التنسيق النقابي بقطاع الصحة يلوّح ب"التصعيد" ويدق ناقوس الخطر محذراً من "انفجار الوضع"    "أگورا الحقوق والتعبيرات الثقافية".. بوعياش تدعو إلى وضع استراتيجية وطنية متكاملة لحماية التعبيرات الثقافية وإلى النهوض بإدماجها في الدورة الاقتصادية    المغرب يشارك في احتفالات الذكرى الستين لاستقلال غامبيا بوفد عسكري رفيع المستوى    جلالة الملك محمد السادس يواصل التأهيل الوظيفي بعد عملية الكتف    الحزب الثوري المؤسساتي المكسيكي يعرب عن «تضامنه مع النضال المشروع» للمغرب في الدفاع عن سيادته على صحرائه    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    عرض منتوجات بخسة للبيع على مواقع التواصل الاجتماعي يطرح أسئلة السلامة وحفظ الصحة . .إتلاف أكثر من طنّ من المواد الغذائية الفاسدة في درب السلطان بالدار البيضاء    «مول الحوت» يستأنف نشاطه بعد تدخل والي مراكش    المغرب يستثمر 29 مليار درهم في 168 قطارا جديدا لتعزيز شبكة السكك الحديدية بحلول 2030    إسرائيل تعلن عزمها تطبيق قيود أمنية في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان    حذر من إلغاءها في حالة عدم تلقي جواب . .فرنسا تمهل الجزائر شهرا إلى ستة أسابيع لمراجعة جميع الاتفاقيات معها وعلى رأسها اتفاقية الهجرة    استئناف المناقشات بشأن المرحلة الثانية من الهدنة في قطاع غزة    الدوري التركي.. فنربخشة والعملاق الصيني (بي واي دي) يوقعان عقد رعاية بقيمة 75 مليون دولار    شمس الدين طالبي يتوج بجائزة "لاعب الشهر" في كلوب بروج    باتشوكا المكسيكي يعلن تمديد عقد أسامة الإدريسي إلى غاية 2028    رحيمي ثالث أغلى لاعبي الدوري الإماراتي    أخبار الساحة    «طاس» تؤكد انتصار نهضة بركان على اتحاد الجزائر وتصدر حكمها في قضية القمصان    إحباط تهريب 53 ألف قرص هلوسة عبر ميناء بني نصار    اعتقال تاجر سلاح تركي مطلوب دوليا في مطار الدار البيضاء    "نصاب" في الرباط يقنع متابعيه في فايسبوك بجمع المال بهدف بناء محطة بنزين واقتسام الأرباح!    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة بالمغرب    كيوسك الجمعة | البنك الدولي يجدد التزامه بدعم المغرب في تنظيم المونديال    وزارة الأوقاف تُعلن عن تعليق الدروس الحسنية    تحضيرات مكثفة لاستقبال رمضان.. المطاعم والمخابز ترفع وتيرة العمل    في الحاجة إلى مثقف قلق    في بلاغ توضيحي لأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب: أغلبية الأعضاء قدموا اقتراحات لحل الأزمة، لكن الرئيس المنتهية ولايته لم يأل جهدا لإجهاضها    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    الصحراء المغربية.. شيوخ وأعيان القبائل الصحراوية يشيدون بدينامية الدعم الدولي لمخطط الحكم الذاتي    الصين تعتزم رفع القدرة المركبة لتوليد الطاقة إلى أكثر من 3,6 مليار كيلوواط في 2025    الرقم الاستدلالي للأثمان عند الإنتاج الصناعي والطاقي والمعدني خلال شهر يناير 2025.. النقاط الرئيسية في مذكرة المندوبية السامية للتخطيط    المياه الراكدة    إعفاء المدير العام لطنجة المتوسط جراء قيامه بأنشطة تتعارض مع مسؤولياته الرسمية    في لقاء تاريخي بالجديدة.. عزيز أخنوش يلتقي بمناضلي حزبه ويستعرض أهم إنجازات ومشاريع الحكومة    حادث دهس خطير وسط طنجة: سيارة مسرعة تدهس شخصًا والسائق يلوذ بالفرار    إقصائيات مونديال 2026 .. الأسود يواجهون النيجر وتنزانيا في وجدة    بنسعيد وقطبي يفتتحان متحف ذاكرة البيضاء لاستكشاف تاريخ المدينة    ندوة تلامس النهوض باللغة العربية    السعدي يطلق السنة الدولية للتعاونيات بشعار "المغرب في قلب الحدث"    بابا يرجح كفة الجديدي على تواركة    بسبب مواصلته عملية التأهيل.. أنشطة الملك محمد السادس ستخضع لإعادة النظر خلال رمضان    تركيا.. أوجلان يوجه دعوة لحل حزب العمال الانفصالي وإلقاء السلاح    فرنسا تؤكد أن طلبها مراجعة اتفاقيات الهجرة مع الجزائر هو "يد ممدودة"    أكادير تحتضن أشغال اجتماع التخطيط النهائي لتمرين "الأسد الإفريقي 2025"    المغاربة يعبرون عن ارتياحهم بعد قرار إلغاء شعيرة ذبح الأضحية لهذه السنة    الملك يزيح العبء عن الأسر المغربية .. وأسعار الأكباش تنكمش بألف درهم    أخنوش ينوّه بمضمون الرسالة الملكية حول عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد    العثور على الممثل الأمريكي جين هاكمان وزوجته وكلبهما ميتين في منزلهما    العثور على الممثل جين هاكمان جثة هامدة في نيو مكسيكو    "حضن الفراشة" .. سلاح فتاك لمواجهة التوترات النفسية    غاستون باشلار : إنشاد صامت    مراوحة الميتافيزيقا عند نيتشه وهيدجر بين الانهاء والاكتمال    بنزاكور يقدم "عملاق من الريف"    شبكة صحية تدعو إلى تكثيف الحملات التطعيمية ضد "بوحمرون"    بعد مليلية.. مخاوف من تسلل "بوحمرون" إلى سبتة    متى تحتاج حالات "النسيان" إلى القيام باستشارة الطبيب؟    دراسة علمية تكشف تفاصيل فيروس جديد لدى الخفافيش وخبير يطمئن المواطنين عبر "رسالة24"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد كريشان – "القدس العربي": تشويه صورة تونس
نشر في مغارب كم يوم 19 - 09 - 2012

أحداث العنف والتخريب والسرقة التي طالت مبنى السفارة الأمريكية، يعد تشويها للصورة الجميلة للثورة التونسية في العالم'... هذا ما قاله مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي في تونس وهو يعاين الأضرار التي لحقت بالمبنى الجمعة الماضية. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تخدش فيها صورة البلاد وتشوه، لكنها بالتأكيد المرة الأوضح والأقسى. ظل المسؤولون في الحكومة التونسية يكابرون طوال الأشهر الماضية بالقول إن صورة تونس في الخارج جيدة، عكس ما يروجه معارضوها في الداخل إلى أن حصل ما حصل للسفارة الأمريكية ومدرستها الملحقة من تخريب وحرق ونهب، ستدفع تونس المنهكة اقتصاديا تكاليفه بالكامل، وإلى أن رأينا 'المدافعين عن الإسلام ورسول الله' يخرجون محملين بكومبيوترات السفارة! صورة تذكر بالهمجية والاستباحة التي عرفتها بغداد في نيسان (أبريل) 2003 بعد سقوط النظام واحتلال البلد.
ما حصل في تونس الجمعة الماضية نتيجة طبيعية لتراجع هيبة الدولة وضياع سلطتها، بفعل الحسابات السياسية الخاطئة - لحركة النهضة بالدرجة الأولى والمتحالفين معها في الحكم بالدرجة الثانية - التي جعلتهم لأشهر متسامحين أو مجاملين أو متواطئين تجاه المد السلفي العنيف في البلاد. هذا التيار السلفي، الذي أرعب الجميع واعتدى على كثيرين في بلد سياحي لا يتحمل ذلك، يجد اليوم من قادة حركة النهضة من يدافع عنه ويبرر له، مع أنه تحدى الجميع واستهزأ بالحكومة التي باتت أجهزتها عاجزة حتى عن مجرد اعتقال المحرضين من زعمائه.
الأدهى أن المتهمين في كثير من حالات العنف والفوضى التي تورط فيها هذا التيار الهائج من دون كوابح ولا رادع يُعتقلون ثم يطلق سراحهم من دون أن يفهم أحد شيئا!
التونسيون طبعا يكرهون القمع والظلم، ولكنهم يرفضون غياب الأمن وميوعة الأجهزة، خاصة عندما يقدم وزير داخليتها تبريرات مضحكة للفشل في التصدي لمئات المتظاهرين امام السفارة الأمريكية. وعوض أن تتخلى الحكومة التونسية ووزراؤها عن مكابرتها ولجوئها الدائم، بمناسبة وبدون مناسبة، للحديث عن الثورة المضادة نراها الآن عاجزة عن استخلاص ما يجب استخلاصه من تغول التيار السلفي وتطاوله على الجميع، فوزير السياحة التونسي مثلا وصف قرار واشنطن بإجلاء 128 من موظفيها غير الأساسيين من تونس ب'المبالغ فيه بعض الشيء' معربا عن أسفه لوضع واشنطن كلا من تونس والسودان في نفس الدرجة، عندما طلبت من رعاياها عدم التوجه إلى هذين البلدين.
لم يسأل هذا الوزير ولا حكومته كيف أوصلوا هم تونس إلى هذا المستوى، ولا كيف أصبحت هذه الحكومة ووزراؤها يتعاملون مع البلاد بمنطق الغنيمة ولا كيف أخذتهم العزة بالسلطة فسال لعابهم ودخلوا في صراعات مفتوحة مع الصحافيين والقضاة والجامعيين والفنانين، كل القوى المدنية تقريبا، حتى صارت المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان، التي لطالما تصدت لنظام بن علي وممارساته، تجد نفسها الآن في نفس الموقع السابق مع حكومة تفتخر بأنها شرعية وتعتزم البقاء في الحكم لسنوات.
هذا الوضع يزداد سوءا بتفاقم حيرة التونسيين تجاه المستقبل، فشرعية المجلس الوطني المناط به مهمة إعداد الدستور الجديد للبلاد تنتهي في الثالث والعشرين من تشرين الاول (أكتوبر) المقبل، ومع ذلك لا الدستور أطل ولا الناس تعرف متى ستجري الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. كل هذا والحكومة مزهوة بنفسها ولا ترى في أعمالها إلا كل سداد، رغم بعض الفضائح التي طالت هنا أو هناك بعض وزرائها وإبداع بعضهم في توتير الأجواء وتأليب الرأي العام على الحكومة إلى حد لعن الثورة التي جاءت بأمثال هؤلاء إلى الحكم.
تونس في مفترق طرق خطير فإما أن تتخلى حكومتها عن عجرفتها وتعمل على إنهاء التسيب الأمني وقطع دابر مظاهر التطرف الديني المقيت وإطلاق حوار مع الجميع للتوصل إلى وفاق وطني شامل يحدد خارطة الطريق المقبلة في كنف التسامح وصون التعددية والحريات، وإما فالبلاد برمتها ذاهبة إلى الارتطام بجدار سميك... وما حادثة السفارة الأمريكية سوى بداية خبط الجبين على هذا الجدار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.