رغم الاعتداء الإرهابي الذي استهدف فريقا من حرس الحدود العاملين قرب الأراضي المغربية، إلا أن مركز العمليات الأمنية ما يزال منحصرا في ولايات القبائل، مع تسجيل عودة التوترات الأمنية بقوة إلى ولاية البويرة. وتغيب عن رمضان الجاري، في سابقة أمنية، العمليات الانتحارية التي كانت ميزة نفس الشهر من العام الماضي، بتفجيرات ''نوعية'' في قلب تيزي وزو والأكاديمية العسكرية في شرشال. افتقدت الأسلاك الأمنية في الأيام العشر الأولى من رمضان لجهود الحرس البلدي في مهام مكافحة الإرهاب، بسبب اعتصامهم في بوفاريك لأيام والحالة النفسية الصعبة لكثير منهم قياسا للموقف السلبي من السلطات إزاء مطالبهم، وبقدر ما غاب تأثير هذا الغياب في عدد من الولايات، فإن أثاره كانت واضحة في ولاية البويرة التي عادت لتشهد عمليات إرهابية في عز شهر رمضان، مما جعلها تلحق برأسي القائمة ولايتا تيزي وزو وبومرداس. وإن تبدو الوضعية الأمنية في نوع من الإستقرار، فإنه ولأول مرة منذ بداية تصاعد منحى التوتر الأمني في البلاد، تتفق تحليلات أن تراجع وتيرة العمليات الإرهابية مرده ضعف التنظيم وليس خياره ''التواري'' إلى غاية تقلص الصرامة الأمنية، وشائع أن الجماعات الإرهابية تصر على تنفيذ عمليات مهما كان نوعها خلال شهر رمضان وبالخصوص في العشر الأواخر. ويعتقد أن التنظيم فقد قدرته على إعادة هيكلة توزيعه عبر المناطق، بوجود إمارة قوية في الساحل الإفريقي، لذلك تغيب أنباء عن رصد محاولات ترتيب الأوراق على شاكلة هيمنة تيار ''القادة الميدانيين'' الذين كسبوا خبرة وتكوينا عسكريا أمام تراجع ''التيار الشرعي''، بل أن تنظيم ''القاعدة'' لم يسارع لإعلان خليفة الإرهابي ''تاجر زهير'' أمير بلدية ''لقاطة'' ولاية بومرداس، الذي قضي عليه عشية رمضان، وهو شقيق الإرهابي ''تاجر محمد'' المدعو ''موح جاك'' الذي كان مختصا في الاختطافات على مستوى المنطقة قبل القضاء عليه قبل أربع سنوات. وسجلت ولاية البويرة عمليات إرهابية متفرقة في الأيام الأخيرة فاقت المعدل الذي عرفته الولاية في السنوات الأخيرة، وكذلك بومرداس في الأسبوع الأول من رمضان بالخصوص. وما حادثة مقتل شرطي ووالده وإصابة شقيقه بجراح متفاوتة في برج منايل إلا دليل عن حجم الإحباط على مستوى عمليات التنظيم. ونفس الأمر في تيزي وزو بتباين العمليات بين محاولات خطف أثرياء وتجار. وقد سجلت الولاية أيضا إصابة أربعة جنود بجروح في هجوم نفّذته مجموعة بالقرب من قرية ''أسوماثن'' ببلدية ''أزفون'' ، فيما تمكنت قوات الجيش من القضاء على إرهابي بمخرج مدينة عزازقة، الواقعة على نحو 40 كلم شرق مدينة تيزي وزو. ويطرح الهجوم الذي نفّذته جماعة إرهابية على دورية لحرس الحدود الأسبوع الماضي على الحدود مع المغرب، أكثر من سؤال حول هوية الجهة المنفذة وإن كانت فعلا جماعة إرهابية أو مافيا التهريب، وهل العملية في ذلك الموقع هدفها التمهيد لخلق بؤرة جديدة على الحدود؟ وخارج دائرة المعاقل التقليدية حيث تدور ''الحرب على الإرهاب''، سجل الشريط الفاصل بين ولايتي تبسة وخنشلة في رمضان الجاري، حضوره في خارطة التوترات الأمنية. وتفيد أنباء من المنطقة عن عمليات عسكرية مستمرة ليل نهار في المناطق الجبلية الفاصلة بين الولايتين. *تعليق الصورة: حرس الحدود الجزائري