كافح الشعب الجزائري منذ احتلال فرنسا لأراضيه العام 1830 كفاحاً شرساً ومتصلاً، حتى نال استقلاله عام 1962. وخلال ذلك خاض الفرنسيون حرباً شرسة لإخضاع التراب الجزائري للسيادة الفرنسية، فحصدوا أرواح أكثر من مليوني جزائري خلال سنوات الاحتلال الأولى، باعتراف وزير الحرب الفرنسي الجنرال برنار، في شرحه للأسباب الموجبة لتشريع قانون 24 شباط (فبراير) 1833، حين قال: «يجب أن ندخل في الحساب كل شيء، حتى إبادة السكان المحليين، فلربما كان الحرق والهدم وتخريب الزراعة، الوسائل الوحيدة لتثبيت سيطرتنا». ارسلت فرنسا في عهد نابليون بونابرت في العام 1808 وفداً علمياً لمسح الأراضي الجزائرية وإمكانات الجزائر، فكتب وصفاً للجزائر يساهم في التمهيد لاحتلالها واستنزافها، ما يذكرنا بكتاب «وصف مصر». كتاب «وصف الجزائر»، لم يترجم إلى الآن إلى العربية. في ثورة 1864، وهي الثورة الثالثة بعد الاحتلال، قاد سي سليمان حركة مقاومة من الجنوب، فتحرك الجنرال بوبريت، وفي الطريق كمن له الثوار، وقضوا عليه هو وجنود الحملة وضباطها وعلى رأسهم الجنرال بوبريت. كان القائد الفرنسي يرقد غارقاً في دمائه ويلفظ أنفاسه الأخيرة، وقبيل أن تخمد أنفاسه أطلق الرصاص على سي سليمان، فخلفه في القيادة شقيقه سي الأزرق. وكان لهذه المعركة دويها الهائل في كل من الجزائروفرنسا. جن جنون نابليون الثالث الذي أرسل قوة حربية استمرت عشرين عاماً في معارك مع الثوار المسلحين بأسلحة قديمة، وبأخرى استولوا عليها من الجنود الفرنسيين، حتى قضوا على تلك الثورة في العام 1884. ترك الجزائريون بمقاومتهم وتمسكهم أثراً كبيراً في الأدب الفرنسي، حتى كتب الشاعر الفرنسي جاك دي بوا، قصيدة شهيرة عن شمال إفريقيا يقول فيها: "باسمك يا شمال افريقيا/ أي كل البلاد التي لا تقهر/ لا البطش يا شمال افريقيا/ ولا القواعد العسكرية/ لا المدن التي نسفت في وحشية/ ولا الدماء التي تسيل بلا توقف/ كل هذا يا شمال افريقيا/ لن يقتل فيك الاندفاع الحار".