أثار الرئيس الفرنسي السابق٬ نيكولا ساركوزي٬ جدلا في أوساط الطبقة السياسية الفرنسية حين انتقد ضمنيا عدم تحرك الرئيس الحالي٬ فرانسوا هولاند٬ حيال القضية السورية. وأثار ساركوزي أوجه التشابه بين هذا الموقف وموقف بلاده السابق حيال ليبيا حين تزعمت فرنسا الجبهة المناهضة للقذافي. وكان ساركوزي ورئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا قد قالا٬ في بيان صدر الثلاثاء الماضي٬ إنهما تحادثا خلال نحو أربعين دقيقة حول الوضع في سورية. ودعا ساركوزي وسيدا إلى ضرورة "تحرك سريع من لدن المجتمع الدولي لتفادي وقوع مجازر"٬ مشيرين٬ في هذا الصدد٬ إلى "أوجه شبه كبيرة (للأزمة السورية) مع الأزمة الليبية" التي شهدت تدخلا عسكريا دوليا في 2011 كانت فرنسا في مقدمته، وفق وكالة الأنباء المغربية. وتلقفت العائلة السياسية لساركوزي (الاتحاد من أجل حركة شعبية) تصريحات الرئيس السابق في عز العطلة الصيفية٬ لا سيما وأنها لا تكف عن انتقاد نقص فاعلية الدبلوماسية الفرنسية في التعامل مع الأزمة السورية. وفي هذا الصدد٬ اعتبر الكاتب الوطني للاتحاد٬ فيليب جوفان٬ أن "هولاند لا يمكنه أن يقوم بأقل مما فعله ساركوزي. على فرنسا أن تتدخل عسكريا لوقف المذابح في سورية"٬ متحدثا عن "انتظارية قاتلة" من جانب رئيس الدولة. وأضاف "يقال لنا إنه لابد من الحصول على تفويض من مجلس الأمن. غير أن فرنسا التي تترأس المجلس لم تكن أبدا أحسن حالا مما هي عليه الآن للحصول على هذا التفويض"٬ مؤكدا أنه حتى في حال عدم حصولها على هذا التفويض فإنه بإمكانها أن "تتجاوزه" وأن "تتصرف إلى جانب تركيا والجامعة العربية". وأشادت الوزيرة السابقة٬ خلال فترة ولاية ساركوزي٬ نادين مورانو٬ عبر تويتر٬ بدينامية الرئيس السابق في عز شهر غشت قائلة "هولاند في عطلة٬ وساركوزي أيضا٬ غير أن الأخير فاعل كالعادة في اهتمامه بالملف السوري٬ كما كان شأنه سنة 2008 مع (ملف) جورجيا"٬ وهي الأزمة التي اندلعت بدورها في شهر غشت. وإذا لم يكن ثمة ما يلزم رئيسا سابقا بواجب التحفظ٬ فإن الحزب الاشتراكي أدان٬ على لسان كاتبه الوطني٬ جون كريستوف كومباديلي٬ ما وصفه بالخرجة "غير الملائمة وغير اللبقة" من جانب ساركوزي. وقال المسؤول الاشتراكي "هذا يدل٬ إن كان الأمر يحتاج إلى دليل٬ على أن ساركوزي يرغب في أن يظل فاعلا وحاضرا في قيادة (الاتحاد من أجل حركة شعبية)"٬ مؤكدا٬ بالمقابل٬ أن فرنسا توجد في "طليعة داعمي الثورة السورية". وأثارت تصريحات ساركوزي٬ داخل الحكومة الفرنسية٬ استياء وزير الخارجية٬ لوران فابيوس٬ الذي قال إنه "كان يتوقع موقفا آخر من طرف رئيس سابق"٬ مؤكدا أن "الوضع في سورية٬ في جوهره٬ مختلف جدا عما كان عليه الوضع في ليبيا". وقال فابيوس٬ في حوار مع صحيفة (لوباريزيان) نشر اليوم الخميس٬ "من وجهة نظر جيو-استراتيجية٬ فإن سورية محاطة٬ مثلما هو معلوم٬ بالعراق ولبنان (مع ما لذلك من انعكاسات على إسرائيل) وتركيا والأردن"٬ مضيفا أن "الأوضاع العسكرية مختلفة تماما لأن لدى سورية مخزونات كبيرة من الأسلحة وخصوصا الكيميائية منها". واعتبر بالتالي أن "التباينات واضحة (بهذا الخصوص) إلى حد أنه لم تطلب أي دولة٬ أو تعرب عن الأمل في القيام بتدخل عسكري (...)"٬ معربا عن استغرابه أن يصدر عن جهة مارست مسؤوليات هامة "تحليل متسرع بهذا الشكل". *تعليق الصورة: الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.