة من الشباب السلفي في شهر فبراير الماضي، خلال المناقشات الدائرة حول الفصل الأول من الدستور، «وتركز حول محاولة إقناع الجميع بالتزام العمل القانوني والمدني والتعايش السلمي وتبصيرهم بالتحديات والصعوبات المختلفة، وتجنب الاستقطاب أو تقسيم المجتمع». وتابع البيان: «لقد تم إخراج جمل وفقرات عن سياقها وتركيبها؛ مما حرف معانيها، وهذا سلوك وعودة إلى الأساليب البالية للتشويه».